عبّر المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان اليوم الأربعاء، عن قلقه الشديد من تفاقم أزمة الكهرباء في قطاع غزة على نحو غير مسبوق، محذراً من تداعياتها الكارثية على الأوضاع الانسانية المتدهورة.
وشدد المركز في بيان صحفي على أن انقطاع الكهرباء، لمدة تزيد عن 20 ساعة يومياً منذ أكثر من 3 شهور حول حياة السكان في منازلهم وأماكن عملهم إلى جحيم، وحرمهم من ممارسة حياتهم بشكل طبيعي في ظل ارتفاع درجات الحرارة ونسبة الرطوبة في أجواء القطاع.
كما أدى تفاقم أزمة الكهرباء إلى تدهور متسارع في مستوى كافة الخدمات الأساسية للمواطنين، وخاصة الخدمات الصحية، خدمات صحة البيئة، بما فيها إمدادات مياه الشرب وخدمات الصرف الصحي، وأدى كذلك إلى تدهور غير مسبوق في عمل المنشآت الصناعية والتجارية، وتسبب في مزيد من التدهور الاقتصادي الذي يعاني منه القطاع بحسب المركز.
وتفاقمت أزمة الكهرباء في أعقاب طلب السلطة الفلسطينية من سلطات الاحتلال الاسرائيلية تقليص إمدادات الكهرباء إلى قطاع غزة، وتخفيض مدفوعاتها الشهرية المخصصة لدفع فواتير إمدادات الكهرباء من "إسرائيل".
واستجابت سلطات الاحتلال للطلب وخفضت كمية الطاقة الكهربائية بنسبة 41.6%، حيث أصبحت كمية الطاقة الكهربائية الواردة من الخطوط الاسرائيلية 70 ميجا وات بعد أن كانت 120 ميجا وات.
وتزامن ذلك مع توقف محطة الكهرباء عن العمل بسبب نفاد كميات الوقود اللازم لتشغيلها، وإصرار الحكومة في رام الله على فرض الضرائب على الوقود، كما تزامن مع استمرار تعطل الخطوط المصرية التي كانت تمد القطاع بنحو 35 ميجا وات.
وفي محاولة للتخفيف من أزمة الكهرباء المتفاقمة بدأ بتاريخ 21/6/2017 توريد السولار المصري لمحطة توليد الكهرباء عبر معبر رفح الحدودي بعد التفاهمات التي تم التوصل إليها مسبقاً في القاهرة، والقاضية بشراء سلطة الطاقة في غزة للسولار من الجانب المصري مباشرة، وعلى أثر ذلك تم تشغيل محطة الكهرباء، ودخلت الخدمة بقدرة ثلاثة مولدات تنتج 70 ميجا وات.
وفي تطور خطير، أعلنت سلطة الطاقة في غزة بتاريخ 8/7/2017، عن توقف مولدين في محطة توليد الكهرباء، وانخفاض طاقتها الإنتاجية إلى 20 ميجا وات فقط، وذلك بسبب توقف توريد السولار المصري.
وحملت سلطة الطاقة في غزة المسؤولية للسلطة الفلسطينية في رام الله التي أوعزت لسلطة النقد الفلسطينية بوقف التحويلات المالية عبر البنوك الفلسطينية المخصصة لشراء الوقود من مصر.
وتزامن ذلك مع استمرار التقليص الاسرائيلي لإمدادات الكهرباء وتعطل الخطوط المصرية. وأدى ذلك الى تفاقم أزمة الكهرباء على نحو غير مسبوق حيث تقلصت ساعات وصل الكهرباء إلى مدة تتراوح ما بين 2 إلى 4 ساعات يومياً فقط، مقابل نحو 20 ساعة قطع، ومن دون جدول منتظم أو مواعيد محددة.
ووفقاً لشركة توزيع الكهرباء في غزة، تبلغ احتياجات القطاع من الطاقة الكهربائية حالياً 500 ميجا وات، متوفر منها 90 ميجا وات (18%) فقط، فيما بلغ العجز 410 ميغاوات (82%)، وأشارت الشركة إلى أن الكهرباء المتوفرة هي من الخطوط الاسرائيلية التي تمد القطاع بـ 70 ميجا وات، ومحطة التوليد التي تعمل بمولد واحد بقدرة 20 ميجا وات، أما الخطوط المصرية فهي متعطلة.
وفي ظل أزمة الكهرباء المستمرة والمتفاقمة باضطراد، انتقد المركز الحقوقي ارتهان أطراف الصراع السياسي الفلسطيني للمواطنين والتضحية بحقوقهم الأساسية من أجل تحقيق مصالح سياسية لهذا الطرف أو ذاك.
ونبه المركز إلى تسبب انقطاع التيار الكهربائي لمعظم ساعات اليوم، في تداعيات خطيرة على حياة السكان، وتهديده بشكل مباشر كافة الخدمات الأساسية والتي لا تستقيم حياتهم بدونها، كما كبد اقتصاد القطاع، وخاصة أصحاب المنشآت الصناعية والتجارية والمزارعين ومربي الدواجن والحيوانات خسائر فادحة.
وأشار إلى اضطرار وزارة الصحة في غزة في إلى تقليص خدماتها التشخيصية والمساندة بسبب تفاقم أزمة انقطاع الكهرباء والنقص الحاد للوقود اللازم لتشغيل مولدات المستشفيات.
كما انعكست أزمة الكهرباء سلباً على تقديم الحد الأدنى من خدمات المياه والصرف الصحي للمواطنين في القطاع، وباتت تخلق أزمات كبيرة في إمدادات مياه الشرب وانقطاعها لفترات طويلة تجاوزت 4 أيام عن العديد من المناطق، وفي معالجة مياه الصرف الصحي، وضخها إلى البحر من دون معالجة.
كما أدى انقطاع الكهرباء لساعات طويلة إلى تدهور العمل في المنشآت الاقتصادية التي تعتمد في آلية انتاجها على الطاقة الكهربائية، وأدى ذلك إلى مزيد من التدهور الاقتصادي الذي يعاني منه القطاع.
فقد شهد القطاع التجاري ركوداً حاداً بسبب ضعف القوة الشرائية ونتيجة الأعباء المالية التي يتحملها أصحاب المتاجر للصرف على وسائل الكهرباء البديلة.
وعلى صعيد القطاع الصناعي أدى انقطاع التيار الكهربائي إلى زيادة تكلفة الإنتاج وانخفاض الطاقة الإنتاجية للمصانع، وقد نجم عن ذلك توقف العمل في عشرات المصانع الموسمية لهذا الصيف بشكل كامل خاصة في صناعة الايس كريم والمثلجات والعصائر. كما انعكس انقطاع الكهرباء سلباً على عمل مزارع الدواجن وعمليات الإنتاج والتفريخ، ومطاحن القمح ومصانع الأعلاف ومصانع منتجات الألبان.
أكد المركز الفلسطيني أن قطاع غزة ما زال اقليماً محتلاً، ويترتب على سلطات الاحتلال مسئوليات تجاهه، مطالبا السلطات المحتلة بالوفاء بالتزاماتها القانونية تجاه سكان القطاع المدنيين كونها سلطات محتلة بموجب قواعد القانون الإنساني الدولي.
وشدد على المسئولية الإسرائيلية في العمل على كفالة وصول كافة الخدمات الأساسية الضرورية اللازمة لحياة سكانه، بما في ذلك إمدادات الوقود اللازم لإعادة تشغيل محطة كهرباء غزة والطاقة الكهربية.
وطالب المركز الأطراف المسئولة عن إدارة ملف الكهرباء بعدم زج المواطنين في أتون الصراع السياسي، وعدم التضحية بحقوقهم من أجل مصالح سياسية لأي طرف من الأطراف.
ودعا الأطراف المسئولة عن إدارة ملف الكهرباء في غزة ورام الله إلى سرعة حل الأزمة الحالية لتجنيب القطاع المزيد من التدهور، محذرا من العواقب الوخيمة المترتبة على استمرار الأزمة على كافة القطاعات الحيوية بما فيها الخدمات الأساسية التي يحتاجها 2 مليون فلسطيني من سكان القطاع.