الحل المرحلي والدائم للقدس

hamada_faraina_ecrivain_palestinien1.jpg
حجم الخط

 

سألتني مذيعة من محطة غير صديقة، الى متى تتواصل مشكلة الأقصى؟ وما هو الحل الذي يُرضي كافة الأطراف ؟ سألتها ومن هي الأطراف التي تقصدينها ؟ أجابت هي الأردنيون والفلسطينيون والاسرائيليون ! قلت اذن لدينا حل مؤقت يُعيد الهدوء المؤقت كما كان طوال الخمسين سنة الماضية من عُمر الاحتلال للضفة الفلسطينية المحتلة ومن ضمنها القدس وفي قلبها الحرم القدسي الشريف ومساجده وتوابعه، ولدينا حل جوهري يُنهي المشكلة من جذورها، ففوجئت وسألت ما هو؟

أجبت : الحل المؤقت أعلنته الحكومة الأردنية بما ينسجم والاتفاقات الموقعة والتفاهمات السائدة ويقوم على عاملين هما : 1 – ازالة البوابات الالكترونية التي نصبتها قوات الاحتلال وأجهزته على مداخل الحرم القدسي الشريف، 2 – عدم المساس بالوضع القائم وعدم فرض وقائع أو اجراءات جديدة بديلة؛ لأنها مرفوضة بالمطلق من قبل الأردن، كما هي البوابات الالكترونية .

أما الحل الدائم والجوهري والمنسجم مع المنطق والحق والحياة فهو زوال الاحتلال نهائياً وانسحاب قواته وأجهزته وازالة مستوطناته، كما حصل في قطاع غزة، فقد قرر شارون ترك قطاع غزة عام 2005، وأزال المستوطنات وفكفك قواعد جيش الاحتلال وأنهى وجوده المادي لقطاع غزة، ولذلك على حكومة الاحتلال أن تتفهم رفض الفلسطينيين والأردنيين والعرب والمسلمين والمسيحيين لكل ما يمس كرامتهم وحقوقهم ومقدساتهم، وأن الاحتلال زائل سواء فرض نفسه لفترة أطول مما هو فيه، وعليه أن يختصر عوامل الزمن فيقلل من الخسائر والضحايا؛ لأن بقاء الاحتلال يتنافى مع منطق الحياة ومن تجربة التاريخ نفسه، وسبب النزيف وسيواصل مراكمة الخسائر وزيادة الضحايا، وفي النهاية سيرحل كما حصل مع البريطانيين والفرنسيين والأميركيين في احتلالاتهم، وكما سبق وحصل مع النازيين في أوروبا، والاستعمار الاسرائيلي لن يكون أفضل حالاً ونتيجة من أقرانه الاستعماريين الذين سبقوه وسجلوا أنفسهم في مزابل التاريخ .

سياسات الاحتلال ونهجه تستهدف تثبيت بقائه وتخليد تسلطه وهيمنته عبر التمسك بما سبق وأقدمت عليه، وتضيف لها سلسلة اجراءات تعمل على تعزيز وتقوية خياراته الاستعمارية التوسعية وهذه لن تجد لها سوى الصد والصمود والمقاومة من الفلسطينيين .

اجتماع وزراء الخارجية العرب يوم الخميس، يليه اجتماع للمجالس البرلمانية العربية، وينعقد مجلس الأمن لهذا السبب بداية الأسبوع المقبل وهكذا، تعمل الدبلوماسية الأردنية والفلسطينية لتوفير غطاءات سياسية تعزيزاً لصلابة مواقف أهل القدس، وتعرية سياسات الاحتلال وفضحها وكشف مضامينها المتعارضة مع القوانين والقرارات الدولية .

المشروع الاستعماري التوسعي الاسرائيلي احتل فلسطين بشكل تدريجي متعدد المراحل، وسيزول بشكل تدريجي متعدد المراحل، والفلسطينيون من جهتهم نمت حركتهم السياسية الكفاحية بشكل تدريجي متعدد المراحل، وسيستعيدون وطنهم بشكل تدريجي متعدد المراحل، لا الاسرائيليون يملكون ضربة قاضية ولا الفلسطينييون كذلك، ولهذا سيبقى الصراع سجالاً بين الشعبين والروايتين والبرنامجين والمشروعين، وما قضية القدس والأقصى سوى محطة، خطوة، وقفة احتجاجية كفاحية لها ما بعدها، مثلما لها ما قبلها، وعلينا أن ندرك أنها ليست أولى المعارك وليست نهاياتها، واذا امتلك الاسرائيليون تفوقاً، فهذا لن يدوم؛ لأنه غير مسنود بالحق والعدالة، وأن الفلسطيني مهما بدا ضعيفاً وخطواته متواضعة فهي تراكمية وستثمر؛ لأنها على حق وتملك قوة كافية من العدالة كي تنتصر .