وعود إسرائيلية بهزيمة المقاطعة

thumbgen.jpg
حجم الخط

 

استطاعت الحركات الشعبية للمقاطعة الاستثمارية والتجارية والثقافية والأكاديمية "لإسرائيل" أن تحقق انجازات مهمة على الصعيد الشعبي وغير الرسمي أوروبياً وعالمياً، وأصبحت فكرة المقاطعة شغلاً شاغلاً يخصص الإسرائيليون إمكانيات وطاقات لمواجهتها، ويضغطون على حكومات مختلفة للضغط على المستويات الشعبية، لمنعهم من التجاوب مع دعوات المقاطعة. ولكن بالتوازي مع ذلك هناك نمو هائل في التجارة الإسرائيلية مع دول عديدة، لأنّه لا يوجد ضغط رسمي عربي أو حتى فلسطيني على الحكومات والدول لتقليص التعامل التجاري مع الإسرائيليين، ويجري فتح أسواق جديدة خصوصاً في آسيا. والآن تدعي جهات إسرائيلية أنّ هجومها المضاد ضد حملة المقاطعة وسحب الاستثمارات (BDS) يوشك على النجاح وهزيمة الحملة.
بموازاة النجاحات التي تحققها  BDS، مع شركات وهيئات مختلفة، تنمو أرقام التجارة الكلية الإسرائيلية، فمثلا نمت التجارة الهندية – الإسرائيلية في الـ25 عاماً الفائتة بنسبة 2000 بالمئة، لتصل 4.16 مليار في العام 2016، وتشير التقارير والتصريحات الهندية والإسرائيلية أنّ العلاقات الاقتصادية الثنائية ستنمو سريعاً. وهذه الأرقام لا تتضمن صفقات السلاح بين الطرفين، وقد أصبحت الهند أكبر مشتر للسلاح الإسرائيلي، وصفقات السلاح الهندية الإسرائيلية هذا العام وحده تتعدى ملياري دولار.  وتقفز الاستثمارات الصينية في اسرائيل بسرعة، لدرجة تفوّقها على الاستثمارات الأميركية، لتصل العام الفائت 16.5 مليار دولار، فيما بلغ حجم التجارة بين الطرفين 11 مليار دولار. ونمت الصادرات التركية للإسرائيليين في الربع الأول من العام 2017 بنسبة 20 بالمئة مقارنة بالأشهر ذاتها للعام الفائت، مقابل نمو الصادرات الإسرائيلية إلى تركيا 45 بالمئة للفترة ذاتها، هذا رغم تراجع التبادل التجاري في العام 2016 بينهما مقارنة بالعام 2015. وتواصل أرقام التجارة الأوروبية الإسرائيلية الكلية بالنمو، أو الثبات، فمثلا في العام 2013 صدّر الأوروبيون للإسرائيليين ما قيمته 17.9 مليار دولار، واستوردوا ما قيمته 13.5 مليار. أما في العام 2016 فبلغت الصادرات الأوروبية لإسرائيل 21.1 مليار، أمّا الواردات فبلغت 13.2 مليار في تراجع محدود. 
نشر الإعلام الإسرائيلي هذا الأسبوع تقارير منسقة من قبل وزارة الشؤون الاستراتيجية، التي تتولى مواجهة حملات المقاطعة، تدّعي فيها "إن هزيمة BDS أقرب مما نعتقد". وبحسب الوزارة فإنّه في العِقد السابق جرى تنسيق زيارات 200 وفد تضم 2300 سياسي من العالم، مع تركيز متزايد على تنظيم زيارات للمستوطنات. وتقول الوزارة إن نحو 85 بالمئة من أعضاء الكونغرس الأميركي قاموا بزيارات لإسرائيل، و75 بالمئة من البرلمانيين الأوروبيين (دون تحديد سنوات الزيارة). وبحسب الوزارة فإنها ستجلب نحو 100 وفد خلال العامين المقبلين، مع هدف أساسي، هو شن حملة مضادة للهجوم على المستوطنات، وتقديم معلومات تتحدى حملات المقاطعة وسحب الاستثمارات.
لعل وعود هزيمة BDS  قريباً، دعاية إسرائيلة، لا تستند للواقع فعلاً، ولكن الحقيقة أن BDS ومن يقومون عليها يقاتلون وحدهم دون دعم فعلي، إلا من دعم أفراد وهيئات شعبية مؤمنة بالمقاطعة، ويواجهون هجوماً إسرائيلياً مضاداً ضخماً.
هناك مشكلة حقيقية تتعلق بعدم صياغة أي سياسة عربية تخدم تدفيع الإسرائيليين ثمن الاحتلال اقتصادياً، بل الأكثر من هذا يجري الحديث الإٍسرائيلي والأميركي عن التحالف العربي – الإسرائيلي، في بعض الحالات، وهناك صفقات تجارية عربية – إسرائيلية، تُفرغ أي مضمون لحملة BDS  وحملات المقاطعة، وتطرح سؤالا، إذا تم وقف الكفاح المسلح ويجري التطبيع الاقتصادي، فما الذي سيوقف السياسات الإسرائيلية في القدس، على سبيل المثال؟
ما يضعف تقدم حملات المقاطعة العالمية، وما يصعّب مهمة  BDS، هو عدم التبني العربي، وحتى الفلسطيني الرسمي، لهذا النهج ضد كيان الاحتلال الإسرائيلي، وعدم الضغط دوليا لتبنيها.
هناك جوانب للمقاطعة كالمقاطعة الثقافية الأكاديمية بالغة الأهمية ومؤثرة في المدى المتوسط والطويل، ولكن البعد التجاري الكلي على مستوى الدول مهم جداً.
يكفي متابعة الصحافة الهندية هذه الأيام ليتضح أنّ هناك "لوبي" إسرائيليا يعمل بقوة، لتنمية التبادل الاقتصادي بين الطرفين، مدعوما من جهات ووزارات إسرائيلية، بالمقابل لا توجد لوبيات أو جهود عربية أو فلسطينية، تسأل الدول عن تنمية علاقاتها مع الجانب الإسرائيلي، رغم استمرار الاحتلال، وعدم استجابتها لجهود التسوية السلمية.

عن الغد الأردنية