في ظل عجز المجتمع الدولي

تقرير الضفة تشهد أعتى الحروب الاستيطانية تزامناً مع أعمال إرهاب تستهدف سكانها

الضفة تشهد أعتى الحروب الاستيطانية تزامناً مع أعمال إرهاب تستهدف سكانها
حجم الخط

شهدت الضفة الغربية المحتلة بما فيها القدس الشرقية منذ بداية العام هجمة استيطانية غير مسبوقة، تُعد الأكبر منذ 25 عامًا وذلك باعتراف وزير الجيش أفيغدور ليبرمان، الذي قال إن "تراخيص بناء المستوطنات في الضفة الغربية خلال النصف الأول من العام الجاري هي الأعلى منذ عام 1992، أي منذ 25 عامًا".

وأشار ليبرمان إلى أن 3651 وحدة استيطانية تمت الموافقة عليها منذ الأسبوع الأول من الشهر الجاري، وبدأ التنفيذ الفوري لـ 671 وحدة منها، ومنذ بداية العام الجاري 2017، كما تمت الموافقة على بناء 8345 وحدة استيطانية، في حين بدأ البناء في 3066 وحدة منها بالتزامن مع خطط الاحتلال زيادة أعداد المستوطنين في الضفة الغربية ليخفف الاكتظاظ الاستيطاني في أراضي 1948، حسب زعمه.

وكرر رئيس حكومة الاحتلال حديثه القديم الجديد خلال استقباله السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة، نيكي هايلي،حول تطبيق النموذج الهولندي-البلجيكي بشأن المستوطنات في الأراضي الفلسطينية، حيث شرح لهايلي مسألة إبقاء المستوطنات 'المعزولة' في جيوب تحت سيادة إسرائيلية، وأنه معني بتطبيق نموذج مشابه لذلك الموجود في البلدات الصغيرة عند الحدود بين بلجيكا وهولندا، وذلك لأنه توجد لكل دولة جيوب تحت سيادتها وتقع في الدولة الأخرى.

 وكان نتنياهو قد طرح أفكاراً كهذه في بداية العام 2014 عندما جرت محادثات، قادها وزير الخارجية الأميركي في حينه، جون كيري، حول وثيقة 'اتفاق إطار'، وبذات الوقت نتنياهو صرح في الكنيست، يوم الثلاثاء الماضي، بأنه لن يتم إخلاء المستوطنات في أي اتفاق مستقبلي مع الفلسطينيين، وأن 'لكل واحد الحق في أن يعيش في بيته وألا يقتلعه أحد'.

وفي الوقت نفسه كشف مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان "بتسيلم" عن سياسة إسرائيلية جديدة، خاصة بخصخصة القوة لإحكام سيطرتها على الضفة الغربية، دون أن تستخدم القوة بنفسها لتحقيق ذلك.

وقال المركز في تقرير صدر عنه إن أعمال العنف والترهيب التي ينفذها المستوطنون في الضفة الغربية، هي شكل من أشكال خصخصة استخدام القوة، من خلالها ترسّخ دولة إسرائيل سيطرتها، دون الاضطرار إلى ممارسة العنف بنفسها، وأضاف أن سلوك قوّات الأمن في هذه الحالة هو جزء من سياسة طويلة الأمد، تتّبعها السلطات الإسرائيلية في الضفة الغربية، حيث تسمح للمستوطنين بالتعدّي على الفلسطينيين، دون مطالبتهم بتحمّل عواقب أعمالهم، وأعمال العنف والترهيب هذه، هي شكل من أشكال خصخصة استخدام القوة، فمن خلالها، ترسّخ دولة إسرائيل سيطرتها دون الاضطرار إلى ممارسة العنف بنفسها، لأنّ الأمر يساعدها على تحقيق أهدافها في الضفة الغربية، بما في ذلك الاستيلاء على المزيد من الأراضي.

على صعيد آخر لا تدخر حكومة بنيامين نتنياهو مناسبة إلا وتذكر العالم بأنها حكومة مستوطنين بامتياز وتتفوق على غيرها من حكومات إسرائيل في هذا المجال، ويبدو ذلك واضحاً من خلال طرح اللجنة الوزارية الخاصة لشؤون التشريع الإسرائيلية مشروع قانون مقدم من رئيس الائتلاف الحكومي دافيد بيطون وعدد من أعضاء الكنيست، يدعو إلى إلغاء ما أسماه شارون في حينه عام 2005 بقانون الانفصال من جانب واحد عن الفلسطينيين والسماح بالتالي للمستوطنين بالعودة إلى المستوطنات التي جرى إخلاؤها شمال مدينة نابلس والذي يتوقع له النجاح والمصادقة عليه الأسبوع القادم، ويختص فقط بالمستوطنات التي جرى إخلاؤها شمال مدينة نابلس ولم يتضمن المستوطنات التي تم إخلاؤها في قطاع غزة، حيث سبق وجرى تقديم مشروع القانون في الكنيست الإسرائيلي السابق ولم ينجح بسبب حل الكنيست.

ويتضمن مشروع القانون الجديد السماح بحركة المستوطنين في هذه المستوطنات والطرقات المحيطة بها وكذلك السماح بعودة المستوطنين إلى هذه المستوطنات خاصة أن الوضع فيها لم يجرى عليه أي تغيير منذ إخلائها وبقيت خاضعة لسيطرة الجيش الإسرائيلي.

وقال الجنرال الإسرائيلي يئير نفيه والذي كان يشغل منصب"قائد المنطقة الوسطى" أثناء تنفيذ خطة الانفصال عام 2005 ومسؤولاً عن إخلاء المستوطنات عام 2005 إن الفترة الزمنية التي مرت على الانفصال 12 سنة تثبت عدم وجود فائدة من الإخلاء لا من ناحية أمنية أو سياسية، وقال في لقاء أجرته معه صحيفة "إسرائيل اليوم" العبرية إنه يدعم إعادة المستوطنين إلى مستوطنتي "صانور وحومش"في شمال الضفه ويدعي أن هناك أهمية أمنية وسياسية لوجودهما على الأرض.

وكان المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان، قد أشار في تقارير سابقة إلى تواصل عمليات التجريف في محيط المستوطنات التي تم إخلاؤها شمال الضفة والتي شهدت عمليات اقتحامات متواصلة من قبل المستوطنين بحماية جيش الاحتلال في محيط مستوطنة "ترسلة" بالقرب من قرية صانور جنوب جنين، حيث تم اقتحام هذه المنظقة من قبل المستوطنين عدة مرات خلال الأسابيع الماضية، وكذلك اقتحام المستوطنين بحماية قوات الاحتلال لمستوطنة"حومش" المخلاه  إلى الشمال من مدينة  نابلس، وهذا يؤكد النية المسبقة والمبيته لدى جيش الاحتلال ورغبته بإعادة السيطرة على هذه المناطق، وتسليمها للمستوطنين لاحقاً، ومن ثم تغليفها بقوانين عنصرية كالتي يتم إعدادها بالكنيست الإسرائيلي ومن ثم إعادة السيطرة والتوسع الاستيطاني عليها.

وفي سياق سيل من التصريحات، والمواقف العنصرية المتطرفة، التي يطلقها أركان اليمين الحاكم في إسرائيل، وعلى رأسهم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو نقلت وسائل إعلام إسرائيلية مختلفة أن رئيس حزب البيت اليهودي “نفتالي بنت” يعمل على “قانون استراتيجي” يمنع تقاسم مدينة القدس مع أية جهة أجنبية في حال التوصل الى تسوية سياسية.

وينص مشروع القانون الإسرائيلي على أن تقسيم مدينة القدس خلال أي تسوية سياسية يجب أن يحصل على الأغلبية الخاصة وهي (80) عضو كنيست، واعتبرت هذه الأغلبية خط دفاع عن تقسيم المدينة.

ومن المقرر أن يتم عرض مشروع قانون “منع تقسيم القدس” خلال الأسبوعين القادمين على اللجنة الوزارية الإسرائيلية الخاصة بشؤون التشريع والتي ترأسها وزيرة القضاء الإسرائيلي “أيلت شكيد” والتي هي الأخرى من حزب البيت اليهودي صاحب مشروع القانون.

رئيس حزب البيت اليهودي صاحب مشروع القانون، قال إن مشروع القانون سيحظى بموافقة اللجنة الوزارية لشؤون التشريع، وفي الكنيست الإسرائيلي، كما أن رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي كان في السابق قد وقع على مشروع قانون مماثل، حيث طالب أيضاً أحزاب الوسط الإسرائيلي دعم مشروع القانون.

أما بشأن القضية ذاتها، فقد نشرت صحيفة “إسرائيل هيوم” نتائج استطلاع للرأي العام الإسرائيلي جاء فيه أن 84% من الإسرائيليين يعارضون أي حل سياسي مقابل وجود القدس القديمة تحت السلطة الفلسطينية.

بدوره  اعتبر الرئيس الإسرائيلي، رؤوفين ريفلين، في خطاب ألقاه خلال مراسم أقيمت ، لإحياء الذكرى السنوية ال50 للاستيطان في هضبة الجولان السورية المحتلة، أن على العالم الاعتراف بأن الجولان هو جزء من إسرائيل.

وادعى ريفلين إنه "إذا كان هناك نقاشا إسرائيليا داخليا بشأن هضبة الجولان فقد انتهى . وعلى أمم العالم أن تعترف بشكل رسمي بأن هضبة الجولان هي جزء لا يتجزأ من دولة إسرائيل، وأنها ضرورية لوجودنا كشعب".

وفي رصد الانتهاكات الأسبوعية التي وثقها المكتب الوطني للدفاع عن الأرض، فقد كانت على النحو التالي خلال فترة إعداد التقرير:

القدس: هدد أحد المستوطنين من مستوطنة "بني براك" في إحدى منصات التواصل الاجتماعي، بتفجير المسجد الأقصى ـ وتواصلت اقتحامات  باحات المسجد الأقصى بشكلٍ شبه يومي،وأغلقت شرطة الاحتلال أبواب الأقصى بذريعة إلقاء حجارة على مستوطنين اقتحموا المسجد،فيما، تتابع شرطة الاحتلال فرض القيود على دخول المسجد .

بيت لحم: شرعت سلطات الاحتلال الإسرائيلي وتحت حماية جنود الاحتلال وبتواجد مجموعة من المستوطنين بمسح أراضٍ في منطقة” ظهر عين ماسور” غرب بلدة الخضر جنوب بيت لحم والقريبة من مستوطنة ” دانيال” المقامة عنوة على أراضي المواطنين، لصالح توسيع إحدى المستوطنات المقامة على أراضي البلدة المصادرة.

نابلس: نجا الطفل بشار عبد الغزال (8 سنوات)، من بلدة بيت فوريك شرق مدينة نابلس وهو أصم، من محاولة إعدام على يد المستوطنين، بعد أن تسلمه الارتباط الفلسطيني، من جيش الاحتلال بعد اختفاء آثاره منذ الصباح ولغاية المساء، وقد عثر على الطفل مقيداً في مستوطنة "إيتمار" الواقعة غرب بيت فوريك، وعليه آثار تعذيب وحروق ناتجة عن سكب مواد بلاستيكية مصهورة على جسمه .

وفي الوقت نفسه واصلت سلطات الاحتلال قطع خط مياه يغذي 13 تجمعًا فلسطينيًا جنوبي شرق مدينة نابلس، الأمر الذي فاقم من الأزمة المائية في تلك المناطق بذريعة عدم وصول المياه للبؤرة الاستيطانية "مجدوليم" المقامة على أراضي المواطنين جنوبي شرق نابلس، وقد حرم الاحتلال " بهذه الخطوة نحو 50 ألف نسمة يقطنون في التجمعات الفلسطينية من المياه، وخلق لديهم أزمة جدية، لصالح توصيل المياه لخمس عائلات إسرائيلية تُقيم في البؤرة الاستيطانية مجدوليم".

وفي سبسطية إلى الشمال من مدينة نابلس اقتحم نحو 200 مستوطن، المنطقة الأثرية في البلدة، حيث أقلت أربع حافلات المستوطنين واقتحمت المنطقة الأثرية، وذلك بحماية قوات الاحتلال ، التي أغلقت المنطقة ومنعت المواطنين من دخولها.

سلفيت: شكا أصحاب مقالع الحجارة  الحمراء في قرية سرطة غرب سلفيت من التمدد الاستيطاني المتواصل لمستوطنة "بركان " ومنطقتها الصناعية، وتصنيف مزيد من اراضي القرية مناطق "ج" وهو ما يحرمهم من استخراج الحجر الأحمر واستثماره.

وبفعل هذه السياسة تقلص الانتاج لأقل من 50%، وتوقف أكثرالمحاجر عن العمل  بسبب التمدد الاستيطاني وتذرع الاحتلال أنها تقع في مناطق "ج" وهو ما يتسبب بخسائر كبيرة وفقدان مصدر دخل وفير لعشرات العائلات.

ومن المعروف أن جيش الاحتلال يسارع لمصادرة أي آلية أو جرافة تقوم بالعمل في المحاجر بحجة أراضي "ج" مما يضطر العمال إلى العمل اليدوي القديم والبطيء لاستخراج الحجارة الحمراء مما يزيد من تكلفة استخراج وإنتاج الحجر الأحمر جيد المواصفات.

الأغوار: سلمت قوات الاحتلال الإسرائيلي اخطارات بوقف البناء لعدد من أصحاب البيوت المتنقلة "كرفانات" في منطقة الأغوار في قريتي فروش بيت دجن وحمصة التحتا، وسلمت اخطارات بوقف البناء بمنشآت عديدة، ابرزها "كرفانات" قدمتها مؤسسات دولية للعائلات كمساعدة إنسانية و سلمت اخطارات لبيتين من الصفيح يسكنهما 13 فردا كما جرفت قوات الاحتلال الاسرائيلي، مساحات من أراضي المواطنين في منطقة فروش بيت دجن، بالأغوار الوسطى، بحجة البحث عن فتحات للمياه غير مرخصة.

وسلمت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، المواطنة فضية سلامة زايد من بلدة النويعمة شمال أريحا، إخطاراً بهدم البيت السكني الذي يؤويها وعائلتها، وضرورة إخلائه خلال الأسبوعين المقبلين، وذكر أن البيت مكون من أربع غرف وسقف زينكو، وكانت مؤخرا مؤسسة تنموية تطوعت لإعادة ترميمه.

كما أخطرت سلطات الاحتلال الاسرائيلي مدرسة “بدو الكعابنة” شمال أريحا شرق الضفة الغربية بالهدم.

ويذكر أن مدرسة بدو الكعابنة، التي يتوافد إليها الطلاب من مختلف التجمعات البدوية لعرب الكعابنة، تقع في المناطق المسماة (ج)، وسبق أن أخطر الاحتلال بهدم المدرسة سابقاً، بحجة البناء دون ترخيص في مناطق مصنفة (ج)، فيما أغلقت قوات الاحتلال أنابيب لري المزروعات الخاصة بمزارعي منطقة فروش بيت دجن في الأغوار الشمالية، وقامت شركة "ميكروت" الصهيونية ترافقها جرافة ودوريات تابعة لجيش الاحتلال بأعمال تجريف واسعة وأغلقت فتحات أنابيب الري، بحجة عمل المزارعين فتحات في خط مياه الشركة.

وختاماً، يواصل مستوطنون في منطقة “مزوقح” بالأغوار الشمالية، جلب العشرات من الأبقار، وتسريحها في مراعي المواطنين، حيث احضروا ا يقارب 200 رأس بقر، وسرحوها في المناطق الرعوية، ما أدى إلى إغلاق مساحات واسعة من الأراضي الرعوية، أمام مربي الماشية في تلك المنطقة.