موسيقار يهودي يطالب بوضع حد للاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية

موسيقار يهودي.jpeg
حجم الخط

قال الموسيقار اليهودي العالمي دانئيل بارنبويم، إن الاحتلال المتواصل ليس مقبولا أخلاقيا واستراتيجيا، ويجب وضع حد له، كما وحث ألمانيا وأوروبا على المطالبة بإنهاء الاحتلال والعودة إلى حدود 67، ودفع حل الدولتين والاعتراف بفلسطين دولة مستقلة .

جاء ذلك في مقال نشره في صحيفة "هآرتس" العبرية، في عددها الصادر اليوم الأحد، حيث أضاف بارنبويم، "تسيطر على السياسة العالمية اليوم، عدة مسائل كأزمة اللاجئين، والحرب في سوريا، والصراع ضد التطرف الإسلامي، على مدار عشرات السنوات وقف حل الصراع بين الإسرائيليين والفلسطينيين في مقدمة أولويات السياسة الأمريكية والأوروبية. ولكن، بعد محاولات كثيرة وفاشلة للتوصل إلى اتفاق، يبدو أنه ترسخ وضع راهن، الرأي السائد هو أنه لا يوجد حل للصراع.

وتابع، أن المأساة الكامنة تتزايد كلما اشتدت المواجهة وازداد تدهور أوضاع الفلسطينيين، ولم يعد بإمكان حتى المتفائل الكبير الافتراض بأن الإدارة الحالية في الولايات المتحدة ستلجأ إلى توجه منطقي لحل الصراع هذه السنة، وفي السنة التي ستليها، سنحيي موعدين حزينين بشكل خاص للفلسطينيين: في 2018 سنحيي مرور 70 عاما على النكبة، التي تم خلالها طرد أكثر من 700 ألف فلسطيني من الأراضي التي كانت خاضعة في السابق للانتداب البريطاني، كنتيجة مباشرة لقرار الأمم المتحدة تقسيم فلسطين وإقامة دولة إسرائيل في 14 مايو 194.

وأضاف، أن النكبة لا تزال متواصلة حتى اليوم، ذلك أن أكثر من خمسة ملايين حفيد مباشر للمهجرين الفلسطينيين لا يزالون في المنفى القسري. أمس العاشر من يونيو، أحيوا الذكرى الخمسين للاحتلال الإسرائيلي المتواصل للأراضي الفلسطينية، وهو وضع غير محتمل من ناحية عملية وأخلاقية على حد سواء، حتى الذين يدعون أن حرب الأيام الستة، التي انتهت في هذا التاريخ، كانت حتمية للدفاع عن إسرائيل، لا يمكنهم التنكر لحقيقة أن الاحتلال وكل ما حدث بعده هو كارثة مطلقة، ليس للفلسطينيين فحسب، وإنما لإسرائيل أيضا.

وأوضح، مرت 50 سنة، وحل الصراع يبدو أبعد من أي وقت مضى. وعلى الرغم من أن الموضوع ليس "شعبيا" اليوم، إلا أنه لا يزال مهما، ويعني الشيء الكثير للناس في فلسطين وإسرائيل والشرق الأوسط والعالم كله. ولذلك، في ذكرى مرور خمسين عاما على الاحتلال، أنا ادعو ألمانيا وأوروبا إلى إعادة طرح حل الصراع في مقدمة جدول الأولويات. هذا ليس صراعا سياسيا، إنما صراع بين أمتين، كلتاهما على اقتناع بأنها تملك الحق الحصري على قطعة الأرض الصغيرة ذاتها. أوروبا تصرح اليوم بأن عليها أن تكون قوية ومستقلة بشكل أكبر. هذا الموقف يحتم عليها المطالبة بصوت مرتفع بوضع حد للاحتلال والاعتراف بالدولة الفلسطينية.

وقال: كيهودي يعيش في برلين منذ أكثر من 25 عاما، لدي وجهة نظر خاصة بشأن المسؤولية التاريخية لألمانيا عن هذا الصراع. الأمر الوحيد الذي يسمح لي بالعيش بحرية وبسعادة في ألمانيا، هو حقيقة أن الألمان واجهوا ويواجهون ماضيهم. في ألمانيا الحالية لا تزال تقوم توجهات مقلقة في اليسار المتطرف ويجب علينا محاربتها. ومع ذلك فإن الغالبية العظمى من المجتمع الألماني تحول إلى مجتمع متسامح وحر، يعرف مسؤوليته الإنسانية.

وأضاف، لقد شعرت ألمانيا دائما، وبحق، بالتزام خاص إزاء إسرائيل وتحافظ على اتصال راسخ وقوي معها. لكنني أريد التقدم خطوة أخرى إلى الأمام. يجب أن يكون لدى ألمانيا أيضا، التزام خاص إزاء الفلسطينيين. فلولا الكارثة لما تم اتخاذ القرار بتقسيم فلسطين، ولما كانت قد وقعت النكبة، وما كانت قد وقعت حرب 67، وما كان الاحتلال. في الواقع لا تقع هذه المسؤولية إزاء الفلسطينيين على عاتق ألمانيا وحدها، إنما على أوروبا أيضا، لأن اللاسامية كانت ظاهرة أوروبية شاملة، والفلسطينيين يواصلون المعاناة جراء آثارها المباشرة، رغم أنهم ليسوا المسؤولين عنها بتاتا.

وقال: يجب على ألمانيا وأوروبا الاعتراف بمسؤوليتهم إزاء الشعب الفلسطيني، هذا لا يعني أن عليهم القيام بخطوات ضد إسرائيل، إنما عليهم القيام بخطوات لصالح الفلسطينيين، الاحتلال المتواصل ليس مقبولا، أخلاقيا واستراتيجيا، ويجب وضع حد له. حتى الآن لم يقم العالم بأي خطوة ملموسة من أجل تحقيق ذلك. لكن يجب على ألمانيا وأوروبا المطالبة بإنهاء الاحتلال والعودة إلى حدود 67. يجب دفع حل الدولتين، ولهذا الغرض يجب الاعتراف أخيرا بفلسطين كدولة مستقلة. يجب إيجاد حل عادل لأزمة اللاجئين، يجب الاعتراف بحق العودة للفلسطينيين وتطبيق هذا الحق من خلال التعاون مع إسرائيل. يجب ضمان تقسيم الموارد بشكل عادل، وضمان احترام حقوق الإنسان وحقوق المواطن الأساسية للفلسطينيين. أوروبا تتحمل مسؤولية ضمان ذلك، بشكل خاص الآن، في ضوء التغييرات التي تحدث في النظام العالمي.

الآن، بعد 50 عاما على العاشر من  يونيو 1967، لا نزال بعيدين عن حل الصراع الإسرائيلي– الفلسطيني. فقط إذا اعترفت ألمانيا وأوروبا بالمسؤولية التاريخية وقامتا بخطوات من أجل الفلسطينيين، ربما نتمكن من منع استمرار الواقع القائم، وإمكانية أن يتم بعد 50 عاما أحياء الذكرى المئوية للاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية.