إلي متى.. ستبقى غزة في دائرة التهديد و الوعيد؟!

محمود الريفي
حجم الخط

تطالعنا وسائل الاعلام المختلفة بتصريحات لساسة وعسكريين اسرائيليين تحمل تهديدا ووعيدا بشن اعتداء جديد والذريعة لتنفيذ أي اعتداء جاهزة وكل الظروف العربية و الاقليمية و الدولية بوضعها الحالي قد يساعد على ارتكاب دولة الاحتلال حماقة جديدة لا يمكن منعها حيث تصدر التصريحات عن الفريق المسؤول عن الاعتداء الثلاثة السابقة وجميعها تمت في ظل حكومة اليمين المتطرف برئاسة "نتنياهو" وكان اخرها الاعتداء الاكثر دموية الذى طال قطاع غزة صيف العام 2014م والمصنف الاشد فتكاً وتدميراً لكل مناحي الحياة , والمتابع لتصريحات قادة الاحتلال حول استئناف القتال ضد غزة يخلص الى حقيقة الواقع الذى ساد قبل تدحرج الاوضاع الامنية وتفجرها الدراماتيكي بفعل تصعيد الاحتلال الاعلامي والميداني المتدرج حتى انفجار الصاعق وتصاعد وتيرة الاعتداءات الدموية بحق الابرياء العُزل وما نتج عنها من حركة نزوح كبيرة الى عمق المدن , وسقوط الاف من الشهداء و الجرحى , ودمار مهول في البنى التحتية والقطاعات الحيوية والمرافق الخدماتية لازالت غزة حتى تاريخه تنتظر اعادة التأهيل والاعمار بعدما تعرضت لقصف بأطنان من المتفجرات المحرمة دولياً من قِبل الاحتلال الاسرائيلي خلال اعتداء يوليو من العام 2014م واصابت كل مناحي الحياة المدنية بشكل مباشر دون الالتفات الى نصوص المواثيق و المعاهدات الدولية وهى تعي تماماً حجم المأساة و المعاناة الناتجة من التدمير و التخريب وايقاع اعداد كبيرة من الشهداء و الجرحى تقصد بذلك اغراق غزة في أتون مشاكل و أزمات لا حصر لها وتفوق طاقتها وهذا ما هو قائم بعد مرور 10 شهور على انتهاء جولة التصعيد الاخيرة دون أي مؤشر على اعادة الاعمار, او رفع الحصار. تزداد وتيرة التصريحات العنصرية مع تشكيلة حكومة اليمين المتطرف و تحمل سياساتها خطوطاً عامة صرح بها "نتنياهو" تتمحور حول وحدة القدس اليهودية..!

وعدم تقسيمها والبناء و التطوير في انحاءها , والتنصل من حل الدولتين , وتعزيز الاستيطان في الضفة الغربية ومصادرة اراضيها ومواردها الطبيعية , والابقاء على الواضع السائد مع غزة حالة من اللا حرب و اللاسلم مع بقاء الاعتداءات المتكررة قائمة ومتواصلة تنتهك بوضوح اتفاق وقف اطلاق النار المبرم برعاية مصرية ابان حرب يوليو الاخيرة ولم يتغير شيء حصار غزة قائم وان تم زيادة عدد الشاحنات الواردة هنالك الاسمنت ومئات الاصناف من المواد الخام والمعدات الثقيلة الضرورية لم يرفع الحظر عن دخولها غزة , وتعرض البحر و البر لانتهاكات يومية يتزامن مع التلويح بخوض قتال جديد مع غزة بات فلسفة راسخة واقرب الى العقيدة المتطرفة التي تترجم افعالها العقلية الاحتلالية العنصرية ضد كل من تعتقد أنه يهدد أمنها ووجودها ,

وهذا التوجه ليس جديداً على دولة الاحتلال بكل مكوناتها ومنذ قيامها اعتمدت منهجية الاعتداء المباغت والحاق الأذى بكل ما من شأنه أن يهددها ولم يكن هذا التوجه جديداً وانما يرتبط بالظروف التي سهلت لليهود قدومهم الى فلسطين التاريخية واستيطانهم وطردهم لأهلها بعدما نفذت المجموعات اليهودية المسلحة مجازر بشعة ضد الفلسطينيين العُزل وجرائم حرب لم تمحوها 67 عاماً على الرحيل الكبير و التشرد واللجوء وبداية فصول المعاناة المتواصلة , ولم يكن لدولة الاحتلال ان تقوم على انقاض المدن و القري الفلسطينية لو المساعدات والدعم المالي و اللوجيستي والغطاء السياسي الدولي الذى مهد لاحقاً اعترافاً بالدولة المحتلة اللقيطة المارقة وهذا احد اسباب عدم استقراراها و شعورها بأنها منبوذة و مهددة وغير آمنة وعليها الدفاع عن نفسها وعن شعبها القادم من اصقاع الارض و لا يمت للأرض الفلسطينية بأي انتماء وخلال الاعتداء على غزة غادر الاف منهم الى بلدانهم الاصلية خوفاً ورعباً من جحيم صواريخ المقاومة الفلسطينية التي طالت مدن وبلدات فلسطين المحتلة ومثل ذلك توازناً للرعب امام ما تنفذه آلة القتل الاحتلالية التي تحظي بغطاء سياسي ودعم عسكري مساند على الدوام دافع عنها ولم يتخذ بحقها أي اجراء فعلي على مدار 67عاماً من نكبة الشعب الفلسطيني واكتفي بالشجب و الادانة على الرغم من وجود شواهد القتل و التدمير ودفن الاحياء وقتل الاطفال و الصبية و النسوة دون ان تتحرك ضمائر من يتغنون بالديمقراطية وحقوق الانسان واكتفوا بتوجيه الدعوة لتحييد المدنيين القتال وعدم استهدافهم..!

وكأن من استهدفوا وسويت بيوتهم بالأرض وهم بداخلها هم مقاتلون.. كل المؤشرات و الدلائل والممارسات الفعلية الاحتلالية بحق كل ما هو فلسطيني سواء في الضفة الغربية والقدس و قطاع غزة ترسم ملامح صورة قاتمة للمستقبل المنظور تؤكد علية وقائع الواقع الحالي وترسم خطوطها العامة وغالباً ما تتجه الاوضاع الميدانية نحو التصعيد واحتدام المواجهة في المدينة المقدسة متزامنة مع دعوات المتطرفين اليهود لاقتحام المسجد الأقصى المبارك والتحريض على تقسيمه زمانياً ومكانياً كما حدث مع المسجد الابراهيمي وهذا الوضع السائد في المدينة المقدسة من شأنها أن يشعل الاوضاع المتهيئة بِفعل اجراءات الاحتلال التعسفية بحق المدينة ,

وتدنيس مسجدها من قبل غلاة اليهود المتطرفين , والتهديد بمهاجمة غزة ليس من باب الترهيب و التخويف و انما يُمكن للأوضاع الميدانية ان تنفجر من جديد ويستأنف الاعتداء بحق غزة المنهكة دون سابق انذار على الرغم مما يتم تداوله عن هدنة طويلة الامد و رفع الحصار و انشاء ميناء بحري و اعادة بناء المطار كل ذلك يمكن ان يذهب ادراج الرياح امام رغبة دولة الاحتلال في شن اعتداء جديد ضد غزة حال توفرت اسبابه بالنسبة لها دون الاخذ بعين الاعتبار أي اتفاق يمكنها التنصل منه مع ادراكها ان احداً ما لا يمكنه تأنيبها أو مسائلتها وهذا ما ظهر خلال وبعد حرب صيف 2014م , وان عاد شبح الاعتداء من جديد على غزة ان تواجه وحدها وتصمد وتقاتل المعتدي وتعتاد على غياب منظومة الامم البائسة المرتهنة , والا تنظر الجيش العربي المشترك المزمع تشكيله ان يهب لنجدتها و يدخل المعركة التاريخية مع جيش الاحتلال لأجل غزة..!! غزة التي اعتادت ان تقاتل منفردة وتواجه عدوها منفردة وان شنت دولة الاحتلال اعتداءاً جديداً ستصمد في وجه و لن ترفع راية الذل و الخنوع و الركوع رغم ما تعانيه من تداعيات اعتداءات ثلاث انقضت وحصار جائر يخنقها براً و بحراً.. وفى خضم التهديد و الوعيد وقرع طبول الحرب ضد غزة ما هو المطلوب وطنياً وعربياً و اسلامياً ودولياً..؟

سؤال يحتاج الى اجابة صادقة مع الذات يحدد ملامحها حضور الضمير الوطني وتغليب المصالح العليا لشعبنا الفلسطيني من موته وغيابه على ناصية الاختلاف في الفكر و المفاهيم و اليات التطبيق وما يهمنا ترتيب اوضاعنا الداخلية وتحصين جبهتنا الداخلية امام تهديد الوجود الفلسطيني على ما تبقي من ارضه , ومواجه احقاد و غطرسة عدو محتل غاصب لقيط بمزيد من الشراكة السياسية و الوحدة الوطنية وهذا هدفنا وحينها نترك الاجابة عن بقية السؤال لمن يخصهم ويعنيهم مباشرة ليتحملوا نتائج جرائم الاحتلال لعقود طويلة بحق الانسانية و انتهاكات حقوق الانسان الفلسطيني والاعتداء على ارضه ومقدساته يومياً والتسويف والمماطلة في تطبيق قرارات الشرعية الدولية الخاصة بالقضية الفلسطينية والتي تدعو الى اقامة الدولة الفلسطينية على حدود حزيران 1967م وعاصمته القدس وسبق الاعتراف بها في الامم المتحدة بصفة عضو مراقب يوم 29/11/2012م وهذا ما مهد الطريق امام تثبيت الحق الفلسطيني على جزء من ترابه الوطني التاريخي والانخراط في مئات الاتفاقيات و المعاهدات الدولية بضمنها محكمة الجنايات الدولية على طريق تحقيق الكيانية الفلسطينية وانتزاع الاستقلال الوطني .