عيد الفطر وعيد الفرحة باجتماع شمل الأحبة فتح وحماس...
فيما الشهر الفضيل يوشك على الوداع بطيِّ آخر أيامه المباركة، وفيما نحن على أعتاب مناسبة عيد الفطر السعيد، والذي يحمل معه هذا العام الكثير من بشريات التفاؤل والأمل، حيث إننا لن نتغنى – على الأقل هذه المرة - بتلك الأبيات التي تعودنا على ترديدها بقلق ووجع لعشرات السنين في مثل هذه المناسبة: "عيدٌ بأي حالٍ عُدت يا عيد؟!".. إذ أننا في هذا العيد نشهد أن هناك جديداً؛ إطلالة واعدة باتجاه علاقة من التآخي والتصافي، واستعداد للتغافر وبناء الثقة بين الحركتين الأكبر على ساحة قطاع غزة؛ فتح وحماس من ناحية، وانفراج العلاقة مع الإخوة في مصر الحبيبة، في خطوة نقول فيها لمن يتربصون بنا الدوائر: "موتوا بغيظكم".
أتمنى ألا تكون حسابات الضرورة هي فقط من جاء بنا إلى هذا الاتفاق، وأن تكون الأطراف - فعلاً - قد عقدت العزم الأكيد على إنهاء خلافاتها السياسية، من أجل المصلحة الوطنية العليا، وإنقاذ قطاع غزة من كارثته الوطنية.
لا شك بأننا إذا نجحنا في إدارة تقاسم وظيفي لشئون القطاع، فإن هناك الكثير مما يمكن أن نؤمله في الشهور والسنوات القادمة، ولعل أول هذه الأمور هو كسر الحصار، ووضع حد لتغول دولة الاحتلال، حيث سيتحرر اقتصاد قطاع غزة من قبضة الإسرائيليين عبر الانفتاح على مصر، وأيضاً في الاستثمار في حقول الغاز التي تقع في مرمى النظر عن شاطئ بحر غزة، والتي يمكن أن تلعب مصر دوراً أساسياً في تسويق هذه الثروة المعطلة، والتي تبلغ حساباتها الأولية أكثر من ثمانية مليار دولار، تكفي لإخراجنا من حالة الفقر والجوع لعقود طويلة قادمة.
إن ما ينتظرنا في قادم الأسابيع والشهور هو تعزيز إجراءات بناء الثقة مع كل من مصر والقيادي الفتحاوي محمد دحلان، والرهان على أن تلك العلاقة هي في السياق الاستراتيجي، وليس مجرد حسبة قصيرة الأمد، بانتظار معطيات تأتي لنعاود معها إعادة التموقع والتطلعات.
إن علينا أن نؤكد لكل من مصر والنائب محمد دحلان بأن هذا المسار هو اتجاه البوصلة في أجندة ما نتطلع إليه سياسياً، وأن ما نخطط له في هذه المرحلة هو كيف يمكننا إقامة شراكة سياسية حقيقية تخدم مشروعنا الوطني، وتعزز من إمكانياتنا وقدرات وشعبنا على الثبات والصمود في وجه كل مخططات الاحتلال.
إن هناك نقطتين يتوجب تثبيتهما في ذهنية كل من يقرر طبيعة المستقبل الذي نتطلع إليه، وهما:
أولاً؛ على المستوى الوطني، حيث إن علينا النظر لدحلان وهذا التيار الفتحاوي الواسع الذي يقف خلفه كشريك سياسي حقيقي، والعمل معاً من أحل استنهاض الكل الوطني، لنتحرك جميعاً لطي صفحة خلافاتنا، والاتفاق على رؤية وطنية لتحقيق حلم وطموحات شعبنا في التحرير والعودة.
ثانياً؛ على المستوى القومي والعلاقة مع مصر، البرهنة على أن أمن مصر القومي هو أمن قومي أيضاً لنا، وأننا سنعمل بكل الطرق لتبديد الشكوك حول هذه المسألة، والتأكيد على أن خط الحدود بيننا ليس "ثغرة مفتوحة"، قد يستغلها البعض على الجانبين بقصد الإساءة الأمنية لهذا البلد الحبيب، وأن جاهزيتنا لقطع دابر كل من يفكر بالعمل عبر الحدود بغرض استهداف مصر أو التواطؤ مع أي مجموعات إرهابية هدفها إضعاف الحالة الأمنية في سيناء.
نأمل أن يكون ما جرى - مؤخراً - في القاهرة من اتفاقات أو تفاهمات بين قيادة حركة حماس وتيار فتح الإصلاحي هو البداية لتدشين عهد جديدة، وعلاقة تأخذ بأيدينا جميعاً باتجاه الشراكة السياسية والوحدة الوطنية.
تحياتي وكل عام وأنتم بخير. دمتم