قام المرصد "الأورومتوسطي" لحقوق الإنسان اليوم الخميس، بتسليم مذكرات لوزراء خارجية 28 دولة أوروبية يدعوهم فيها إلى التدخل لإنقاذ سكان قطاع غزة في ظل التفاقم الحاد في الأزمات الإنسانية لنحو مليوني نسمة.
وخاطب المرصد "الأورومتوسطي" ومقره جنيف في مذكراته وزراء خارجية الدول قبل عقد اجتماع مجلس الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي يوم 17 يوليو الجاري، بحثهم على الانتباه للوضع الحرج الذي لا يمكن تصوره في قطاع غزة المحاصر والذي لا يزال يعاني ويلات الحروب.
وأبرز المرصد ما يواجه سكان قطاع غزة من سلسلة من أسوء الأزمات المتتالية والمتزامنة منذ بدء الحصار الإسرائيلي عام 2006 "حيث جميع الجوانب الحياتية معرضة لخطر الانهيار غير المسبوق تبعا القيود الإسرائيلية المستمرة على حركة البضائع التجارية، والإغلاقات المستمرة لكل من معبري بيت حانون/ايرز ورفح أمام الطلاب والمرضى وغيرهم".
كما أشار إلى أزمات نقص الوقود، وتخفيض رواتب موظفي السلطة الفلسطينية في قطاع غزة الذين يزيد عددهم عن 55 ألف، في وقت لا تزال هذه الأزمات اللاإنسانية تؤثر على حياة الفلسطينيين هناك الذين يعانون من الفقر.
وتناولت مذكرات المرصد الأورومتوسطي تفاقم أزمة انقطاع الكهرباء في قطاع غزة على أثر توقف محطة توليد الكهرباء الوحيدة فيه عملها في منتصف أبريل/نيسان بعد أن اتخذت السلطة الفلسطينية إجراءات لزيادة الضرائب المفروضة على شركة توزيع الكهرباء.
ولفتت المذكرات إلى تزامن توقف عمل المحطة في العمل مع كلا من: انهيار خطوط الكهرباء المصرية التي كانت توفر الكهرباء لمدينتي رفح وخان يونس جنوب القطاع، ونفاذ منحة الوقود القطرية.
وحذرت من ازدياد الوضع سوءاً عندما قررت السلطة الفلسطينية (بموافقة إسرائيلية) خفض 30٪ من دفعاتها الشهرية لتحويلات الوقود إلى غزة، ونجم عن ذلك أن سكان غزة يحصلون الآن على أربع ساعات فقط من الكهرباء يوميا، وفي بعض الأحيان يحصلون على ساعتين فقط.
ونوه المرصد الأورومتوسطي إلى أنه نشر في نهاية شهر يونيو/حزيران الماضي، ورقة موقف لتوثيق الآثار الشديدة لهذه الأزمات خاصة على نظام الرعاية الصحية غير المتطور/المتأخر/المتخلف في غزة.
وذكر المرصد أنه وبسبب استمرار انقطاع الكهرباء، قد يتم إغلاق أقساماً مختلفة داخل المستشفيات بشكل جزئي أو كلي، كما وأصبح من غير الممكن لمحطات تحلية المياه أن تعمل بكامل طاقتها، مما قد يؤدي إلى تعذر الوصول إلى المياه الصالحة للشرب، وانتشار التلوث البيئي والأمراض المصاحبة له. كما وتم توثيق ارتفاع في معدل نقص الأدوية بسبب القيود المفروضة على الحركة.
وتضمنت مذكرات المرصد إشارة إلى تقرير حديث لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) أكدت فيه أنه وعلى الرغم من المساعدة الإنسانية الجارية لسكان قطاع غزة، إلا أن هنالك تدني في مستويات المعيشة. وجاء في تقرير أونروا الصادر هذ الشهر أن ظروف غزة غير قابلة للتغيير بعد سنوات من الحصار الخانق "حيث ارتفاع معدلات البطالة والفقر وانعدام الأمن الغذائي وانهيار النظم الاقتصادية والرعاية الصحية".
وأفاد المرصد الأورمتوسطي باعتماد برلمان الاتحاد الاوروبي في لعام 2010، قرارا يطالب بوقف فوري للحصار المفروض على قطاع غزة، مشيرا إلى أنه مع ذلك لم تمارس أي ضغوط خطيرة منذ ذلك الحين على إسرائيل أو غيرها من الجهات الفاعلة المحلية والإقليمية والدولية لتنفيذ هذا القرار.
وشدد المرصد على أن حقوق الفلسطينيين وكرامتهم في الحياة لا يمكن أن تكون ضريبة هذا الإخفاق في اتخاذ إجراء بهذا الخصوص، ولا تخدم الإدانات والاستنكار غرض ضمان تحقيق الفلسطينيين في غزة في الحصول بسهولة على الاحتياجات اليومية والحقوق الأساسية.
وعليه طالب رئيس المرصد الأورومتوسطي رامي عبده وزراء خارجية الدول الأوروبية المخاطبين في المذكرات، بأن يدرجوا في جدول أعمالهم مناقشة الوضع القائم في قطاع غزة، وبعد هذه الخطوة أن يتخذوا إجراءات فورية بسلطتهم الكاملة للسعي لتحقيق الدعم العاجل لإنهاء أزمة الكهرباء المعلقة في غزة كونها تترك أثراً سلبياً في كل جانت من جوانب الحياة.
كما طالبهم عبده بضمان تدخل دولي وإقليمي فعال ومحايد سعيًا لتحقيق سلام وأمن عادل ودائم، على أن يشمل هذا التدخل إلزام السلطة الفلسطينية بالامتثال لمسؤولياتها تجاه قطاع غزة والسعي إلى تحقيق توافق وطني حقيقي في الآراء والحكم.
ونبه إلى واقع أنه على الرغم من الشدة اللامتناهية والقاسية للظروف في قطاع غزة، فإن السلطة الفلسطينية تواطأت في غياب العمل على الصعيد الدولي والعزلة الإقليمية وحتى بالتشهير الإسرائيلي على ممارساتها بحق الفلسطينيين في غزة، كما أن السلطة تلعب دوراً لا يستهان به في جعل حياة الفلسطينيين في غزة أكثر من غير محتملة بفرضها العقوبات السياسية والمالية غير العادلة.
وأكد عبده على وجوب الدفاع والحماية المستمرة لحقوق الفلسطينيين ولا سيما الحقوق الأمنية، والكرامة، وحرية التنقل من داخل وخارج قطاع غزة للشعب والسلع والوقود والغذاء والمستلزمات الطبية.
ودعا رئيس المرصد الأورومتوسطي إلى الوفاء بالعهود الدولية بدعم الجهود الرامية إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة وقابلة للحياة على النحو المتفق عليه في الاتفاقات الدولية، وضرورة الرفع الكامل للحصار المفروض على قطاع غزة، وإنهاء الفصل الطويل الأمد وشيطنة الفلسطينيين هناك.