29 أيار 2015
الاشتعال على خلفية اطلاق صاروخ جراد أنهته اسرائيل و"حماس" الواحدة مع الاخرى بهدوء. لا من خلال وسيط مصري، سويسري، أو قطري، ولا من مبعوث من الامم المتحدة، وهذا، عملياً، هو التغيير الاكثر اهمية الجاري مع "حماس"، بعيداً عن عين الجمهور.
بشكل علني نشر أن اسرائيل و"حماس" تبادلتا فيما بينهما الرسائل من خلال جهة فلسطينية. يمكن لنا ان نفترض بأن هذه الجهة الفلسطينية جاءت من غزة، تماما كما يمكن أن نفترض بأن وزير الدفاع يعلون لم ينبش تماما في غياهب صدره كي يتأكد الا تكون مخبأة هناك بطاقة عضوية في "حماس".
في الماضي أيضا كان هناك حديث مباشر بين الجيش الاسرائيلي و"حماس"، تعلق بأحداث تكتيكية على الجدار، ولكن هذه المرة يختلف الأمر جوهرياً.
فـ "حماس" تبث منذ نحو نصف سنة رغبة حقيقية في حوار مباشر مع اسرائيل في موضوع تهدئة بعيدة المدى. إسرائيل السياسية غير مستعدة لمحادثات علنية مع "حماس" على تسوية بعيدة المدى، ولكن اسرائيل الامنية والعسكرية – ولا سيما منسق اعمال المناطق ورئيس الاركان – ترى الميزة الكامنة في ذلك، وفي صالح وزير الدفاع يقال إنه لا يمنع ذلك. ثمار الحوار الخفي تقتطف منذ الآن في الجانبين. بتقنين، ولكنها تقطف.
هذا لا يعني أن "حماس" طورت فجأة أجنحة ملاك، فهي تواصل التسلح، ويحتمل جدا أنه في حالة التدهور الداخلي في غزة ستستأنف النار مع اسرائيل. ولكن "حماس" توجد اليوم في أسوأ وضع سياسي على الإطلاق. فهي تنظر بعيون تعبة كيف تمر علاقاتها التقليدية مع قطر عبر وزارة الدفاع في تل أبيب، كيف يواصل المصريون إدارة كتف باردة لها، وكيف تواصل العلاقات مع السلطة الفلسطينية التدهور. إسرائيل، خلافا لأبو مازن، تساعد بالذات في إعمار غزة، فيما تدفع لها "حماس" بعملة الهدوء.
فضلا عن ذلك، نفذت إسرائيل عدة خطوات صغيرة اخرى ولكنها ذات مغزى، فمثلا سمحت بخروج الطلاب من قطاع غزة الى الاردن بدلا من ان يخرجوا عبر مصر. إذاً، صحيح، لا يزال لا يوجد تصدير لغزة، لا يوجد خروج للعمال الى اسرائيل – ولكن هذه الخطوات ايضا تنضج رويدا رويدا.
اطلاق الجراد نحو اسرائيل قام له رجال "الجهاد الاسلامي". الخلفية: خلاف داخلي، وليس بالضرورة استفزاز لـ "حماس". هكذا، مثلا، الجدالات على الميزانيات، الشرف، التعيينات وما شابه تنتهي أحيانا بالنار على إسرائيل للاظهار من هو هنا رب البيت. منذ النار بذلت "حماس" كل جهد لتري اسرائيل كيف أنها تعالج الحدث، والتفتيشات عن مطلقي الصواريخ تتم علنا وبصخب كبير. العدو الاساس لـ "حماس" في القطاع هي المنظمات السلفية المتطرفة، التي تبذل الجهود لقرع طبول الحرب مع اسرائيل، و"حماس" تعتقل رجالها وتمنع نشاطها.
"الجهاد الإسلامي" هي المعارضة لـ "حماس"، ولكن بالاجمال تقبل إمرتها. والصراع بين المنظمتين هو على الاهتمام الإيراني، ولكن يبدو أن هذه الخصومة أيضا حسمت: من المعقول أن يكون الإيرانيون أوقفوا قبل شهرين تحويل المال للذراع العسكرية لـ "الجهاد" ردا على تصريحات لقادة الحركة في مسألة اليمن.
ثمة مفهوم آخر لا يظهر في حوار النار بين قطاع غزة واسرائيل منذ "الجرف الصامد" فلم يعودوا يتحدثون عن "جولات". النار من القطاع نحو اسرائيل يُستجاب لها بهجوم جوي متوازن، وبهذا تنتهي. لا يوجد رد على الرد على الرد.
كانت غزة وتبقى الجبهة الاكثر تفجرا. مع كل الانتقاد على ادارة حملة "الجرف الصامد"، فان الانجاز السياسي المركزي يكمن في حقيقة أن اسرائيل و"حماس" اكتشفتا بأن احداً لن يساعدهما، وسيتعين عليهما أن يتدبرا أمرهما الواحدة مع الاخرى بقواهما الذاتية، وبالفعل، نشأت فرصة. ولكن اذا لم نعرف كيف نلعب على نحو صحيح بالأوراق التي في أيدينا اليوم، مرة أخرى سنجد أنفسنا في جولات جديدة.
عن "يديعوت"