المتوكل طه "أرضُ الإله ! إلى القاهرة التي لا تنام "

المتوكل طه "أرضُ الإله ! إلى القاهرة التي لا تنام "
حجم الخط

تصحو !

هي لم تنمْ حتى تُحضِّرَ قهوةَ الصُّبحِ المُرَنَّمِ والبهيجِ،

ولم تزل في يقظةِ الأضواءِ في الليلِ المُسَرْنمِ

والضّجيجِ،

ولم يزل شبّاكها الشمسيُّ ينشرُ مِفْرشَ الجسدِ

المُدَبَّغِ بالنشيجِ ..

تقول ؛ نامت !

لم تنم يوماً ، فعينُ الماءِ

تفتحُ بابَها الكحليَّ إنْ مرَّ الفتى مِن تحتِ

نافذةِ الصبيّةِ ،

والطريقُ تعجُّ بالشايِ المُدَّخَّنِ ،

والنداءاتِ النديّةِ ،

والصلاةِ على النبيِّ

إذا تعددت النوايا لإبتياعِ حوائجِ البيتِ الهَنيّةِ ،

والوقوفِ بدكَّةِ الفولِ الشهيّةِ ،

والضبابِ الحارقِ الدَّبِقِ

الذي غطّى الوجوهَ ،

كأنَّها خرجت لتمشي من مدامعِها ..

إلى وجعِ الحياه .

هي لا تنامُ ، من البدايةِ ..

حيث وَحَّدَها المليجيُّ الذي فاحت رُؤاه ،

وهي التي غسلتْ مشيمَتَها على حَجَرِ المياه ،

وعندما نطقَ البهاءُ على الضفافِ

ولم يروا شيئاً سواه ..

قد فاضَ شَهْدُ النَّخلِ مِن بُرجِ اليمامةِ والجِباه !

وبلَّلته عيونُها بالبَرْقِ

أو دخلت سِهامُ رُموشِها في صدرهِ

فأتى الصدى مُتجاوِباً من كلِّ آه .

والنهرُ أوّلُ شمسِها ، من منبعِ المانجوِ السَّخيِّ

إلى الشواطئِ ،

حيث أشعلَ أوَّلُ الزوَّارِ قنديلَ الفنار .

وقال للسفنِ البعيدةِ ؛ هذه دربي إلى قلبِ النهارِ ،

وهذه كفّي ، تعالي نحوها ..

فهي التي ألقتْ قلائدَها إلى شَغفِ المَحار ،

وتلك أرضُ التِّبْرِ والطينِ المُرَنَّقِ

بالأُوار ،

فلا تسيري غير ناحيتي ،

ونامي فوق صدري ،

إنّني ولدُ النبيِّ

وهذه دارُ الإله .

والّلوتسُ النيليُّ يفتحُ تاجَه لفَراشَةِ الرُّؤيا ..

من سبعةٍ تُفْضي إلى سبعٍ من السنواتِ ،

أو تمشي الشقيقةُ كي ترى الطفلَ الرَّضيعَ

وأين يمضي اليَّمُّ بالصندوقِ ،

حتى تأكلَ الأفعى العِصيَّ

وكيف تصعقهُ الإجابةُ ،

ثم تحملهُ إلى التِّيهِ الخُطاه ،

أو يحضرُ النّورُ المسيحُ

وتتركُ العذراءُ منديلَ البكارةِ في الجبالِ

لكي يرى الغرباءُ معجزةَ الكهوفِ

ويرتمي مَن جاءها تحتَ الرُّماه .

هي جنةٌ ؛ نهرٌ وحُورٌ

والأرائِكُ كلُّ غصنٍ ينثرُ الحَبقَ الرخيَّ ..

وإنّما ؛

فيها يموتُ الطيِّبونَ

ولا يموتُ بها الجُنون ،

قد يأكلون ويشربون ،

ويفتحون عيونَهم ،

لا يرمشون

ولا منامَ لهم .. ولا هُم ينعسونْ ،

وربّما هجسوا بليلٍ يحلمونَ به ..

وقد لا يعرفون

إنْ جاءهم حلمٌ فماذا يفعلونْ ؟

هي جَنَّةُ الأرضِ البديعةُ

والمُعَمِّرةُ الرَّضيعةُ

والمخاضُ إلى صِّباه ..

وربّما آن الأوانُ لنجمةٍ .. تأتي

إلى حقلِ الرُّعاه .