بدأ يحيى السينوار، قائد حماس في محافظات الجنوب زيارة للقاهرة مساء الأحد الماضي، هي الأولى له منذ خروجه من السجن الإسرائيلي في اعقاب صفقة شاليط على رأس وفد قيادي ضم كل من:خليل الحية، نائبه، وتوفيق ابو نعيم، مسؤول الأمن الداخلي في حماس، بالإضافة لكوادر قيادية اخرى. ويمكن الإفتراض ان الزيارة جاءت تلبية لحاجة الفريقين الحمساوي والمصري. لا سيما وان قيادات الحركة الممسكة بزمام مراكز القرار فيها، تبحث عن نافذة لإحداث إختراق في التواصل مع جهاز المخابرات المصرية، حرصا منها على تحقيق إنفراج ما في العلاقة الثنائية المشتركة. مع ان قيادات حركة حماس المتعاقبة في زياراتها للقاهرة حتى اللحظة الراهنة لم تجب على العديد من الإسئلة، التي طرحتها عليها قيادة المخابرات المصرية، اضف إلى انها لم تفِ بالوعود، التي قطعتها تجاه الأشخاص المشبوهين والمتورطين في عمليات إرهابية، ومازالوا يقيموا في القطاع. وهناك ملفات أمنية طلبت مصر إجابات عليها، ايضا لم يحدث حتى الآن اي جديد فيها، لإن حماس مازالت تراوغ وتسوف وتنكر علاقتها او معرفتها بما تطرحه الجهات المصرية.
اما القيادة المصرية المقصود قيادة جهاز المخابرات، فهي التي حددت موعد الزيارة وشخوص الوفد الحمساوي. وحتى لا يساء الفهم، اي بتعبير آخر القيادة المصرية، هي من إستدعى الوفد الحمساوي للقاهرة، دون ان يلغي هذا الرغبة الحمساوية العميقة بالزيارة . لإن القيادة الأمنية المصرية معنية اولا بالتعرف عن قرب على القائد الحمساوي الجديد، يحيى السينوار، ثانيا تريد إستشراف وقراءة موقف حماس في ضوء التعقيدات، التي تشهدها الساحة العربية وخاصة بعد قطع العلاقات الديبلوماسية مع قطر، وبعد تشديد وزيادة الخناق عليها، ثالثا إستنطاق الوفد وخاصة الرجل القوى في حماس حول طبيعة العلاقة مع إيران وتركيا وحزب الله، رابعا مطالبتهم مجددا بالرد على الملفات الأمنية، التي سلمت للقيادات الحمساوية السابقة، التي زارت مصر، وكان آخرهم إسماعيل هنية وتوفيق ابو نعيم، خامسا البحث في خيار المصالحة، ومدى إستعداد حركة حماس للإلتزام بالورقة المصرية.
كلا الطرفين معني بالزيارة من خلفياته وحساباته السياسية والأمنية. لا سيما وان الزيارة (الإستدعاء) ذات طبيعة أمنية صرفة. لا تحمل في ثناياها اي تغير في الموقف الرسمي او الأمني المصري تجاه حركة حماس. لكن مصر إسوة بكل دول العالم تعطي جهاز مخابراتها مساحة زائدة تسمح له من خلالها التشبيك مع اي قوة سياسية بغض النظر عن خلفياتها، وأي كانت حدود التوافق او الإختلاف معها. وبالتالي الزيارة يمكن إعتبارها إستطلاع وتعرف على القائد الحمساوي السينوار. بالإضافة لإمكانية الحصول على بعض ما طلبت من المعلومات عن الأشخاص المتورطين او عن ملفات بعض الجماعات التكفيرية العاملة في سيناء او حتى التي تعمل في غزة، لاسيما وان المؤسسة الأمنية المصرية دائما يكون لديها جديد من المعطيات والشواهد على تورط القسام او بعض القيادات الأمنية الحمساوية مع التكفيريين في سيناء او المحافظات المصرية الأخرى، لإنها بشكل متواتر تقوم (اجهزة مصر الأمنية) بإعتقال مجموعات إرهابية، وتضع يدها على وثائق وإعترافات جديدة.
طبعا الوفد الحمساوي سيحاول الحصول على بعض الإنجازات منها، أولا إدامة الإتصال مع جهاز المخابرات المصرية، ثانيا التمني بفتح المعبر (رفح)، ثالثا تعزيز التبادل التجاري بين غزة ومصر، رابعا تشويه صورة القيادة الشرعية الفلسطينية، خامسا السماح لقيادتهم بالتواصل مع أقرانهم واصدقائهم في لبنان وتركيا وإيران وحتى قطر إن أمكن ذلك.
الزيارة مهمة للفريقين المصري والحمساوي، لكنها ستبقى محدودة الأثر والنتائج، أو بالأحرى ووفق بعض المصادر لم ينجم عنها شيء يذكر، و لن يعطي الوفد الحمساوي جوابا واضحا حول المصالحة، وسيلجأ للمناورة والتهرب والتسويف بحجة مواصلة التشاور مع باقي قيادات الحركة في الأقاليم الثلاثة. ونفس الشيء في الملفات الأمنية لم يتغير الموقف، ومازال القديم على قدمه.