قال رئيس الوزراء د. رامي الحمد الله، إن الحكومة وضعت خططها وبرامجها حول المواطن أولاً، وتحقيق حريته ونمائه وإعمال حقوقه، "إيمانا منا بأن الإنسان الفلسطيني هو الوسيلة والغاية".
جاء ذلك خلال مشاركته في "المؤتمر الدولي المشترك 2017، حول الإدارة العامة تحت الضغط"، بحضور رئيس ديوان الموظفين العام موسى أبو زيد، وعدد من الشخصيات العربية والأجنبية، وممثلي عدد من المؤسسات الدولية.
وأشار إلى أن الحكومة باشرت ذلك في إطار "ديوان الموظفين العام"، باعتباره "الحاضنة الرئيسية للوظيفة العمومية والجهاز الإداري لدولتنا، جهود الاهتمام والاستثمار بالرأسمال البشري".
وأضاف الحمد الله "عملنا على إنجاز المسودة النهائية لتعديل قانون الخدمة المدنية، التي هي حالياً قيد المصادقة في مجلس الوزراء، واتخذنا خطوات هامة نحو إرساء منظومة قيمية وأخلاقية لقطاع الخدمة المدنية، بإنجاز مدونة السلوك وأخلاقيات الوظيفة العامة، وتم إعداد جداول تشكيلات الوظائف الحكومية، إضافة إلى التطور الحاصل والمدروس في التعيينات والترقيات، لتعزيز ثقة المواطن بعملية التوظيف في القطاع العام وإضفاء المزيد من الشفافية والنزاهة عليها".
وأردف: "كما أطلقنا المدرسة الوطنية للإدارة، لتكون مرفقاً هاماً للإدارة العامة في فلسطين، ولإعداد قيادات إدارية قادرة على صنع التغيير، بالإضافة إلى الانضمام لعضوية شبكة واسعة ومتنامية من المؤسسات الإقليمية والدولية المختصة’، مشيراً إلى أن ذلك سيتوج بإنجاز أول خطة استراتيجية وطنية للتدريب في القطاع العام لدولة فلسطين، بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي".
وتابع: "بكثير من الفخر والاعتزاز، أشارككم افتتاح "المؤتمر الدولي المشترك 2017، حول الإدارة العامة تحت الضغط"، ممثلا عن الرئيس محمود عباس، ويشرفني أن أتواجد بين هذه النخبة المميزة من الخبراء والأكاديميين والمختصين المشاركين في هذا المؤتمر الهام والنوعي، الذي يعقد لأول مرة على أرض فلسطين".
وأكمل الحمد الله حديثه: بأن "عقد الجلسة الافتتاحية لهذا المؤتمر في قلب مقر الرئاسة الفلسطينية، لهو دليل على اهتمام وحرص الرئيس على النهوض بواقع الإدارة العامة والارتقاء بقطاع الخدمة المدنية، ودفع عجلة التنمية الإدارية بوصفها إحدى أهم حلقات التنمية الوطنية المنشودة".
وقال: "يعقد مؤتمرنا هذا، وسط تحديات سياسية واقتصادية كبرى يواجهها شعبنا وقيادته. فالاحتلال الإسرائيلي لا يزال جاثماً على أرضنا، يتوسع كل يوم في استيطانه العسكري، خاصة في القدس ومحيطها، وينهب المزيد من الأرض والموارد، ويعتقل في سجونه ومعتقلاته نحو سبعة آلاف أسير فلسطيني، ويمعن في حصاره الظالم على قطاع غزة، ويحرم أهلنا فيها من حقهم الطبيعي في الحياة الكريمة والحركة والتنمية".
وجاء في حديثه: "يأتي هذا في وقت تطوق فيه إسرائيل، المناطق المسماة (ج) التي تشكل حوالي 64% من مساحة الضفة الغربية، ويفرض مخططات التهجير والاقتلاع على أهلها ويمارس ضدهم سياسة التنكيل، ويعرقل جهود التنمية والبناء فيها. إذ أقدمت اسرائيل، منذ مطلع هذا العام، على هدم حوالي مئتين وخمسين منزلا ومنشأة، منها حوالي مئة منشأة ممولة دوليا، وقامت، بمصادرة أكثر من تسعين وحدة للطاقة الشمسية من قرية جوبة الديب".
واستدرك: "إذا كانت لجهود الارتقاء بالإدارة العامة تحت الضغط أهمية كبرى في العالم، فإن لها في فلسطين أهمية مضاعفة، فهي ركيزة أساسية في تطوير أداء وفعالية مؤسساتنا العامة والنهوض بقدرتها على رعاية شؤون المواطنين وضمان تقديم خدمات نوعية ومستدامة بالتكامل مع مؤسسات القطاع الخاص والأهلي، وكمدخل أساسي لدعم وتعزيز صمود أبناء شعبنا في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي وصون منعتهم، كما أن التنمية الوطنية المنشودة، لن تتحقق إلا من خلال وظيفة عمومية مهنية فاعلة، وبموارد بشرية كفؤة قادرة على تحقيق الاستراتيجيات الوطنية وبرامج عمل الحكومة في إطار من الشفافية والنزاهة والشراكة الوطنية الشاملة".
ونوه الحمد الله إلى أن "كل خطوة نخطوها على درب الارتقاء بالإدارة العامة تحت الضغط، وفي ظل الاحتلال، يساهم في تحسين الأداء العام وتطوير الخدمات، ويؤكد جاهزيتنا لإدارة الدولة، ويعطي العمل الدبلوماسي الفلسطيني المزيد من القوة والزخم والمنعة".
وأوضح أن تجربة فلسطين، في إنشاء وتطوير بنيتها المؤسسية، تجربة أقل ما يقال عنها، أنها فريدة وغنية وملهمة، مضيفا: "ففي وسط الصعاب والتحديات، وفي ظل تراجع المساعدات المالية إلى حوالي 70%، استطاعت الحكومة بتوجيهات من القيادة أن تشق دربها، وأن تتحدى هذا الحصار السياسي والمالي، وتمكنت من تكريس بنية مؤسسية فعالة مستجيبة لاحتياجات أبناء شعبنا في كافة أماكن تواجدهم.
وأردف: "لأننا ندرك تماما، أن الحفاظ على الأمن والأمان وترسيخ سيادة القانون ومبادئ الحكم الصالح الرشيد، هو السبيل الوحيد الذي به نصون هذه الإنجازات ونراكم عليها، ونحمي المواطن وحرياته وممتلكاته، فقد اتخذنا بتوجيهات القيادة خطوات لإصلاح المنظومة القضائية بما يضمن تعزيز سلطة واستقلال القضاء الفلسطيني، حيث نمضي، في مناقشة مشروع قانون السلطة القضائية مع مجلس القضاء الأعلى وكافة جهات الاختصاص، وعلى أساس التوافق الإيجابي بين كافة رؤساء مؤسسات قطاع العدالة، للانطلاق نحو تعديل القانون، آخذين بعين الاعتبار المشروعات والدراسات المقدمة أو التي ستقدم من مجلس القضاء الأعلى ووزارة العدل والنيابة العامة، ليتم مناقشتها مع مشروع قانون السلطة القضائية لسنة 2005 والاستعانة بالخبراء والمختصين".
وقال: "إن كل هذه الإنجازات التي تحققت، ستبقى منقوصة وغير متوازنة، في ظل استمرار الانقسام، ولهذا فإننا ماضون في العمل للتوصل إلى مصالحة وطنية، ضمن خطة الأخ الرئيس لاستعادة وحدة الوطن، وحل اللجنة الإدارية التي شكلتها حركة حماس في قطاع غزة، لتمكين حكومة التوافق الوطني، من أن تكون حكومة الكل الفلسطيني، وتكرس الوحدة والوفاق، وتتمكن من أداء مهامها في المحافظات الجنوبية، بفعالية ودون أية عراقيل أو عقبات، كمقدمة لإجراء الانتخابات العامة الرئاسية والتشريعية في غزة والضفة، بما فيها القدس".
وأضاف الحمد الله: "أن هذا المؤتمر، الذي تلتقي في رحابه، الكثير من الخبرات والطاقات والعقول المحلية والعربية والدولية، إنما يشكل منبراً دولياً حيوياً لتبادل التجارب وتعزيز التعاون، ويعطي ديوان الموظفين العام، المكانة التي يستحق ويعترف بالإنجازات والنجاحات التي حققها ليضع فلسطين في طليعة الدول المهتمة برأسمالها البشري، بل وبين الدول التي تشارك العالم بخبراتها وتجربتها في الإدارة العامة".
واختتم حديث بالقول: "أتوجه بكل الشكر، من ديوان الموظفين العام ورئيسه على جهودهم المبذولة، وللرابطة الدولية لمدارس ومعاهد الإدارة وشبكة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لبحوث الإدارة العامة، ونيابة عن الرئيس وباسمي، أشكر جميع الحضور على إغنائهم لتجربة فلسطين ودعم مسيرتها في تطوير وإصلاح مؤسساتها الوطنية والنهوض بقدرات كوادرها البشرية. بكم وبخبراتكم، سنتمكن من إحداث تحول جذري في أداء وبنية مؤسساتنا الوطنية وتعزيز الكفاءة الإدارية لها، والاستثمار الأفضل لمواردها البشرية والمالية".