واضح مما يجري من تطورات وتحالفات جديدة في المنطقة أن القضية الفلسطينية مستهدفة وكذا المشروع الوطني الفلسطيني، تحضيراً لمشاريع سياسية خطيرة يجري طبخها بموافقة بعض العرب والمسلمين، تمس بشكل مباشر طليعة النضال الوطني الفلسطيني الشهداء والأسرى، وهو ما تدلل عليه الضغوط التي تمارس على السلطة اميركياً واسرائيلياً، وقد صادقت اللجنة الوزارية الإسرائيلية للتشريع الأحد الماضي على خصم ما مقداره مليار ومليون شيكل من مستحقات الضرائب التي تحول للسلطة الفلسطينية، والتي تشكل قيمة الرواتب التي تدفعها السلطة لعائلات الشهداء والأسرى ، وترافق ذلك مع فبركة إعلامية وتحريض مباشر من قبل رئيس وزراء الإحتلال نتنياهو ضد وكالة غوث اللاجئين "الإونروا"مطالباً بتفكيكها، ودمج انشطتها وخدماتها مع انشطة وخدمات المفوضية السامية العليا للاجئين، بإدعاء انه لا يوجد ما يبرر استمرار الوكالة بتقديم خدمات خاصة للاجئين الفلسطينيين، وكذلك إستمرار قيام موظفي تلك الوكالة بالتحريض المستمر ضد دولة الإحتلال.
وهجمة نتنياهو على وكالة الغوث واللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، جاءت بعد جولة مع مندوبة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة المتطرفة نيكي هايلي في احد أنفاق غزة المكتشفة منذ ما سمي وعرف بعملية "الجرف الصامد"، حيث جالا في النفق، ومن بعد ذلك اعلن أنه يجب تفكيك وكالة الغوث "الأونروا" لكون حماس حفرت نفقاً يمر بين مدرستين تابعتين للوكالة، وهي تستخدم السكان المدنيين كدروع بشرية.
من الواضح بأن إستهداف طليعة النضال الوطني الفلسطيني الشهداء والأسرى،كان احد البنود الرئيسية في لقاء نتنياهو – ترامب في 15 الماضي، واحد البنود التي ناقشها المستشار الخاص لترامب جيسون غرينبلات خلال لقاءاته في المنطقة ،حيث كانت واحدة من الشروط التي قيل ان الإدارة الأمريكية نقلتها الى الفلسطينيين من أجل العودة الى المفاوضات.
تجريم النضال الوطني الفلسطيني وإعتباره شكلاً من أشكال الإرهاب، هذا النضال الذي كفلته الشرعية الدولية للشعوب الواقعة تحت الإحتلال من اجل نيل حريتها وإستقلالها،يستهدف تكريس وشرعنة الإحتلال، واعتبار مقاومته إرهاباً،وهذا يتفق مع قالته هايلي، المندوبة الأمريكية في الأمم المتحدة، بأن زمن تقريع اسرائيل في الأمم المتحدة قد ولى،وانها ستضرب بالحذاء كل من يتطاول على اسرائيل.
إستهداف وكالة الغوث واللاجئين "الأونروا" ايضاً والمطالبة الإسرائيلية بتفكيك انشطتها وخدماتها يحمل نفس الأهداف والمضامين،التصفية للقضية الفلسطينية، والمرتكز الأساسي للمشروع الوطني الفلسطيني، ألا وهو حق العودة،حق العودة هذا الذي كفلته الشرعية الدولية أيضاً لشعبنا الذي طرد وهجر من أرضه وعنها قسراً من قبل العصابات الصهيونية التي ارتكبت الفظائع بحقه، وفق القرار الأممي رقم (194)،إسرائيل لا تريد لقضية اللاجئين أن تبقى شاهداً حياً على جرائمها بحق شعبنا، ولا تريد أن تتحمل وتعترف بالمسؤولية السياسية والأخلاقية عن هذه الجريمة،ولا تريد لشعبنا ان يعود لوطنه وأرضه من المنافي ومخيمات اللجوء التي يعيش فيها في ظروف مأساوية تفتقر الى أدنى مقومات الحياة الإنسانية بل تريد لهذا الشعب ان يختفي ويوطن خارج أرضه.
وكالة غوث اللاجئين " الأونروا" يجب أن لا تفكك وتتوقف انشطتها وخدماتها للاجئي شعبنا الفلسطيني،او ان تدمج ضمن المفوضية السامة العليا للاجئين،فوضع شعبنا اللاجىء يختلف عن باقي لاجئي العالم،الذي غادروا بلدانهم قسراً بسبب الحروب او المشاكل العرقية والمذهبية فيها، فهم يعودون اليها مجرد توقف تلك الحروب والمشاكل، ولكن نحن امام عدو إستيطاني، إقتلاعي، إحلالي، لا يعترف بحقنا بالوجود.
مخططات تصفية قضيتنا ومشروعنا الوطني تتواصل وتتسارع، والمسرح السياسي الذي يجهز لتصفية قضيتنا، قد يحمل في المستقبل القريب، عدواناً وحرباً على قطاع غزة،بغرض تصفية أي إعتراض على هذا المشروع التصفوي، ولربما تجري اتفاقيات تحمل نفس المضامين، تكرس انفصال الضفة الغربية عن القطاع، عبر اقامة دويلة فلسطينية هناك،على ان يجري تقاسم فائض الأرض الفلسطينية الزائدة عن حاجة الأمن الإسرائيلي في الضفة الغربية، بين الأردن والسلطة الفلسطينية ضمن فيدرالية،او ان يقوم إطار اقتصادي اسرائيلي- فلسطيني- أردني ،يكرس ويشرعن الإحتلال، ضمن ما يسمى بمشروع نتنياهو للسلام الإقتصادي.