رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو قال، أول من أمس، خلال جلسة للحكومة: "إن الحكومة اتخذت قراراً بالبناء في كل أنحاء "يهودا والسامرة" (الضفة الغربية) باعتبارها بلادنا ودولتنا وإن حرب حزيران 1967 أعادتنا إلى ربوع وطننا التي انفصلنا عنها منذ أجيالٍ كثيرة".
وأضاف في احتفال خاص أقيم في الكنيست لمناسبة الذكرى الخمسين لاحتلال باقي الأراضي الفلسطينية: "يشرّفني أن أكون أول رئيس وزراء بعد عشرات السنوات الذي يبني "بلدة" (مستوطنة) في الضفة الغربية منذ العام 1992. مؤكداً أن الاستيطان سيستمر في كل شبر بالضفة الغربية للحفاظ على "بلادنا" حسب تعبيره.
في مقابل نتنياهو وتصريحاته الاستفزازية والعنجهية فإن وكالات الأنباء تتساءل في هذه الأيام عن تراجع السلطة الوطنية عن شرط تجميد الاستيطان من أجل استئناف المفاوضات المتوقفة عملياً منذ العام 2015، بعد وصول المفاوضات إلى طريقٍ مسدود إثر تكثيف عمليات الاستيطان في الضفة والقدس المحتلة، ما يعني إعدام أي إمكانية لإحلال سلام عادل قائم على مبدأ "حل الدولتين".
أول من أمس، أعلنت سلطات الاحتلال عن مواصلة العمل في بناء 3178 وحدة استيطانية جديدة، عدد كبير من هذا البناء لن يكون في التجمعات الاستيطانية بل في قلب الضفة الغربية، والهدف المعلن من ذلك هو رفع عدد المستوطنين خلال السنوات القادمة إلى مليون مستوطن في الضفة الغربية، ما يعني أن ما يقارب نصف سكان الضفة سيكونون من المستوطنين.
السؤال المطروح هو: من سيتمكن من اقتلاع مليون مستوطن من الضفة الغربية، ومن سيهدم مئات المستوطنات، وهل هناك إسرائيلي مستعد لهذا الأمر؟.
قبل أشهر، قامت إسرائيل ولم تقعد عندما أصرّت المحكمة العليا الإسرائيلية على إخلاء بؤرة "عامونا" الاستيطانية شمال رام الله... الحديث كان يدور عن 40 مستوطناً أشغلوا ليس إسرائيل فقط وإنما العالم أيضاً... وبعد عشر سنوات على قرارات قضائية وضغوط تمت إزالة البؤرة الاستيطانية، وإخلاء المستوطنين الأربعين، ولكن في ظل مسرحية بثتها وسائل الإعلام... والأحاديث الإسرائيلية عن اقتلاع إسرائيليين من أراضيهم.
ولكن المقابل كان فورياً، الإعلان عن بناء مستوطنة جديدة حملت الاسم نفسه "عامونا" على أراضي الفلسطينيين جنوب نابلس وشمال رام الله، مستوطنة ستصادر آلاف الدونمات، وتعمل على فصل شمال الضفة عن وسطها... إضافة إلى قرار هدم عشرات المباني الفلسطينية في القدس المحتلة وداخل "الخط الأخضر" والضفة الغربية كفعلٍ انتقامي.
مع بداية الاستيطان في العام 1968 كان هناك 5 مستوطنات معظمها جاء تحت ادعاءات أمنية، وبلغ عدد المستوطنين فيها 250 مستوطناً، وفي العام 1997 ارتفع عدد المستوطنات ليصل إلى 126 مستوطنة تضم 152,577 مستوطناً أما في نهاية العام 2015، فقد بلغ عدد المستوطنات 125 مستوطنة، ووصل عدد المستوطنين إلى 382,916 مستوطناً.
وحسب تقرير لمعهد "أريج" فإن عدد المستوطنين ارتفع إلى ما يزيد على 766 ألف مستوطن في الضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلة.
هنا الأرقام تتحدث عن نفسها، فأي مفاوضات يمكن أن تنجح في ظل هذا الواقع الاستيطاني المرير؟ ومن هو القادر على أن ينشر سرطان الاستيطان إلى كل شبر في الأراضي الفلسطينية؟ كما قال نتنياهو.
الاستيطان لا يعني فقط عدد المستوطنين، وإنما مساحات الشاسعة من الأراضي المصادرة أو المهددة بالمصادرة من أجل الزيادة الطبيعية في عدد المستوطنين، ويعني، أيضاً، السيطرة على الموارد الفلسطينية من المياه، والأرض الصالحة للزراعة كما في الأغوار.
إن أي مفاوضات في ظل البناء الاستيطاني تحمل بذور فشلها قبل أن تبدأ... لأن السؤال المطروح: ماذا بقي للدولة الفلسطينية في ظل هذا الاستيطان ومصادرة الأراضي الفلسطينية؟ والتي، أيضاً، حوصرت وقُطِّعت أوصالها.
لا شكّ في أن هناك ضغوطاً هائلة على الفلسطينيين... وهناك متغيرات إقليمية ودولية ليست في صالحنا، ولكن كل هذا لا يعني بالمطلق الذهاب مرّة أخرى إلى مفاوضات عبثية، وإضاعة مزيد من الوقت دون فائدة..!!
اشتباكات مسلحة في الضفة ودعوات إسرائيلية لتعزيز الاستيطان
24 سبتمبر 2024