تصحو !
هي لم تنمْ حتى تُحضِّرَ قهوةَ الصُّبحِ المُرَنَّمِ والبهيجِ،
ولم تزل في يقظةِ الأضواءِ في الليلِ المُسَرْنمِ
والضّجيجِ،
ولم يزل شبّاكها الشمسيُّ ينشرُ مِفْرشَ الجسدِ
المُدَبَّغِ بالنشيجِ ..
تقول ؛ نامت !
لم تنم يوماً ، فعينُ الماءِ
تفتحُ بابَها الكحليَّ إنْ مرَّ الفتى مِن تحتِ
نافذةِ الصبيّةِ ،
والطريقُ تعجُّ بالشايِ المُدَّخَّنِ ،
والنداءاتِ النديّةِ ،
والصلاةِ على النبيِّ
إذا تعددت النوايا لإبتياعِ حوائجِ البيتِ الهَنيّةِ ،
والوقوفِ بدكَّةِ الفولِ الشهيّةِ ،
والضبابِ الحارقِ الدَّبِقِ
الذي غطّى الوجوهَ ،
كأنَّها خرجت لتمشي من مدامعِها ..
إلى وجعِ الحياه .
هي لا تنامُ ، من البدايةِ ..
حيث وَحَّدَها المليجيُّ الذي فاحت رُؤاه ،
وهي التي غسلتْ مشيمَتَها على حَجَرِ المياه ،
وعندما نطقَ البهاءُ على الضفافِ
ولم يروا شيئاً سواه ..
قد فاضَ شَهْدُ النَّخلِ مِن بُرجِ اليمامةِ والجِباه !
وبلَّلته عيونُها بالبَرْقِ
أو دخلت سِهامُ رُموشِها في صدرهِ
فأتى الصدى مُتجاوِباً من كلِّ آه .
والنهرُ أوّلُ شمسِها ، من منبعِ المانجوِ السَّخيِّ
إلى الشواطئِ ،
حيث أشعلَ أوَّلُ الزوَّارِ قنديلَ الفنار .
وقال للسفنِ البعيدةِ ؛ هذه دربي إلى قلبِ النهارِ ،
وهذه كفّي ، تعالي نحوها ..
فهي التي ألقتْ قلائدَها إلى شَغفِ المَحار ،
وتلك أرضُ التِّبْرِ والطينِ المُرَنَّقِ
بالأُوار ،
فلا تسيري غير ناحيتي ،
ونامي فوق صدري ،
إنّني ولدُ النبيِّ
وهذه دارُ الإله .
والّلوتسُ النيليُّ يفتحُ تاجَه لفَراشَةِ الرُّؤيا ..
من سبعةٍ تُفْضي إلى سبعٍ من السنواتِ ،
أو تمشي الشقيقةُ كي ترى الطفلَ الرَّضيعَ
وأين يمضي اليَّمُّ بالصندوقِ ،
حتى تأكلَ الأفعى العِصيَّ
وكيف تصعقهُ الإجابةُ ،
ثم تحملهُ إلى التِّيهِ الخُطاه ،
أو يحضرُ النّورُ المسيحُ
وتتركُ العذراءُ منديلَ البكارةِ في الجبالِ
لكي يرى الغرباءُ معجزةَ الكهوفِ
ويرتمي مَن جاءها تحتَ الرُّماه .
هي جنةٌ ؛ نهرٌ وحُورٌ
والأرائِكُ كلُّ غصنٍ ينثرُ الحَبقَ الرخيَّ ..
وإنّما ؛
فيها يموتُ الطيِّبونَ
ولا يموتُ بها الجُنون ،
قد يأكلون ويشربون ،
ويفتحون عيونَهم ،
لا يرمشون
ولا منامَ لهم .. ولا هُم ينعسونْ ،
وربّما هجسوا بليلٍ يحلمونَ به ..
وقد لا يعرفون
إنْ جاءهم حلمٌ فماذا يفعلونْ ؟
هي جَنَّةُ الأرضِ البديعةُ
والمُعَمِّرةُ الرَّضيعةُ
والمخاضُ إلى صِّباه ..
وربّما آن الأوانُ لنجمةٍ .. تأتي
إلى حقلِ الرُّعاه .