ستقابل باستغراب واستهجان وأبسطها "ليش حامل السلم بالعرض" ان بقيت مصرا على أن ترى الأمور بمقياس واضح متفق عليه وقابل للتقييم، ستواجه بذات السؤال الاستنكاري "شكلك عايش فترة طويلة في أميركا او أوروبا".
ان تساءلت: لماذا نقطع الإشارة الحمراء عن سبق الإصرار والترصد؟، لماذا نلقي القمامة بجانب الحاوية وليس فيها؟، لماذا نراكم النفايات في حيز المكان الذي نعمل فيه؟، هل يعقل غياب مصرف مياه في محل يقدم عصائر و"كوكتيل" فيسكب مياهه في الشارع؟.
تتوالى الملاحظات وتغيب المبادرات وكأنها لم تكن في مجتمعنا يوما واحدا في تاريخه، اذكر في أوائل السبعينيات كنا ننظم برامج عمل تطوعي نفاخر بها ولم تكن شوارعنا مثل اليوم ولم يكن مقبولا أن يترك صاحب متجر قمامته باب متجره، اذكر ان محيط دكان والدي في ميدان الشهيد ياسر عرفات في رام الله كانوا لحظة الإغلاق في الميدان كله ينظفون الرصيف وكان هناك يوم في الأسبوع لتلميع الزجاج، وحتى محلات الخضار في الميدان لم تبرر لنفسها ان مخلفاتها اكبر بل كانوا شركاء في النظافة.
اليوم، الناس يستغربون إذا انتقد شخص او مجموعة وبادروا لقضايا تتعلق بالنظافة والنظام والبيئة، حتى ان حديث حي بأكمله في المدينة عن قضايا النظافة يصنف انه كولسة وليس حرصا، وإذا تطور الحديث باتجاه فرز النفايات يصبح الأمر مستهجنا ومستنكرا.
عند غياب الرقابة والمساءلة والتعليمات الرادعة يصبح متاحا ان تتحول الأراضي غير المشغولة الى مكب نفايات حيث يلقي احدهم قمامته من شباك منزله على الأراضي غير المشغولة او حديقة جاره في الطابق الأرضي، وان اشتكى سكان عمارة كبيرة حالهم يكون الجواب: ما الذي دفعكم لتسكنوا هنا؟ "ما جبرني على المر الا الأمر منه".
باختصار انت مشاغب ومشاكس ومزعج ويجب ان تحجم لأنك تناقش سوء تنظيم الدور في بعض فروع البنوك، وضعف تنظيم المرور في الأزمات والأعياد، وبيع السلع الحساسة دون مقومات النظافة، وبيع السجائر لمن هم دون 18 عاما بـ"النفل"، وإلقاء بعض المطاعم والمخابز مخلفاتها في الأرض الفارغة خلف العمارة بصورة لا تظهر للعيان حتى تتحول الى مكرهة صحية.
انت مشاغب "ممنوع تقول بدنا نشرب مي" وان هناك أزمة مياه لأن هذا الموضوع سياسي بامتياز واحتلالي بامتياز، وهذا الموضوع السياسي الاحتلالي يدعو ساستنا الى مواجهته بإجراءات فنية وليس سياسية، بمعنى دعوة الناس لترشيد المياه غير المتوفرة، برنامج توزيع المياه لدى المزودين، وما دون ذلك انت مشاغب مشاكس.
قد تبدون مستشرقين أو مغتربين أو حاملين السلم بالعرض لأنكم تنشدون ان تتطور الأمور وتتجاوزوا عن ذلك تماما الى حين تجسيد موقفكم على ارض الواقع دون يافطات ولا استعراض بل ضمن مبادرات خلاقة ونموذج يحتذى، سيصبح النظام والاصطفاف على الدور واحترام إشارة المرور واحترام حقوق المستهلك وحقوق الجار والنظافة وعدم البصق في الشارع سيد الموقف، وتصبح القاعدة من أمن العقاب أساء الأدب.
سوق خضار البيرة:
ستخوض بلدية البيرة التي تبدو انها اقل اهتماما بقضايا الاحتفالات وليالي السمر إجراء مهما باتجاه إعادة تنظيم شارع فلسطين الرئيسي من ميدان المنارة حتى الشرفة وتنظيم سوق خضار وفواكه بلدية البيرة وإزالة البسطات والعوائق عن الرصيف لإتاحته للمشاة، تلك من معالم الحكم المحلي الرشيد والتي تحتاج لتضافر كل الجهود لإنجاح هذه الخطوة.
هيئة البث الإسرائيلية: مكتب نتنياهو متورط في 4 قضايا خطيرة
09 نوفمبر 2024