مبتدأ وخبر الانتخابات المحلية مرفوعان على الرفّ، لا تَقَدُّم جوهرياً يُرْصَد لجهة تعزيز مشاركة المرأة في مجالس الحكم المحلي. التدخلات نادرة والمخرجات بمائها تنضح. وعليه الانتخابات التكميلية في التاسع والعشرون من تموز الحالي لن تختلف عن سابقاتها في أيار الماضي، القوائم المرشحة لا تختلف عن مثيلتها في المرحلة السابقة، ما يؤكد الحكم الذي ذهبت إليه.
وفي حصيلة إجمالية لنتائج الانتخابات الأخيرة (أيار 2017) واقتصارها على مشاركة ثلاثمائة وستة وعشرين مجلساً جميعها في الضفة الغربية، يظهر جليّاً امتناع خمسة وستين مجلساً عن التقدم بأي قائمة، أضيف إلى ظاهرة الامتناع الملاحظ تكررها في جميع المراحل الانتخابية السابقة على مستوى الحكم المحلي، خمس دوائر جرت انتخاباتها لكنها واجهت إشكاليات، ما تطلب إعادتها، آخذين في الاعتبار أن انتخابات 2004-2005 لم تُستكمل المرحلة الخامسة من النظام المتدرج في حينه، لتشتمل الانتخابات الاستكمالية على سبعين مجلساً.
في ظل المشهد الانتخابي تميّز قطاع غزة بتكرار عملية مقاطعة الانتخابات للمرة الثانية خلال سنوات الانقسام، فقد قاطع قطاع غزة الانتخابات المحلية في العام 2012، بحكم تحكُّم وسيطرة حركة «حماس» على القطاع وفرض سياسة الأمر الواقع الانقسامي.
وفي جرد النتائج التي تمخضت عنها المرحلة الأيّارية، وصلت ستمائة وخمس وثمانون عضوة إلى الهيئات البلدية والقروية، أيّ ما يعادل 21.2% من حجم عضوية المجالس المحلية. التقدم الطفيف المُشار إليه، يعود إلى المجالس المحلية البالغ عدد أعضائها تسعة، المخصص لها بالقانون هو عضوتان اثنتان، بما يؤدي إلى رفع نسبة مشاركة النساء فيها إلى 22% من حجم تلك المجالس. بمعنى نفي عائدية التقدم إلى سياسة الأحزاب وتعهدها أمام الحركة النسائية رفع المشاركة إلى الثلث، كون الالتزام الحزبي تمثل بضمان النسبة ترشيحاً ولم يرتقِ لضمان النجاح، الأمر الذي يؤكد أن ترتيب النساء في أولوية القوائم هو الأساس والفرصة من أجل تعزيز المشاركة وليس في شكل القائمة.
التقدم النوعي تجسَّد عبر انتخاب ثلاث عضوات لرئاسة ثلاثة مجالس قرويّة، في حزما والمعصرة وعزون، أي بنسبة لم تتجاوز 1% من عدد الرؤساء المنتخبين. الأمر الذي يستلزم دعمهن من قبل المؤسسات النسوية والمجتمعية الرقابة على عدم وضع العوائق أمام قيامهن بمهامهن وتمكينهن من تسطير تجربة نجاح.
في المرحلة الانتخابية الاستكمالية تقدمت ثلاث وثلاثون دائرة انتخابية قوائمها لخوض الانتخابات الاستكمالية من أصل سبعين مجلساً بلدياً ومحلياً تخلفت عن التقدم في المرحلة الانتخابية الأيّارية، نجح منها ثماني عشرة قائمة بالتزكية، بينما ستخوض خمس عشرة قائمة الانتخابات تحتوي على ثمانية وأربعين مجلساً، بينما امتنعت بقية المجالس البالغ عددها سبعة وثلاثون مجلساً عن المشاركة، ما يحرم خمسين ألف مواطن من حقهم في الاقتراع! ما لا يعني بالضرورة تحديد موعد استكمالي جديد، فمن امتنع عن المشاركة في دورتين لن يكون أمام حقائق جديدة تدفعه لتغيير رأيهم، لكن بالضرورة أن تتجه الجهات المعنية نحو إجلاء السبب والدوافع خلف الامتناع وحرمان المجتمع المحلي من حقهم الديمقراطي في انتخاب ممثليهم للبنى المحلية المهمة واللصيقة بحياتهم.
الأهم حاليّاً مراعاة السياسات المستقبلية، دور مميَّز للوزارات المختصة، خاصة وزارتي المرأة والحكم المحلي، وضعهم السياسات التي تضمن المتابعة والمراقبة على سير عمل المجالس؛ لجهة منع التعسف الممارس من قبل بعض المجالس تجاه العضوات، الذي عُرف وظهر على شكل ممارسات تؤدي إلى تحجيم أدوار العضوات أو إقصائهن، وطفا على السطح منه الإصرار على إسناد مهام نمطية لهن؛ بعيداً عن اختصاصاتهن العلمية والمهنية.
كذلك، متابعة ما بُدِئ به نحو تنظيم حملة مناصرة مجتمعية لتغيير قانون الانتخابات المحلية، بالاستناد إلى اختبار علله والتعامل مع ثغراته ونواقصه. تغييرات متشعبة لجهة العمر ونسبة الحسم وكوتا المرأة. ضغط أقوى لتجسيد قرار المجلس المركزي (آذار 2015)، ترسيم رفع نسبة مشاركة المرأة في المجالس المحلية إلى 30%، المدعَّم بعد انضمام فلسطين إلى اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة دون تحفظ.
غزة في الانتخابات المحلية ليس قضية نسوية، لكن تحديد مواعيد من قبل الحكومة يبدو وكأنه تعالٍ على الواقع وتحدياته. وإدارة حركة «حماس» ظهرها للاحتياجات الموضوعية لإجراء الانتخابات، تدفيع المجتمع ثمن الانقسام وإخضاع احتياجاته للمصالح الفئوية. وفي كل الأحوال ينبغي ألا يقود إلى يأس لجنة الانتخابات المركزية من تكرار محاولاتها، رغم التدهور والانحدار الذي تشهده الساحة بما يوحي بأن الأمور تُدفع نحو الانفصال!