أوضح تقرير القوانين العنصرية والداعمة للاحتلال والاستيطان في الكنيست، الصادر عن مركز الأبحاث الفلسطيني "مدار" للدراسات والأبحاث الإسرائيلية، وبدعم دائرة المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية، أنه منذ انتخابات 2015، وحتى اختتام الدورة الصيفية في الأسبوع الماضي، الاربعاء 26 تموز/ يوليو الجاري، عالجت الكنيست 156 قانونا ومشروع قانون، بزيادة 20 قانونا عما كان حتى قبل أربعة أشهر، لدى اختتام الدورة الشتوية، من بينها 25 قانونا أقرت نهائيا.
كذلك فإن الكنيست بدأت تتوغل في القوانين الأشد خطورة، والتي تشهد خلافات إسرائيلية داخلية حولها. ويعرض التقرير الجديد، تصنيفا لطابع القوانين، اضافة إلى تصنيف الجهات المستهدفة من كل واحد من هذه القوانين.
وقالت المديرة العامة لمركز "مدار"، هنيدة غانم، إن هذا السيل المتواصل من القوانين العنصرية والداعمة للاحتلال والاستيطان، يعكس الحالة السياسية الإسرائيلية العامة، وبشكل خاص سيطرة اليمين الاستيطاني على مقاليد الجهازين التنفيذي والتشريعي في الحكم، بدءا من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ذاته. وهذه الحالة تواصل تسجيل الذروة مع ختام كل واحدة من الدورات البرلمانية، خلال أكثر من عامين، على ضوء غياب معارضة صهيونية لهذا النهج، على مستوى الكتل البرلمانية، وأيضا على مستوى الأحزاب.
ويقول الباحث برهوم جرايسي، الذي يعمل على هذا المشروع، إن وتيرة طرح هذه المشاريع، تدل على أن اليمين الأشد تطرفا، بات يشعر أن الأجواء مناسبة له، لطرح أكثر ما يمكن من هذه القوانين، وكأنه في سباق مع الزمن لفرض وقائع أشد على الارض. وهذا اليمين يقوده رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي ليس بحاجة لأي ضغط من تحالف أحزاب المستوطنين، كي يتوغل في كل المشاريع الاستيطانية، والتشريعات العنصرية، والداعمة للاحتلال. وقد ختم نتنياهو الدورة الصيفية، بإصدار أمر، للشروع في سن قانون لضم مستوطنات ضخمة إلى القدس المحتلة، بمعنى ضمها إلى ما يسمى "السيادة الإسرائيلية".
وتابع إن الدورة الصيفية شهدت لأول مرّة، محاولة جديّة لتشريع ما يسمى "قانون القومية"، الذي ينسف الحق التاريخي للشعب الفلسطيني في وطنه، على الرغم من الخلافات الحادة بين أطراف الائتلاف، وبين تيارات المجتمع اليهودي، وهو خلاف يتعلق بشكل طابع الدولة، من حيث "يهوديتها"، ومكانة الديمقراطية فيها، ومكانة الشرائع اليهودية، بمعنى أن الخلاف أيضا هو علماني ديني، مقابل شبه اجماع صهيوني، على جوهر القانون الأساس، الذي يلغي حق الشعب الفلسطيني في وطنه.
ومن أصل القوانين الـ 156، تم إقرار 21 بالقراءة النهائية، ويضاف إليها قوانين، تمت إضافتها كبنود في 3 قوانين من أصل القوانين الـ 21. ما يعني من ناحية عملية تم اقرار 25 قانونا، ورسميا 21 قانونا. وقانونان اثنان، تم اقرارهما بالقراءة الأولى، وهما في طور الإعداد للمرحلة النهائية في التشريع. و17 قانونا تم إقرارها بالقراءة التمهيدية، بمعنى من حيث المبدأ، من بينها 3 قوانين تم تجميدها، بعد أن تم اقرار قانون بديل عنها، وهو قانون سلب ونهب الأراضي الفلسطينية بملكية خاصة. و112 مشاريع قوانين ما تزال مدرجة، ومن بينها مشاريع قوانين لها احتمال قوي ليتم سنّها.
كذلك يتبين أن 14 قانونا من القوانين التي تم إقرارها نهائيا كانت بمبادرة الحكومة مباشرة، ويضاف اليها قانون ما يزال في مرحلة القراءة الأولى، في حين أن باقي القوانين التي دخلت مسار التشريع، كانت بمصادقة الحكومة عليها. في حين أن 141 مشروع قانون هي بمبادرة النواب أنفسهم.
وبين التقرير أن 58 قانونا داعما للاحتلال وتستهدف فلسطينيي الضفة والقدس، 9 مشاريع قوانين "لقانون القومية" تستهدف الشعب الفلسطيني عامة. و89 قانون عنصريا تستهدف فلسطينيي الداخل والمراكز الحقوقية والمؤسسات التعليمية.
وعرض في التقرير الجديد لأول مرّة، تصنيفا لطابع القوانين ومشاريع القوانين. ووجدنا أن 21 قانونا تستهدف المشاركة الحرة في الانتخابات البرلمانية، 48 قانونا ضد حرية التعبير والعمل السياسي 33 قانونا عقابيا.
ويقول التقرير، إن الائتلاف الحاكم، متراص حول القوانين العنصرية والداعمة للاحتلال والاستيطان. كما شهدنا في المعارضة انجرافا أكبر لكتلة "يوجد مستقبل" بزعامة يائير لبيد، نحو هذه القوانين. فقد بات لهذه الكتلة 9 قوانين مدرجة على جدول الأعمال، أحدها دخل مسار التشريع، وهذا يشكل 5,8% من اجمالي القوانين، مقابل نسبة 3% في العام البرلماني الأول. كما أن نسبة نواب الكتلة الذين ينضمون لمشاريع القوانين كداعمين، ارتفعت من 5,7% من اجمالي النواب الداعمين، في العام البرلماني الاول، إلى 8,6% مع انتهاء الدورة الصيفية 2017. وكذا بالنسبة للتصويت على شريحة هذه القوانين، إذ نلمس ارتفاعا مستمرا في نسبة تأييد القوانين، أو في التهرب من جلسات القوانين.
وحافظت كتلة "المعسكر الصهيوني" التي تضم حزب "العمل" على نسب التصويت الواردة في التقرير السنوي الثاني الصادر في شهر نيسان/ أبريل 2017، إذ اعترضت على أقل من 37% من الأصوات.
أما كتلة "القائمة المشتركة" التي تمثل الأحزاب الناشطة بين فلسطينيي 48، فقد أحدثت قفزة كبيرة في أدائها، مقارنة مع العام الأول للولاية البرلمانية الحالية، إذ قفزت من نسبة تصويت اعتراضا على هذه القوانين، من 67% إلى 84% مع انتهاء الدورة الصيفية، ونسبة التغيب عن جلسات التصويت 15%، وهي نسبة عادية، أمام حجم الكتلة (13 نائبا). وهذه القفزة كانت قد بدأت في الدورة الشتوية 2017. وتحافظ كتلة "ميرتس" اليسارية الصهيونية، على نسبة 85% في التصويت اعتراضا، والباقي غياب عن الجلسات.
ومن أبرز القوانين التي عالجتها الكنيست، في الدورة الصيفية: أولها "قانون القومية"، بصيغته التي طرحها النائب آفي ديختر، من حزب "الليكود"، الذي أقرته الكنيست بالقراءة التمهيدية في أوائل أيار/ مايو الماضي، على الرغم من الخلافات حول في الائتلاف الحاكم. وكانت الحكومة قد أعلنت في جلسة التصويت، أنها ستطرح بعد 60 يوما نص مشروع قانون من طرفها، تعمل على صياغته لجنة وزارية خاصة. إلا أن الأيام الستين مرّت، ولم يتم طرح مشروع كهذا، ما يؤكد استمرار الخلافات.
كذلك، شهدنا دفعا في مسار التشريع، لمشروع القانون الذي يهدف إلى منع أي انسحاب، ولو جزئيا من القدس المحتلة منذ العام 1967، وهو القانون الذي يطلب أغلبية عددية، من 80 نائبا، لأي تغيير في القانون الأساس، المسمى "القدس عاصمة إسرائيل". فقد أقر بالقراءة التمهيدية يوم 19 تموز/ يوليو 2017. إلا أن القانون الذي يشهد تعقيدات قانونية، تم تعديله على وجه السرعة، وعرض للتصويت بالقراءة الأولى في اليوم الأخير من الدورة الصيفية، 26 تموز/ يوليو 2017. وخلال أسبوع تمت اضافة بند له، يمهّد لفصل أحياء وضواحي فلسطينية ضخمة عن مدينة القدس.
كذلك من بين القوانين البارزة، كان قانون سلب الأموال الفلسطينية، الذي يقضي بخصم أموال من أموال الضرائب الفلسطينية التي تجبيها إسرائيل في المعابر الدولية، بذات قيمة المخصصات التي تدفعها السلطة الوطنية الفلسطينية، ومنظمة التحرير الفلسطينية لعائلات الشهداء والأسرى.