تتضح الخطة الامريكية شيئا فشيئا مع تقدم الوقت واللقاءات المكثفة التي يجريها جيسون غرينبلات وطاقمه في المنطقة لرسم خارطة ما لأطلاق مفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين وتهيئة كافة الاجواء لذلك, على ما يبدو ان الادارة الامريكية اصبحت مقتنعة اليوم اكثر من اي وقت مضي انه لا معني لتطبيع عربي اسرائيلي بعلاقات متعددة دون تقدم فعلى على المسار الفلسطيني الاسرائيلي , لذلك تدور منذ انتهاء زيارة ترامب للمنطقة كثافة اتصالات امريكية فلسطينية اسرائيلية لم يكشف الاعن بعضها والباقي قد يكون يدور ضمن اتصالات سرية جدا , والمهم هنا اننا على قناعة بان هذه الاتصالات في مجملها تسعي لتهيئة الاجواء على الارض وترتيبها من خلال بعض التسهيلات التي تقدمها الحكومة الاسرائيلية للفلسطينيين لاستعادة ثقة الجانبين في العملية التفاوضية , وفي غمار كل هذا بات السؤال هل ستشهد الايام القادمة نجاحا امريكيا ما في اطار عقد لقاء قمة ثلاثي يجمع نتنياهو وابو مازن في حضرة الرئيس ترامب .؟
اتوقع ان تسعي الإدارة الامريكية الان جديا لترتيب مثل هذا القمة وخاصة ان الدول العربية المحورية اي ما كانت تسمي الرباعية العربية تشجع على ذلك بل وتدفع باتجاه قبول ابو مازن لقاء نتنياهو في واشنطن دون شروط, الادارة الامريكية تعرف انه لابد من شيء مهم تخرج به اثر نجاحها بترتيب لقاء ابو مازن نتنياهو القادم وهو اعلان وثيقة مبادئ امريكية يوقع عليها الطرفان تأذن بتدشين مسارات تفاوضية و مسارات تطبيع عربي اسرائيلي بالجانب المقابل ,ومع ذلك يتولد نوع من الاثارة في التعرف على شكل وثيقة المبادئ ومعرفة ما هي الاسس التي سوف تستند اليها هذه الوثيقة , وهل تتضمن الوثيقة مطبات يخشي من وقوع الفلسطينيين فيها , وهل ستعتمد الوثيقة مبدأ حل الدولتين ,وهل سيشارك الفلسطينيين والإسرائيليين في اعداد هذه الوثيقة.., كل هذه اسئلة مشروعة ينبغي الاهتمام بالحصول على اجابات لها في اطار هذا المقال لان الوثيقة التي سيتم الاعلان عنها في القريب ستكون بالغة الاهمية ويمكن على اساسها الحكم على عملية السلام بالمجمل اذا ما كانت ستصل الى نتائج معقولة و بالتالي ينتهي الصراع الطويل او ان تدخل الصراع في مرحلة جديدة وما حدث يكون فقط زحزحة الفلسطينيين عن مواقفهم والحصول على تنازلات تحت دواعي الضرورات الاقليمية .
اذا بنيت وثيقة المبادئ الامريكية على اساس مبادرة السلام العربية وعلى اساس قرارات الشرعية الدولية وقرار مجلس الامن 2334 وعلى اساس مبدأ حل الدولتين وليس على متطلبات الخطة الامريكية والمسار الامني لإسرائيل وخطة "الين وحدها" التي اعدها الجنرال الامريكي جون الين الجنرال الامريكي السابق في قوات المارينز الامريكية وايضا الانحياز الكامل في طرح قضايا الحل النهائي لإسرائيل فان هذا يعتبر من اخطر ما ينتظر الفلسطينيين ,انه الفخ الأمريكي الكبير الذي سيضع رقبة الفلسطينيين بين اقواسه وبالتالي يصبح الفلسطينيين غير قادرين على الانفلات منه او الانعتاق من الضغط العربي باتجاه قبول الحلول الامريكية للصراع حتى لا يفسد ذلك الصفقة الكبرى التي يجهز لها ترامب مع العرب, لعل الفخ الامريكي الذي بتنا نخشاه هو القبول بالتفاوض غير مرتبط بجدول زمني ودون اسس شرعية تنهي الاحتلال ودون اعتراف واشنطن واسرائيل بالحقوق الفلسطينية كاملة وخاصة الحق في دولة مستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس العربية على حدود العام 1967 , وبالتالي يتفاوض الفلسطينيون و الإسرائيليين وعلى حلول مؤقته واقتصادية و امنية مع بقاء الاحتلال قائما والاستيطان مستمر والتهويد يتسارع والقتل والتدمير والهدم سيد الوقف .
لا يمكن ان يعدل الامريكان في التعامل مع اطراف الصراع ,الفلسطينيين والإسرائيليين حتى ولو اصبح كل الذهب العربي في خزائن امريكا مقابل عدالتهم لما عدلوا او كانوا على مسافة واحدة بين الطرفين وغيروا صورة امريكا في اذهان الملايين من ابناء العالم الاسلامي والعربي ,لهذا فان الفلسطينيين اليوم مطالبون الا يضعوا كل شيء بين يدي ترامب وحتى العرب و عليهم الحذر الا متناهي من الفخ الامريكي و القبول باي شيء واي وثيقة مبادئ لابد وان يبقي موقفهم من كل شيء واضح وذلك بالالتزام بالمبادئ الفلسطينية كاطار لحل الصراع والقبول بالتفاوض لأنهائه على اساس مبادرة السلام دون تغير او تعديل حتى يتفادى الفلسطينيين فخاً امريكيا ومواجهة محتملة مع العرب, ولعل الموقف الفلسطيني وصلابته هي التي تجبر الامريكان في النهاية لعدالة المسعي والتدخل في الصراع والالتزام بحل كافة قضاياه على اساس قرارات الشرعية الدولية واولها اللاجئين والقدس والحدود والمياه وانهاء الاحتلال الاسرائيلي في اراضي العام 1967 واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة والقابلة للحياة وعاصمتها القدس العربية.