نصب الشهيد نزال باق

e3c774f6-0639-4e9d-8839-471247b0969e.jpg
حجم الخط

 

الشهداء الفلسطينيون من مختلف الوان الطيف السياسي الفلسطيني، هم رموز وعناوين مجيدة من صفحات نضالنا الوطني. وهم الأنبل والأكرم والأعظم منا جميعا. والإحتفاء بهم،وبتدوين تجاربهم الكفاحية، وتعميمها في اوساط اجيالنا الجديدة، ليتعرفوا جيدا على موروثهم الوطني، وعلى الصفحات الخالدة، التي مثلها الشهداء في معارك الدفاع عن الشعب والهوية والثورة والأهداف الوطنية .

وفي خضم الصراع المحتدم بين الروايتين الوطنية والصهيونية المزورة والمتناقضة مع التاريخ والجغرافيا، تسعى قيادة إسرائيل الصهيونية المتطرفة إلى "تبديد" الرواية الوطنية"، من خلال ملاحقة رموزها وعناوينها وإضاءاتها وملامحها، والعمل على نسف تاريخنا، وقلب الحقائق رأسا على عقب، لإظهار وجودنا، كأنه وجودا طارئا لا يمت للارض والوطن الفلسطيني بصلة. والعكس صحيح بالنسبة للقتلة المجرمين من قادة المنظمات الصهيونية قبل وبعد ال1948، عام النكبة وعلى مدار تاريخ الصراع وصولا ليوم الدنيا هذا. ولا أستثني احدا منهم، لإنهم جميعهم قتلة ومستعمرين وغاصبين للارض الفلسطينية العربية.

ومن النماذج الجديدة في ملاحقة الشهداء الأحياء في السياسة الإسرائيلية، تهديد حكومة نتنياهو بإجتياح مدينة جنين في حال رفضت البلدية والمحافظة إزالة نصب الشهيد خالد نزال، عضو اللجنة المركزية للجبهة الديمقراطية، الذي استشهد في حزيران 1986 في اثينا على يد الموساد الإسرائيلي. ويبدو ان البعض كاد ان يخضع للابتزاز الإسرائيلي بذريعة حسابات الربح والخسارة. نعم تستطيع حكومة الإئتلاف اليميني المتطرف إجتياح جنين وكل المدن الفلسطينية، ولكن محذور عليها إجتياح الرواية الوطنية، ومحذور عليها إمتهان مكانة اي شهيد من شهداء الشعب العربي الفلسطيني. وليس مسموحا لإسرائيل ولا لإميركا ان تبتز اي فلسطيني مهما كان في التخلي عن صانعوا صفحات مجد الشعب والقضية.

نصب الشهيد نزال، الذي اعاد ترميمه ابناء حركة فتح في اقليم جنين، يعكس الإرادة الوطنية اليقظة والمسؤولة. المدركة حجم الخلل البنيوي في رؤية اولئك، الذين كادوا يسئوا للرواية الفلسطينية. عندما لم يروا الأبعاد الخطيرة لخطوتهم البائسة في الإنصياع لمشيئة إسرائيل والمتأسرلين، لإنهم قاصروا نظر، ولم يروا ابعد من انوفهم. بالتالي كل التحية للمناضلين من حركة فتح ومن فصائل العمل الوطني، الذين تجندوا للدفاع عن نصب الشهيد البطل خالد نزال. لإن الشهيد وبغض النظر عن إنتمائه الفصائلي، وعلى اهمية دفاع ذويه ورفاقه من الديمقراطية عن مكانته ودوره، فإن الإدراك الأهم بين الجموع الوطنية وعموم قطاعات الشعب، يتمثل بدفاع الكل الوطني عن كل الشهداء القادة والكوادر والأعضاء، بإعتبارهم جميعا رموزاً للوطن، وصفحات ناصعة في سجل الشعب الذهبي. حيث لا فرق بين شهيد وشهيد إلآ بمقدار ما ابدع وأعطى للقضية والثورة والشعب. والشهيد نزال كان قامة وطنية رائدة في مجال الدفاع عن الشعب، ولإهمية دوره الكفاحي قامت الموساد بإغتياله في اثينا. وحقه على كل ابناء فلسطين في الداخل وداخل الداخل والشتات إبراز دوره ومكانته كما يليق بالشهداء القادة. وعدم التخلي عن النصب، الذي اقيم تمجيدا لسيرته النضاليه، واي كانت تهديدات إسرائيل. وهي لن تتوقف عند إزالة نصب الشهيد خالد، بل ستواصل إبتزازنا في هويتنا وفي اسماءنا وتواريخ ميلادنا وفي لقمة عيش اسرانا وذويهم، وكلما تراجعنا خطوة امامهم بإسم المرونة وتدوير الزوايا التسطيحي، فإنها ستلاحقنا حتى نصبح عبيدا لمشيئة ومنطق روايتها الإستعمارية. لذا لا يجوز تحت اي تهديد أميركي او إسرائيلي التخلي عن شهيد من شهداء الشعب او اسير من اسراه او جزءا مهما كان صغيرا من معالم روايتنا وتاريخنا وهويتنا. والمجد للشهداء وكل عام وانتم بخير