بكت متعبة, فقدت الوعي, وفقدت الإحساس بالحياة, لكنها قاومت حتى استطاعت أن تعود ثانية الي دائرة الفعل اليومي وتدير شئونها بخطوات ثقيلة,وأصبح محيطها منقسم عليها, منهم من تفهم وجعها وساندها, ومنهم من حملها مسئولية موت خطيبها.
لجأت نانا الي صديقاتها وصارت تشاركهن بعض الأنشطة المجتمعية, وتشارك معهن في مناسبات الحي الذي تقيم فيه, لكن شيئا ما قد تغير في سلوكها, فقد أصبحت تعاني من المزاجية واللامبالاة, وتتعاطي بجفاء مع قضاياها اليومية.
اهتمت بقضايا صديقاتها المطلقات, فكانت تقف الي جانبهن وتؤازرهن, فعندما انفصل أيمن عن صديقتها تغريد, ذهبت إليه وهزأته بأبشع الكلمات انتقاما منه .انغمست أكثر وأكثر في حل مشاكل صديقاتها, وأصبحت وكأنها المرجعية الروحية لهن, وفي داخلها كانت تتمزق حزنا علي فراق شخص أرادت ان تبدأ معه مشوار الحياة, فكانت تشعر أن العالم من بعده لا يعني لها شيئيا
شعور الكراهية نحو الرجال تضامنا مع صديقاتها يكبر بداخلها شيئا فشيئا, حتى فقدت الصلة الي عالم الرجال, وقد رفضت الزواج مرات عديدة, ولكنها وبعد إلحاح من أسرتها وافقت مرغمة علي الزواج من شاب ثلاثيني, بدأت بوادر الخلاف تظهر عليهما منذ اليوم الأول, عندما رفضت أن ترقص معه في حفل الإشهار, وبعد انتهاء الحفل وعودة الهدوء في بيتها, تسللت الي المقبرة وانتحبت أمام قبر خطيبها المتوقي, ثم عادت إدراجها الي بيتها وواصلت البكاء.
تنازلت واصطحبت خطيبها سائد ذات مساء للقاء صديقاتها علي شاطئ البحر, كانت, أمسية صاخبة امتزجت فيها أصوات الأغاني الصادرة عن المقاهي وأمواج البحر المتكسرة علي الشاطئ, تركز اللقاء علي سائد, أمطرنه بوابل من الأسئلة, وتحدث عن مشاريعه المستقبلية مع نانا, وعن بناء أسرة وإنجاب أطفال, لكنها لم تكترث, وكانت ترقبه وترقب نظرات صديقاتها له, لم تنال الأمسية إعجابها كثيرا, فقد حاولت احدي صديقاتها أن تغزل مع سائد علاقة بلغة العيون, لاحظت ذلك ولم تبدي اهتماما بالأمر,ولكنها وجدت لنفسها مبررا لكي تتهمه بالخيانة فيما بعد, والحقيقة أن صديقتها كانت ترسل بهذه الحركات صفعة الي نانا, لان طليقها كان معجبا بها , .أنتهي اللقاء بين مستلطفة لسائد وبين رافضة له.
كانت نانا رغم حزنها وتشتت أفكارها تتميز بذكاء خارق وتلعب ادوار شخصيات مختلفة, فتارة تظهر قوية وتارة ضعيفة وتارة حزينة وتارة طيبة, ولكنها كانت تتحكم في كل هذه الأدوار, وحاول سائد أن يتغزل بجمالها فصدته بقوة, ولم يثمر النقاش معها بشيء, فكانت دائما تصر علي مواقفها ولا تتزحزح عنها قيد أنمله,وكانت تثور عليه وتشعر بعصبية مفرطة تجاهه, وبدأت تتهمه بالخيانة مع صديقتها ولكنه كان يقبل بهذا وحاول أن يشرح لها موقفه من العديد من القضايا التي تخص حياتهما المستقبلية, لكنها كانت تجد المبررات للرفض.
في المساء حضر سائد ووالدته وأخته الي بيتها للزيارة والحديث عن ترتيبات الزفاف,وفي نهاية الزيارة قالت لها والدة سائد: يا ابنتي أنت شابة جميلة وجذابة ونحن تخشي عليك من التحرش في الشارع, لذلك سوف نطلب منك أن ترتدي الخمار خارج البيت.انفجرت في والدة سائد وأشبعتها دروسا في فن التعامل وفي الحرية الشخصية,ودار نقاش حامي الوطيس بينهما انتهي الي انفصالها عن سائد, في اليوم التالي قامت أم سائد بتزويج سائد من امرأة أخري لقطع الطريق علي نانا.
تنفست الصعداء فهي لم تكن ترغب بالزواج منه, لأنها لم تشعر نحوه بأي عاطفة.
لم تستطع النوم فصعدت الي سطح المنزل وأخذت تنظر الي السماء وترقب النجوم, وعاد إليها شريط الذكريات حاضرا في علاقتها القصيرة مع خطيبها المتوقي, دخلت في نوبة بكاء وفي حالة حزن استمرت لعد’ أيام.
لملمت جراحها وذهبت مع صديقتها تالا الي المدينة تبحث مكان تستأجره لتعمل منه رياض أطفال, زارت عدة أماكن ولكنها لم تكن بالمستوي المطلوب,فقررت العودة الي منزلها, وفجأة ظهر سائد أمامها فقد كان يتعقبها رد التحية وطلب منها ان تستقل معه السيارة لكي يوصلها الي منزلها فرفضت وحدثت بينهما مشادة كلامية قاسية أغمي عليها علي أثرها ونقلت الي المستشفي للعلاج .