رسالة إلى النائب محمد دحلان
عيدٌ سعيد.. غزة تنتظر تهنئتكم سلوكاً
بقلم/ نبيل الزيناتي
كاتب فلسطيني
يستطيع أي مراقبٍ للحال الذي وصل له قطاع غزة أن يقطع رأياً لن يختلف عليه اثنان، وهو أن هذا الحال الذي بلغ عنق الزجاجة، حيث أن غزة التي أطعمت الوطن وسقته ذات يوم، باتت تستجدي خبزها وقطرة الماء التي تشربها، واستقر في ضمير حكّام البلاد أن هذه البقعة التي رفضت الهوان على مدى التاريخ ينبغي لها أن تركع وأن يُذلّ أهلها، حتى تصل إلى مرحلةٍ تتسول فيها العطف ولا تجده، بعد أن تآمر عليها القريب والبعيد، وفشلت جميع الأطراف في صناعة حياةٍ كريمةٍ لشعبٍ مناضلٍ لم يعد يجد ما يقتات به ليواجه ملمات القدر وما تستوجبه ضرورات البقاء على قيد الحياة.
لم يتمكن طرفا الانقسام من أن يمنحا سكان القطاع الحياة الكريمة كباقي مدن الوطن، وبما يليق بحياة الإنسان، واستبدلتا الجهد الذي يجب أن يُبذل في كل صعيد من أجل تأمين ظروف عيشٍ تليق بمعاناة وتضحيات ونضالات الغزيين، بجهدٍ أقل تكلفة ولكنه أكثر تأثيراً، من خلال موجات ردحٍ إعلامية لتحميل المسؤوليات، وتبرير فقدان مبررات شرعية الحكومات وشرعية الحكّام.
أخي أبو فادي
أعرف أنك تتابع ككل الغزيين، بكثيرٍ من القهر والسخط والغضب، إجراءات الرئيس بحق أهل غزة البسطاء، من وقف التحويلات المرضية وانتظار الآلاف من المرضى الموت بسبب المناكفة السياسية بين الرئيس وغزة، وتعمّد الطلب إلى الاحتلال بتخفيض كميات الكهرباء الواردة إلى غزة، وقطع أرزاق الناس والتغول على رواتب الموظفين والأسرى والشهداء، وحل وزارة الأسرى واستبدالها بمسمى دائرة في وزارة حكومية، وقطع الجرحى، وخصم رواتب الموظفين الفقراء، وقطع مخصصات الشؤون الاجتماعية عن الفقراء الذين بالكاد يجدون خبزهم اليومي، هذا بالإضافة إلى تغوّل الرئيس على السلطتين التشريعية والقضائية، ووقف رواتب أعضاء المجلس التشريعي والموظفين ومؤخراً قطع رواتب 30 موظفاً من الصحفيين مع حلول عيد الفطر دون وجه قانوني أو أخلاقي كباقي الإجراءات التعسفية التي قام بها الرئيس ضد هذا القطاع.
أخي أبو فادي،
لقد فشلوا في توفير متطلبات حياة الناس، ففي غزة لا كهرباء أو ماء، في غزة تلوث البحر، والبطالة خانقة، والفقر مدقع، المستشفيات بلا أدوية أو طواقم طبية كافية أو أجهزة ومعدات لازمة. هنا السرطان والفشل الكلوي والحروب التي ما أن تنتهي حتى تبدأ من جديد، هنا جامعات أوشكت أن تخلو من الطلاب بسبب الفقر والبطالة، وجيوش من الخريجين بلا عمل. هنا غزة بلا معابر أو مطار أو ميناء، هنا سجنٌ كبيرٌ أهله يحلمون فيه بالطيران والتحليق كباقي البشر، غزة تحلم أن تستيقظ ذات يوم على وقع وصولك إلى أرضها، تحمل معك الخير والأمل واستعادة المشروع، فلا تكسر بخاطرها، اجتهد لتكون العودة قريبة، ويكون الحضور بحجم التأثير وبحجم الأمل.
أخي أبو فادي،
غزة التي تحبها وتحبك، تئن وتموت ببطء، وأهلها ينتظرون دوركم الوطني تجاه هذا الواقع المظلم، وكلهم ثقة أنكم لن تخذلوها ولن تخذلوا أبناءنا، فقد عرفتك غزة وفياً لها، مدافعاً عن حقوقها، باراً بأهلها، وقد شهد لوطنيتكم كل شارع فيها وكل من عرفكم، غزة الجريحة تنتظر دورك وأنت السياسي والوطني الذي يلقى قبولاً شعبياً وعربياً ودولياً، وهي ترى، وهي محقة فيما ترى، أنك المؤهل لإبراء الجرح النازف، وتقديم البلسم الشافي لقطاعٍ أنهكه الوجع، بعدما تكالبت عليه الدنيا، وتآمر عليه من ظنناه يوماً خليفة لياسر عرفات، لنجد أمامنا من يكرهها أكثر مما كرهها ذات يومٍ اسحاق رابين.
كل عام وأنت وفلسطين وغزتنا بألف خير،،