منذ عام 2006 ذكرت احصائيات مكتب تنسيق الشؤون الانسانية الى توثيق ما يقارب من 2500 اعتداء من قبل المستوطنين حتى عام 20014 وكان نصيب عام 2014 324 حالة كان ابرزها حرق عائلة دوابشة وحرق الشاب محمد ابو خضير وفي تاريخ متقارب بين الحادثتين الاولى في يوليو عام 2015 وعثر على جثة الشاب محمد ابو خضير في احراش دير ياسين في 2يوليو عام 2014م تلك المدينة التي تعرضت لمذبحة من قبل عصابات ارجون وشتيرن والهاجاناة ، هذا الشاب المقدسي من حي شعفاط في القدس ، اما عائلة دوابشة من قرية دوما محافظة نابلس .
تزايدت اعتداءات المستوطنيين بعد عام 2014م الى حينه وخاصة في القدس ومحيطها ومدينة الخليل بشكل اساسي وبرغم ان الحادثتين الابرز من اعتداءات للمستوطنين وحالة الاستنكار والشجب التي رافقت تلك العمليتين الا ان حالة الاحتقان لم تصل لردود افعال قوية على النطاق الشعبي والرسمي ولم تقم السلطة بتنفيذ تهديداتها بتقديم اسرائيل كمرتكبة لجرائم حرب وجرائم انسانية لوقتنا هذا ومن الاسباب الحقيقية لعدم ظهور حالة تمرد شعبية على الاحتلال وممارساته تعلق السلطة ببرنامجها للسلام والتزاماتها بحفظ الامن والاستقرار في مناطق السلطة .
تعرض المسجد الاقصى وخاصة حي المغاربة وحائط البراق وباحات المسجد الاقصى لغزو من الاستيطان في ظل اطروحات للمستوطنين باقامة الهيكل المزعوم ومضايقات للفلسطينيين ودخول المستوطنيين من جهة حي المغاربة بعدف ترسيم امني وجغرافي ومكاني وزمني للمسجد الاقصى واعتداءات اسرائيلية على حراس المسجد والمرابطين وهيئة الوقف وعدم السماح للاردن بنصب كاميرات تبين تجاوزات الاحتلال وجنوده .
تزايدت المواجهات بين الاحتلال والفلسطينيين وذلك بما يصوصف بانتفاضة ثالثة او صرخة القدس او انتفاضة السكاكين التي تخمد فترة وتتجدد ثانية الى يومنا هذا والانتفاضة الثالثة او انتفاضة السكاكين ما زال هدفها تقويض الحالة الامنية وخلخلتها لدى الاحتلال الان ان اسرائيل والسلطة تعاونتا من اجل القضاء على ثورة الساكين واصدرت الاوامر لاجهزة الامن الفلسطينية بتفتيش طلبة المدارس بعثا عن السكاكين وقيام التوجيه المعنوي للسلطة وفتح المقاطعة بتحريض اولياء الامور بمنع ابنائهم بان يدفعوا بارواحهم بدون ذمن او جدوى تلك الانتفاضة التي بدأت في اكتوبر عام 2014م ولكن كان ينقصها الحاضنة الشعبية والدعم الرسمي والتأييد الاقليمي والدولي .
قام الجانب الإسرائيلي بعدد من الخطوات تجاه المسجد الأقصى في شهر سبتمبر 2015؛ ففي 9 سبتمبر، صدر عن وزير الدفاع الإسرائيلي قرار بحظر مصاطب العلم والرباط في الأقصى، وفي 14 سبتمبر اقتحم وزير الزراعة الإسرائيلي أوري آرئيل المسجد الأقصى بصحبة أربعين إسرائيليًا، واقتحمت وحدات خاصة وعناصر المستعربين باحات المسجد، وفي 17 سبتمبر، قام عشرات من شبيبة حزب الليكود (الحزب الحاكم) باقتحام المسجد الأقصى
على الصعيد السياسي غابت الثقة بين طرفي الصراع مع إشتراط حكومة نتنياهو اعتراف الفلسطينين بيهودية دولة إسرائيل، ومنذ مطلع عام 2014 كانت المفاوضات متوقفة وكانت السلطة الفلسطينية توجهت للإنضمام لمحكمة الجنايات الدولية وانتزاع اعتراف الأمم المتحدة بالدولة الفلسطينية في ظل رفض إسرائيلي واعتبار ذلك خطوة من جانب واحد، كما أن حكومة نتنياهو اليمينية استمرت بطرح عطاءات توسيع البناء في مستوطنات الضفة الغربية ولم تستجب لطلب وشروط السلطة من اجل العودة إلى طاولة المفاوضات وهي تجميد الاستيطان وكذلك الإفراج عن أسرى من السجون الإسرائيلية، وأن يكون هناك سقف زمني محدد لإنهاء المفاوضات، ويبدو أن هذا السبب وكذلك يأس الفلسطينين من الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي قد لعب دوراً جوهرياً في ذلك وحسب استطلاع للرأي فإن 52% من السكان يرغبون بالمغادرة وأن 57% من الفلسطينيين يدعمون اندلاع انتفاضة مسلحة وأن 80% من الفلسطينيين مقتنعون بأن القضية الفلسطينية ليست على لائحة اهتمامات العرب. ويذكر أن خطاب محمود عباس بالأمم المتحدة في 30 سبتمبر 2015 أعتبر سياسياً على أنه نهاية لمرحلة أوسلو وهو المطلب الذي أجمعت عليه معظم الفصائل الفلسطينية.
عملية القدس ابعادها الاستراتيجية :-
منذ اندلاع انتفاضة السكاكين نفذ شباب الانتفاضة وبدوافع فردية عشرات العمليات ضد جيش الاحتلال ومستوطنية وافتقرت تلك الانتفاضة الى المد الشعبي والرسمي ووسائل عملية لدعمها ودعم اهالي القدس وكانت كل عملية يذهب صاحبها وترتقي روحه للشهادة في اسمى معاني التضحية ولكن لم تضع لها اهداف سياسية وباستثناء بعض القوى في فتح مثل تيار دحلان الداعم للانتفاضة وحماس والشعبية اما السلطة فكان موقفها سلبي من الانتفاضة وادعت ان تلك العمليات خارجه عن القانون وتقوض حالة الاستقرار والامن في الضفة .
في 14/7 نفذ ثلاث شبان عملية قتالية وشبه استشهادية واستشهدوا جميعا متخذين من باب حطة الاسباط طريقا لتنفيذ عمليتهم وهم من ام الفحم وفي اراضي خاضعة للسيادة الاسرائيلية منذ عام 48 اسفرت عن مقتل جنديين من الدروز يعملان في جهاز الشرطة الاسرائيلية ، العملية لم تكن بتلك الضخامة او عدد القتلى هناك عمليات كانت اكبر واضخم وتكبد الاحتلال فيها خسائر فادحة واقربها واخرها العملية التي نفذها عمر العابد في مستوطنة حلميش غرب رام الله وقام بطعن 3 مستوطنيين ،
عملية القدس اربكت اسرائيل واربكت السلطة واربكت دول الاقليم لما يمكن ان ينتج عنها من متغيرات امنية وربما سياسية على الارض ، فاسرائيل وبردة فعل وبمنظور خلفية استراتيجية ارادت ان تجير تلك العملية لبسط سيطرتها على القدس والتحكم فيه وتطبيعا لمنظور استراتيجي بان القدس الموحدة بكل ما فيها هي تحت السيادة الاسرائيلية ، اما الاردن فلقد رأت في الاجراءات الاسرائيلية تقويض لمسؤليتها ورعايتها للمسجد الاقصى ، اما السلطة الفلسطينية التي تفاعلت مع الازمة بعد اسبوع من قيام العملية التي استنكرتها فقد وجدت ان البساط ينسحب من تحت ارجلها ولذلك اوقفت التنسيق الامني الى حين ان تتراجع اسرائيل عن اجراءاتها ، وكان موقف بعض دول الاقليم كالسعودية بانها قامت بعدة اتصالات لمنح الحرية الكاملة للمصلين في القدس والعودة لتطبيق المبادرة العربية والقرارات الدولية لحل الدولتين .!
اما الموقف الامريكي فقد دعى الى وقف العنف ونصح الاسرائيليين بفك الحواجز الالكترونية والعودة للوضع السابق ولان تلك الاجراءات قد تعقد الازمة اكثر فاكثر على العموم :
اسرائيل تراجعت ولكن لم تنتهي فكرتها في التهويد وتراجعت اولا لصمود اهل القدس وتحديهم لتلك الاجراءات والمد الشعبي والحاضنة الشعبية التي يمكن ان تفرز قيادات جديدة تتجاوز السلطة والمنظور الاسرائيلي والمنظور الاقليمي لطبيعة القيادة الفلسطينية فالجميع يتفق على ان تتراجع اسرائيل حفاظا على الوضع القائم وهو ليس في مصلحة الفلسطينيين وان فتحت ابواب المسجد الاقصى .. فالهدف كنس المستوطنات وتحرير القدس وتحرير الضفة واقامة الدولة .
ذكرت معاريف العبري عن مصادر مقربة من رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهومساء اليوم الخميس قولها أن السيناريوهات "المرعبة" التي قدمها الشاباك في الجلسة الأخيرة للكابنيت أدت لاتخاذ قرار إزالة الإجراءات الأمنية. أن الاستسلام للفلسطينيين نبع من توصيات الشاباك وتحذيراته والسيناريوهات التي عرضها خلال جلسة الكابنيت، اما يوفال شتاينتس أن القرار من قبل نتنياهو "شجاعا وصعب" وأنه نفذ خطة استراتيجية تكتيكية مهمة لمنع تصاعد أعمال العنف في ظل عدم وجود رؤية واضحة. وصرح قال وزير الجيش السابق موشيه يعلون أن نتنياهو فشل في مسؤوليته بالحفاظ على الأمن في القدس.
وكان الشابك حذر من اشتعال ازمة المسجد الاقصى وان تؤدي الى حرب على الجهة الشمالية والجنوبية وتوحيد المسلمين كافة من ايران الى تركيا وضرب المصالح الاسرائلية في كل مكان والسبب الاكبر الذي عبر الشاباك عن خشيته منه هو عودة انخراط كتائب شهداء الاقصى بالكفاح المسلح واشتعال الضفة .
السلطة الفلسطينية وعلى لسان رئيسها يصرح بان من اهم انجازات انتفاضة القدس وقف التنسيق الامني ن وكان سابقا اتخذت القيادة الفلسطينية والاسلامية قرار بالنفير العام يوم الجمعة القادم والصلاة في الميادين والاشتباك مع حواجز الاحتلال والتقدم للانضمام 18 جهة دولية ، هل يسري ذلك بعد تفكيك الحواجز والكاميرات في المسجد الاقصى ..؟؟ ام تتمر المواجهة لهدف اكبر واعظم هو انتفاضة حتى رحيل الاحتلال ، وتبقى عملية القدس قد احدثت تغيرا استراتيجيا وشعبيا يمكن ان يستثمر في حركة النضال الوطني من اجل كنس المستوطنات والاخلال في المعادلة الامنية التي يريدها الاحتلال ان تستقر .