الصلاة على النبي في السجود

الصلاة على النبي في السجود
حجم الخط

السؤال

سائل يسأل عن جواز الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في السجود.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

هل يجوز الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في السجود؟ أي: أن نفتتحَ ونختم بالصلاة على النبي صلى الله وعليه وسلم عند الدعاء في السجود، في صلاة القيام، أو النوافل الأخرى.

الجواب

الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:

فالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مِن أنفع العبادات للمسلم، فتعظيم النبي صلى الله عليه وسلم وإكرامه ومحبته، مما يكمل به إيمان المرء ويزيد في حسناته ويُكفِّر السيئات، والله تعالى أثنى على نبيه في الملأ الأعلى، وأثنتْ عليه الملائكة المقربون؛ قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((مَن صلى عليَّ صلاة صلى الله عليه بها عشرًا))؛ رواه مسلم وغيره.

ومِن أفضل ما صحَّ في فضل الإكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم: ما رواه الترمذي عن أُبي بن كعب قلتُ: يا رسول الله، إني أكثر من الصلاة عليك، فكم أجعل لك من صلاتي؟ فقال: ((ما شئتَ))، قال: قلت: الربع؟ قال: ((ما شئت، فإن زدتَ فهو خير لك))، قلت: النصف؟ قال: ((ما شئت، فإن زدت فهو خير لك))، قال: قلت: فالثلثينِ؟ قال: ((ما شئت، فإن زدت فهو خير لك))، قلت: أجعل لك صلاتي كلها؟ قال: ((إذًا تُكفى همَّك ويُغفر لك ذنبك)).

وقول السائل: أجعل لك من صلاتي؟ يعني: مِن دعائي؛ فإن الصلاة في اللُّغة هي الدعاء، فيكون مقصود السائل: أي يا رسول الله، إن لي دعاءً أدعو به، أستجلب به الخير، وأستدفع به الشر، فكم أجعل لك من الدعاء قال: ((ما شئت))، فلما انتهى إلى قوله: أجعل لك صلاتي كلها؟ قال: ((إذا تكفى همك ويغفر ذنبك)).

وفي الرواية الأخرى: ((إذا يكفيك الله ما أهمَّك من أمر دنياك وآخرتك)).

وهذا غاية ما يدعو به الإنسان من جلب الخيرات ودفع المضرات؛ فإن الدعاء فيه تحصيل المطلوب واندفاع المرهوب؛ قاله شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (1/ 349-3450).

أما الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم قبل الدعاء في السجود في صلاة القيام أو النوافل، فمَن تأمَّل دعاء النبي في التشهد الأخير في الصلاة، وجد أنه قدم الثناء على الله، ثم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم الدعاء، ولما كان السجود من مواطن الدعاء، فإنه يشرع أيضًا أن يفتتح بالثناء على الله، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم؛ كما رواه أحمد والترمذي عن فضالة بن عبيد صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: سَمِع رسولُ الله صلى الله عليه وسلم رجلًا يدعو في الصلاة، ولم يذكر الله عز وجل، ولم يصلِّ على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((عجل هذا))، ثم دعاه فقال له ولغيره: ((إذا صلَّى أحدكم فليبدأ بتحميد ربه والثناء عليه، ثم ليصلِّ على النبي، ثم ليدعُ بعد بما شاء)).

وهذه الحديثُ نصٌّ في أن "مفتاح الدعاء الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم"؛ كما قال الإمام ابن القيم في كتابه جلاء الأفهام.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (1/ 347): فإن الصلاة عليه مِن أعظم الوسائل التي بها يُستجاب الدعاء، وقد أمر الله بها، والصلاة عليه في الدعاء هو الذي دل عليه الكتاب والسنة والإجماع".

هذا، وأسأل الله أن يرزقنا العمل بالكتاب والسنة