لن يجرؤ نتنياهو ولا ليبرمان وحتى بينيت، قادة الليكود وأحزاب المستوطنين على ضم الضفة الفلسطينية لخارطة المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي، لسبب وحيد وجوهري وهو وجود أكثر من مليونين ونصف المليون عربي فلسطيني في الضفة غير مواطني القدس الشرقية ويتجاوز عددهم ربع مليون نسمة.
مشروعهم الاستعماري الذي حقق قفزته الأولى عام 1948، لم يستطع إلى الآن بلع وجود مليون ونصف المليون عربي فلسطيني من أبناء الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل الفلسطيني المختلطة، ويشكلون خُمس سكان الدولة العبرية، وتتم معاملتهم كأعداء لا كمواطنين متساوي الحقوق، والذي حصل في كفر قاسم قبل أيام وفي النقب طوال الأشهر الماضية، ويوم الأرض قبل سنوات، وقوانين الكنيست العنصرية، مشاهد متفرقة تراكمية تدلل على كيفية التعامل الرسمي الإسرائيلي مع المكون الفلسطيني الثابت الصامد في وطنه منذ العام 1948.
ما أعلنه نتنياهو عن شرطين جديدين لفتح طاولة المفاوضات والتوصل إلى تسوية مع الشعب الفلسطيني برعاية الرئيس ترامب، وهما أولاً بقاء السيطرة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية على الأراضي الواقعة غرب نهر الأردن، وثانياً الاعتراف بالدولة اليهودية، يعكس فهم ورؤية المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي لحقيقة ومستقبل التسوية وإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
أي لا مساواة في 48، لا استقلال لـ 67، ولا عودة للاجئين فهو يتصرف ويقول ويُعبر عن عنجهية وتسلط استناداً لموازين القوى المتفوقة واعتماداً على ثلاثة عوامل مؤثرة على مسار العلاقة الفلسطينية الإسرائيلية وهي: 1- الانقسام والضعف الفلسطيني . 2- الحروب البينية العربية التي أزاحت من أمامه سورية والعراق واليمن وليبيا، واستنزفت قدرات الخليجيين المالية. 3- الوضع الدولي المهتم بمعالجة قضايا الإرهاب واللاجئين والأزمة الاقتصادية. ولذلك يسعى لفرض شروط التسوية لعدم وجود طرف ضاغط عليه، رافضاً شروط التسوية وفق المعايير الدولية، وقرارات الأمم المتحدة، وإنصاف الشعب الفلسطيني، واستعادة جزء من حقوقه.
نتنياهو يريد الأرض، كل الأرض الفلسطينية ولا يريد السكان ولذلك يبحث عن معادلة تضمن له السيطرة واستثمار الموارد والسوق، وبقاء فلسطين تحت وصايته وأمنه ومشروعه الاستعماري، والتحرر في نفس الوقت من التزامات الدولة والمعيشة والضم للفلسطينيين، يريد الأرض ولا يريد سكانها العرب الفلسطينيين، وطالما هو غير قادر على طردهم وتشريدهم القسري كما حصل سنتي 48 و67، بعد أن أخفقت كل برامجهم لجعل الأرض الفلسطينية طاردة لأهلها، حيث تشبث الفلسطينيون بوطنهم الذي لا وطن لهم سواه في مناطق 48، والقدس والضفة والقطاع، ولهذا يبحث عن معادلة تقيه من ضم الفلسطينيين كسكان وكبشر وكمواطنين في دولة واحدة تتساوى فيها المواطنة الفلسطينية مع المواطنة الإسرائيلية، ويتعايش المسلمون والمسيحيون والدروز مع اليهود، وتتشارك فيها القومية العربية مع القومية العبرية.
معادلته الجديدة هي: بقاء السيطرة العسكرية والأمنية الإسرائيلية على أراضي الضفة الفلسطينية، غرب الأردن، مع الحفاظ على هوية الفلسطينيين كفلسطينيين لعدة أسباب: أولها التجاوب مع رغباتهم كشعب يعمل على الحفاظ على هويته الوطنية، وثانيها التخلص منهم كبشر لا يتمتعون بحقوق المواطنة الإسرائيلية خشية من التحول إلى دولة ثنائية القومية، وثالثها التجاوب مع الحل الدولي بإقامة دولتين: دولة إسرائيل ودولة فلسطين(في غزة) يُتبع لها مواطنو الضفة الفلسطينية كمواطنين فقط بلا أرض، يعيشون في المدن الفلسطينية التي تتمتع بالحكم الذاتي إدارياً ويتبعون لدولتهم في غزة، تلك هي المعادلة المرجحة لهم، وهي حصيلة عاملي: 1- التفوق الإسرائيلي، و 2- الانقسام والانقلاب والضعف الفلسطيني.
نتنياهو مازال ملتزماً بمعادلة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي القائمة على مفردتين هما الأرض والبشر، يريد الأرض ولا يريد البشر وما تصريحه حول الاحتفاظ بالأمن والأرض غرب الأردن سوى تعبير وتجسيد لهذه المعادلة.