ما أن نجح نتنياهو بتشكيل حكومته الرابعة بعد استعصاء طويل، حتى وصلت على جناح السرعة مسؤولة العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي، فيدريكا موغريني، إثر عدة تصريحات من قادة أوروبيين تشير إلى قلقهم من أن هذه الحكومة الأكثر يمينية في إسرائيل والمعادية علناً للمفاوضات مع الفلسطينيين بأي شكل من الأشكال، باعتبار أن ليس هناك احتلال، بقدر ما هو استعادة إسرائيل لما سبق وأن سلب من أراضيها، هذا القلق الأوروبي، حاولت موغريني الوقوف عليه أولاً، وإظهار موقف أكثر صلابة إزاء المواقف المحتملة لكن الواضحة من حكومة نتنياهو إزاء استئناف العملية التفاوضية وإبلاغه رسالة من أن الوضع الراهن على جبهة فلسطين ـ إسرائيل يجب أن لا يستمر.
القلق الأوروبي له ما يبرره بالتأكيد، ذلك أن نتنياهو وفي اطار حملته الانتخابية قد صرح علناً بأن "دولة فلسطينية لن تقوم طالما هو في رئاسة الحكومة".
تصريحات قادة أحزاب اليمين كانت على نفس السياق والانسجام، ولم تكن هذه الرسائل ذات طبيعة انتخابية وفي ظل منافسة على احتلال مقاعد أكثر في الكنيست بقدر ما كانت تعبر حقيقة عن موقف هذه الأحزاب إزاء الملف الفلسطيني ـ الإسرائيلي، ليس فقط كسياسة ولكن ـ وهو الأهم ـ كأيديولوجيا تمسكت بها معظم أحزاب اليمين باعتبار ذلك أمراً مبدئياً ثابتاً، وليس مجرد مناورة سياسية أو انتخابية، هذا الأمر ـ يضاف إلى ذلك ـ يستجيب مع أغلبية الرأي العام الإسرائيلي الذي منح ثقته لأحزاب اليمين التي تعبر عن مواقفه إزاء هذا الملف.
لكن، من يعرف نتنياهو ـ كالإعلاميين والصحافيين الإسرائيليين، الذين أطلقوا عليه صفات مثل: المشعوذ والساحر وأوصاف شبيهة، نظراً لقدرته على التحايل وولعه بالألاعيب، لم يكونوا ـ هؤلاء ـ على حق عندما استغربوا من موقف نتنياهو الأخير بعد اجتماعه مع مسؤولة العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي، ذلك أن ما قاله بعد الاجتماع المشار إليه، كان قد تحدث به قبل الاجتماع بساعات، مؤكداً على حل الدولتين، وعلى استئناف المفاوضات، هؤلاء الصحافيون المندهشون إزاء هذا "التغير" فهموا الرسالة التي حاول إرسالها إلى الأوروبيين، لكن اندهشوا من السرعة التي صاغ بها نتنياهو رسالته، وهؤلاء ـ الصحافيون والإعلاميون ـ قارنوا بين هذا الحراك السريع لنتنياهو، ولعبته الانتخابية في الساعات الأخيرة من الاقتراع، عندما نجح بتوجيه دفة الناخبين لصالح التصويت له ولليكود، على حساب الأحزاب اليمينية الحليفة والشقيقة، كان نتنياهو ممثلاً ناجحاً وقادراً على استخدام كل إمكانياته كساحر ومشعوذ وممثل، في اللحظة المناسبة، كتلك التي فعلها مؤخراً لدى استقباله لمورغيني، بعدما نجح للتو في تشكيل حكومته.
يقول أحد المندهشين من قدرة وسرعة نتنياهو على التعاطي مع الأمور السياسية، إن نتنياهو ما هو إلاّ ساحر يتمتع "بكاريزما" قوية، ويشير هذا الكاتب "يرون لندن" إلى أن مصطلح كاريزما، مشتق من اليونانية، ويعني "الموت الرحيم" وعليه، وإذا أردنا أن نوسع هذا المصطلح قليلا، لعرفنا أن كاريزما نتنياهو، تتعلق بالموت الناعم، من خلال السحر والشعوذة والتلاعب باللغة والصياغات.. وهذا أكثر ما ينطبق على تصريحاته الأخيرة، حول حل الدولتين والمفاوضات.
مشكلة الساحر نتنياهو، أنه لم يفطن أثناء تكرار ألعابه السحرية على المسرح السياسي، أن النظارة والمشاهدين، قد تعرفوا على أسرار حركاته، وكيف ينجح في كل مرة، بإخراج الأرنب من كُم قميصه، فقد خدعوه عندما صفقوا له جراء تكرار مشاهدة الحدث، لكن نتنياهو اعتبرهم مجرد سُذّج أغرار، انطوت عليهم اللعبة السحرية، بينما كانوا في الواقع لديهم الرغبة في اللهو والاستمتاع حتى لو كانت اللعبة مكشوفة.. اعتماد نتنياهو على فكرته بأن المشاهدين لن يكتشفوه، هو سر تكرار ألعابه المكشوفة في كل مرة.
وهذا ما حدث إثر اجتماعه مع موغريني، فقد استمعت إليه، ثم قالت، هذا كلام جميل ومعقول، لكن لا نريد أقوالاً بل أفعالاً، والواقع أن نتنياهو، أيضاً، يريد أفعالاً لا أقوالاً، فقد عرض العودة إلى المفاوضات، بغرض التوصل إلى اتفاق تتحدد بموجبه المستوطنات التي يمكن توسيعها، والمستوطنات التي يمكن إقامتها، وفقاً لاتفاق مع الفلسطينيين.. أي استمرار التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية المحتلة، ولكن من دون أن يثير هذا التوسع أي توتر مع الاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي عموماً.
ما أعلنه الاتحاد الأوروبي، عن قرب اتخاذ خطوات جادة تجاه الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية والقدس، خاصة إثر تشكيل حكومة نتنياهو اليمينية، ما يزيد من حصار الدولة العبرية أكثر مما هو عليه الآن، كان وراء هذه الألعاب الساذجة المكررة لنتنياهو من خلال تصريحاته حول المفاوضات وحل الدولتين، وباتت هذه الحيل معروفة ولا أحد يأخذ بها على محمل الجد، شكلا من أشكال الألعاب الهزلية الساذجة، ليس لها من مجال في عالم السياسة، لا عند الأوروبيين، وبالتأكيد، لا عند الفلسطينيين، باتت مسرحية ممجوجة تسخر من النظارة والمشاهدين كونها تتعامل معهم باعتبارهم سُذّجاً جهلة.
مع ذلك، لا نعتقد أن نتنياهو سيتوقف عن ألاعيبه، طالما هناك جمهور من المشاهدين، يفضل اللهو والتسلية، بديلاً عن وضع هذا المشعوذ عند حدّه!!
Hanihabib272@hotmail.com
القلق الأوروبي له ما يبرره بالتأكيد، ذلك أن نتنياهو وفي اطار حملته الانتخابية قد صرح علناً بأن "دولة فلسطينية لن تقوم طالما هو في رئاسة الحكومة".
تصريحات قادة أحزاب اليمين كانت على نفس السياق والانسجام، ولم تكن هذه الرسائل ذات طبيعة انتخابية وفي ظل منافسة على احتلال مقاعد أكثر في الكنيست بقدر ما كانت تعبر حقيقة عن موقف هذه الأحزاب إزاء الملف الفلسطيني ـ الإسرائيلي، ليس فقط كسياسة ولكن ـ وهو الأهم ـ كأيديولوجيا تمسكت بها معظم أحزاب اليمين باعتبار ذلك أمراً مبدئياً ثابتاً، وليس مجرد مناورة سياسية أو انتخابية، هذا الأمر ـ يضاف إلى ذلك ـ يستجيب مع أغلبية الرأي العام الإسرائيلي الذي منح ثقته لأحزاب اليمين التي تعبر عن مواقفه إزاء هذا الملف.
لكن، من يعرف نتنياهو ـ كالإعلاميين والصحافيين الإسرائيليين، الذين أطلقوا عليه صفات مثل: المشعوذ والساحر وأوصاف شبيهة، نظراً لقدرته على التحايل وولعه بالألاعيب، لم يكونوا ـ هؤلاء ـ على حق عندما استغربوا من موقف نتنياهو الأخير بعد اجتماعه مع مسؤولة العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي، ذلك أن ما قاله بعد الاجتماع المشار إليه، كان قد تحدث به قبل الاجتماع بساعات، مؤكداً على حل الدولتين، وعلى استئناف المفاوضات، هؤلاء الصحافيون المندهشون إزاء هذا "التغير" فهموا الرسالة التي حاول إرسالها إلى الأوروبيين، لكن اندهشوا من السرعة التي صاغ بها نتنياهو رسالته، وهؤلاء ـ الصحافيون والإعلاميون ـ قارنوا بين هذا الحراك السريع لنتنياهو، ولعبته الانتخابية في الساعات الأخيرة من الاقتراع، عندما نجح بتوجيه دفة الناخبين لصالح التصويت له ولليكود، على حساب الأحزاب اليمينية الحليفة والشقيقة، كان نتنياهو ممثلاً ناجحاً وقادراً على استخدام كل إمكانياته كساحر ومشعوذ وممثل، في اللحظة المناسبة، كتلك التي فعلها مؤخراً لدى استقباله لمورغيني، بعدما نجح للتو في تشكيل حكومته.
يقول أحد المندهشين من قدرة وسرعة نتنياهو على التعاطي مع الأمور السياسية، إن نتنياهو ما هو إلاّ ساحر يتمتع "بكاريزما" قوية، ويشير هذا الكاتب "يرون لندن" إلى أن مصطلح كاريزما، مشتق من اليونانية، ويعني "الموت الرحيم" وعليه، وإذا أردنا أن نوسع هذا المصطلح قليلا، لعرفنا أن كاريزما نتنياهو، تتعلق بالموت الناعم، من خلال السحر والشعوذة والتلاعب باللغة والصياغات.. وهذا أكثر ما ينطبق على تصريحاته الأخيرة، حول حل الدولتين والمفاوضات.
مشكلة الساحر نتنياهو، أنه لم يفطن أثناء تكرار ألعابه السحرية على المسرح السياسي، أن النظارة والمشاهدين، قد تعرفوا على أسرار حركاته، وكيف ينجح في كل مرة، بإخراج الأرنب من كُم قميصه، فقد خدعوه عندما صفقوا له جراء تكرار مشاهدة الحدث، لكن نتنياهو اعتبرهم مجرد سُذّج أغرار، انطوت عليهم اللعبة السحرية، بينما كانوا في الواقع لديهم الرغبة في اللهو والاستمتاع حتى لو كانت اللعبة مكشوفة.. اعتماد نتنياهو على فكرته بأن المشاهدين لن يكتشفوه، هو سر تكرار ألعابه المكشوفة في كل مرة.
وهذا ما حدث إثر اجتماعه مع موغريني، فقد استمعت إليه، ثم قالت، هذا كلام جميل ومعقول، لكن لا نريد أقوالاً بل أفعالاً، والواقع أن نتنياهو، أيضاً، يريد أفعالاً لا أقوالاً، فقد عرض العودة إلى المفاوضات، بغرض التوصل إلى اتفاق تتحدد بموجبه المستوطنات التي يمكن توسيعها، والمستوطنات التي يمكن إقامتها، وفقاً لاتفاق مع الفلسطينيين.. أي استمرار التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية المحتلة، ولكن من دون أن يثير هذا التوسع أي توتر مع الاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي عموماً.
ما أعلنه الاتحاد الأوروبي، عن قرب اتخاذ خطوات جادة تجاه الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية والقدس، خاصة إثر تشكيل حكومة نتنياهو اليمينية، ما يزيد من حصار الدولة العبرية أكثر مما هو عليه الآن، كان وراء هذه الألعاب الساذجة المكررة لنتنياهو من خلال تصريحاته حول المفاوضات وحل الدولتين، وباتت هذه الحيل معروفة ولا أحد يأخذ بها على محمل الجد، شكلا من أشكال الألعاب الهزلية الساذجة، ليس لها من مجال في عالم السياسة، لا عند الأوروبيين، وبالتأكيد، لا عند الفلسطينيين، باتت مسرحية ممجوجة تسخر من النظارة والمشاهدين كونها تتعامل معهم باعتبارهم سُذّجاً جهلة.
مع ذلك، لا نعتقد أن نتنياهو سيتوقف عن ألاعيبه، طالما هناك جمهور من المشاهدين، يفضل اللهو والتسلية، بديلاً عن وضع هذا المشعوذ عند حدّه!!
Hanihabib272@hotmail.com