لن أكون جزءاً من حالة التشاؤم المفرطة لأن تلك ليس من شيمي أولاً، ولأن الأقصى ليس في خطر ثانياً، مخطئ من يظن أن الأقصى يتذكره الناس في اللحظات الصعبة رغم تقديرات بعض المفرطين بالتشاؤم بهذا الاتجاه، صحيح أن هناك عقبات ومضايقات إلا أن هناك بالمقابل إمكانية الانتصار للأقصى حاضرة.
محدثي كان مفرطاً بالتشاؤم وكان يريد أن يجبرني على مجاراته بصوت مرتفع، قلت له: اللي بدافعو عن الأقصى وضد البوابات الإلكترونية هم أبناء البلد المقدسيون هم صمام الأمان ولا ينتظرون شيئاً .
السبعيني المقدسي كان يصرخ غاضباً: بدي أدخل من البوابة أصلّي في الأقصى، نفس الشيء صار في الحرم الإبراهيمي وصار اللي صار، قلت له: ما تدخل حتى لا تكون سبباً بتكرار سيناريو الحرم الإبراهيمي، فعاد أدراجه.
في باب الأسباط وباب الساهرة عندما تقف هناك لم تعد ترى شرطة الاحتلال بل تكون عيناك ترنو هناك بعيداً، إنهم أقل من أن تراهم، بل ترى أسوداً رابضة في باب الأسباط تحدثك بالبعد الاستراتيجي للقضية دون طاولة بيضاوية او قاعة او تصوير.
أبناء البلد في القدس بخير ويهدون بقية الوطن السلام «طمنونا عنكم عساكم بخير؟» لسان حالهم يقول «لقد اشترينا زمناً في القدس فماذا أنتم فاعلون؟!!! «
أبناء البلد المقدسيون جل همهم أن يطمئنوا على بقية الوطن وهم على ثغرة لا يؤتَيَنَّ الأقصى منها، ويبرقون: لا ترفعوا الشعارات، نقبل منكم إضاءة شمعة لمن استطاع إليها سبيلا، نقبل منكم وقفة يقودها رئيس بلدية منتخب وأمين عام اتحاد من الاتحادات، نقبل منكم نبذ انقسامكم.
هم ذاتهم يقولون: القدس اشتاقت لكم، ففي طريقكم الى الشركات الإسرائيلية التي تحملون وكالاتها او حصرية توزيعها مروا علينا واهدوا السلام للأقصى، ومروا بشوارع البلدة القديمة وشارع صلاح الدين.
لا تخافوا علينا، نحن في القدس بخير، طمنونا عنكم «ما زلنا على العهد والوعد نحرس الحلم» «ما زال مستشفى المقاصد يصارع للبقاء ويسجل عَدّاده عدد عمليات قلب الأطفال، والمطلع كذلك» «ما زالت دار الطفل العربي والكلية الإبراهيمية مكانهما».
اطمئنوا نحن في القدس لسنا في وارد نقاش إلغاء أو تأجيل مهرجان او حفلة، ولا نعتب لذلك، لا تطلقوا التبريرات للإلغاء او عدم الإلغاء.
لا تقلقوا، فالقدس بخير حالها كبقية الوطن، مع فارق بسيط اننا بقينا وجهاً لوجه مع الاحتلال بأشكاله كافة، والواجب يقضي ان نطمئن عليكم أنتم وننتصر لكم.
لا تفكروا بنا كثيراً، المفتي ومحافظ القدس ووزيرها وخطباء الأقصى والهيئة الإسلامية العليا ودائرة الأوقاف الإسلامية والمحاكم الشرعية هناك في باب الأسباط صامدون صابرون،
مفوضية التعبئة والتنظيم لحركة فتح، لا يكون خاطركم الا راضياً: أبناء حركة فتح في القدس هناك قابضون على الجمر، صاغوا الموقف وخطوه بطريقتهم وذهبوا صوب الميدان ورابطوا وانتصروا، منهم من أُبعد عن الأقصى، ومنهم من أُصيب، ومنهم من اختنق بالغاز، ومنهم من اعتقل، ولكنهم هناك.
ليطمئن بقية الوطن، القدس بألف خير، ما زال: مقهى صيام وحلويات جعفر وسنتواري السلفيتي ومطعم ابو شكري ومحمص عويضة وبن ازحيمان وبن معتوق ومخابز الكعك بسمسم ومعجنات ابو علي وسوق الدباغة وسوق خان الزيت والقطانين وباب الخليل وباب الساهرة وحطة يفتحون ابواب محلاتهم ويتوكلون على الله ويرحبون بمن جاءهم.
البنوك ومؤسسات التمويل والاقراض، نحن بخير في القدس، وشاهدتم كيف رابطنا في العراء بباب الاسباط، فلا تراجعوا سياساتكم بخصوص تسهيلات تمويل قطاع الإسكان في القدس وموضوع الضمانات للقروض، ورسوم استصدار رخصة بناء من بلدية الاحتلال لا تجعلوها موضوعاً للترف النقاشي بينكم.