تفاصيل مروعة ... ماذا يحدث للخضار في غزة ، هل تشكل خطر علينا ؟!

untitled
حجم الخط

في سوق تاهت ملامحه بين أصناف خضار نضجت في غير وقتها، وأشكال عديدة منها فقدت مذاقها وكثير من الفواكه اكتسبت من اسمها الرائحة فقط ، ينجذب اليها المارة في الطريق لشرائها ولا خيار أمامهم غيرها.

ويستخدم المزارعون الغزيون المبيدات الكيميائية والعضوية لتسريع النمو وزيادة الإنتاج وقتل الآفات التي تصيب المحاصيل الزراعية والحد من تكاثر وانتشار الكائنات الحية، وهي أيضاً تنافس الإنسان في غذائه وممتلكاته وصحته.

ولا يمكن حصر الأضرار الجسيمة والمخيفة التي تسببها المبيدات الحشرية للإنسان والبيئة ولكافة أشكال الحياةفهذه الأضرار متباينة في زمن ظهورها ومختلفة في شدة ضررها باختلاف الظروف والكائنات.

ويعيش قطاع غزة تراجع مستمر في جودة ونوعية المنتجات الزراعية وافتقارها إلى العناصر الغذائية اللازمة لنموٍ صحيٍ سليمٍ لحوالي مليوني نسمة يعيشون على مساحة من الأرض لا تتجاوز (365) كم مربع، حيث يهدد الإفراط في استخدام المبيدات البيئة بشكل كامل.

تخوف

المواطن سمير السموني (54عاما) أكد أنه لم يدرك مدى خطورة المبيدات الحشرية التي تستخدم في حقل الزراعة، إلا بعد وفاة أحد المقربين منه نتيجة تناولها عن طريق الخطأ.

قال "توفى ابن أخي 6 أعوام إثر تناوله مبيد النيماكور حيث ترك والده الزجاجة بعد استخدامها في ري محاصيله الزراعية، الأمر الذي أدى الى تسمم طفله ومن ثم وفاته بعد خضوعه للعلاج لمدة عام".

أما المواطنة أم سالم بشير قالت عندما أتسوق أشعر بالحيرة في شراء الخضروات والفواكه وأتساءل أيٌ منها " مفش عليها دواء ومن عليها؟".

وأشارت على الرغم من معرفتهم بأنها غير آمنة ومليئة بمتبقيات المبيدات الا أنهم يشترونها فلا يمكن الاستغناء عنها في ظل عدم وجود بديل آمن لها، مضيفة بأنها ترى عدم وجود للرقابة من قبل الوزارة.

وقال المواطن " فضل عدم ذكر اسمه " من سكان محافظة خان يونس، أنه يلاحظ على جميع المزارعين المحيطين به يقومون برش المبيدات بشكل دوري منذ زراعة الأشتال حتى قطفها، ومنهم من يقوم برش الثمار قبل قطفها بيوم واحد باستخدام مبيدات كيميائية تحمل روائح كريهة جداً ولا يعلم مدى خطورتها.

وأضاف"في أحد الأيام حاولت التعرف على ماهية المبيدات وعن الأضرار الناجمة عنها فأجابني أحد المزارعين "في حد مدور أو سائل؟! وزارة نائمة والكل نائم وأنا بدي أعيش واطعمي الأولاد".

وفرة مبيدات

قال أحمد أبو مسامح مدير دائرة المبيدات في وزارة الزراعة بغزة أن المواد الكيمائية سامة وصنعت لمكافحه الآفات التي تصيب المحاصيل الزراعية، ولزيادة الإنتاج لتغطية النمو السكاني الهائل،فيدخل القطاع أكثر من759614 لتر سنوياً من آلاف الأصناف حسب إحصائية 2014م.

وأضاف "يتم التعامل مع المبيدات في أرجاء العالم على شكل منظم وقانون خاص بها وأهمها تسجيل المبيد دوليا وإعطائه هوية تسمح باستخدامه عبر أساليب محددة ومعايير علمية واضحة ".

وتابع أبو مسامح "نحن نتقيد في قطاع غزة بما هو مسموح به من الجانب الإسرائيلي، فنسمح بإدخاله لكوننا نفتقر للأجهزة والمعدات اللازمة لفحص جودة المبيدات وتركيبتها،ونلقي المسؤولية على دولة الكيان ".

من جانبه قال د تامر الصليبي مدير دائرة المياه بسلطة جودة البيئة  "يتواجد في قطاع غزة أنواع عديدة مختلفة من المبيدات يتم استخدامها بشكل مفرط مع انعدام التوجيهات والارشادات اللازمة من قبل المختصين، ويكمن الهدف الأساسي من استخدامها زيادة الإنتاج للمحاصيل، وتصب الكوارث المتراكمة على الإنسان والبيئة".

أما الدكتور ياسر النحال أستاذ علوم الأرض والبيئة بالجامعة الإسلامية قال "بدون المبيدات الكيمائية لا نستطيع الزراعة أوالاستمرار، ولا يمكن الاستغناء عنها، لكن من الممكن التقليل من استخدامها"، مشيراً الى أن المبيدات هي الأكثر ظهوراً وخطورة في قطاع غزة، حيث تستخدم بكميات هائلة أكثر من المسموح بها حسب المعايير الدولية والشركات المنتجة لها.

وتنتشر بالضفة الغربية والقطاع مئات الأصناف من المبيدات الكيماوية المحظورة ويُستهلك منها آلاف الأطنان سنويا، علماً بأن بعض الأوساط تقدر نسبة المبيدات من أجمالي تكاليف الإنتاج الزراعي الفلسطيني بما لا يقل عن 35% ويعتبر الأعلى على مستوى العالم بالرغم من غياب الإحصائيات الدقيقة حول كميات المبيدات المستخدمة في الضفة الغربية وقطاع غزة.

وأفادت إحصائيات وزارة الزراعة بأن نسبة المبيدات لعام 2014 التي وزعت على الشكل التالي مبيدات أعشاب 41046، ومعقمات التربة 383880، ومبيدات حشرية ونيماتودا، 192740و مبيدات فطرية131074و مبيدات أخرى10874، وقد احتل عام 2014 اعلي نسبة منذ تسع أعوام فكان المجموع الإجمالي759614وقد أدخل النيماكور 400 27618 لتر من المجموع الإجمالي.

جهل قاتل

ولفت أبو مسامح الى أن جميع أصحاب متاجر المبيدات غير متخصصين بالهندسة الزراعية، ولكنهم يعتمدون على الخبرة العملية فقط، ويوجدفي قطاع غزة 85 متجر يتم الرقابة عليها من حيث الأنواع الممنوعة وجودة المبيدات،موضحاً إلزامية ترخيص المحلات، والاهتمام بقضايا عدة مثل: تجزئة المبيدات من عبوته الأصلية إلا في حالة واحدة إن تم التفريغ بعبوات صغيرة ويتم وضع ملصق عليها يوضح اسم المبيد وكيفية استخدامه ويحظر استخدام عبوات المشروبات إلا أن العديد من المحلات تستغل هذا الأمر حسب قوله.

وأضاف يوجد أكثر من 95% من أصحاب المحلات هم من غير المتخصصين بمجال المبيدات، الأمر الذي يخلق نوعاً من التخوف الكبير من إنتاجية المحاصيل لكون القطاع يعتمد عليها بشكل كبير، في ظل غياب كبير لقانون ينظمالحركة التجارية للمبيدات وعملية تداولها بشكل سليم.

المزارع "بلال مراعى" اسم مستعار،سكان منطقة خان يونس قال"نستخدم المبيدات بشكل كبير ولا نستغني عنها خاصة النيماكور، ويستخدم بكثرة خاصةً قبل نضوج الثمار فيتم وضعه لكي تنمو الأشتال وتكبير حجم الثمار وزيادة الإنتاج.

وأضاف بأنهم يقومون باستخدام أدوية مختلفة يتم خلطها بأنفسهم دون التقيد بأي معايير وكذلك دون قراءة التعليمات المكتوبة على الزجاجات بل فقط ما يرونه مناسباً لهم ويعمل على زيادة الإنتاج، معتمدون على خبرتهم العملية.

بينما المزارع صدام ضهيرالذي يمتلك 15 دونم بمحافظة رفح قال "اقوم بالاعتماد على الأسمدة العضوية (فضلات الحيوانات) بشكل كبير لكونها الأفضل ولا تضر بصحتنا،واستخدم أحياناً بعض المبيدات المعروفة واتبع الارشادات المكتوبة على النشرات الموجودة داخل العبوات لكونها الصحيحة ولا أثق بما يقوله صاحب المتجر فأغلبهم لا يعطي الدواء عن علم".

وأضاف أنه لاحظ بالآونة الأخيرة ظاهرة وصفها بالغريبة يتم فيها استخدام المشروب الغازي " كوكا كولا " والخميرة حيث يقوم المزارعون بإضافتهماعلى محاصيل الباذنجان أثناء ريها لاعتقادهم بأنها تعطي لون براق ورونق جميل لها وحجم أكبر للثمرة.

فيما يعتقد المزارع حازم شملخ بأن المبيدات ليس لها تأثير على صحة الإنسان فيقول: "منذ أعوام نرش المبيد وثاني يوم نأكل من الخضار ولا يحصل لنا شيء ولو كانت غير آمنه ومضرة حقاً لمنعتها وزارة الصحة ووزارة الزراعة".

نزار أبو حليمة أحد التجار الذي يعمل على أساس الخبرة دون أن يحمل شهادة مهندس زراعي أكد على اعتماده على خبرته في تشخيص الأدوية مثل باقي زملائه التجار الذين لا يحملون الشهادة لكنه يواجه في بعض الأحيان صعوبة في تحديد الأدوية اللازمة لمعالجة المحاصيل، وأضاف أن أغلب المزارعين لا يراجعون المهندسين أو يستشيروهم، ويدمجون العديد من الأدوية دون علم أو دراية.

وقال: "أكثر من 95% من المزارعين لا يتقيدون بفترات الأمان ولا يسألون عنها، وهدفهم في رش المبيدات فقط زيادة الإنتاج لجني أكبر قدر ممكن من الكميات ولا يهتمون بصحة الإنسان".

مرجعاً أن سببما نواجهه هي الثقافة التي سادت المزارع هي عدم فعالية المبيد العضوي، بل يحتاج إلى المبيد الكيماوي الأكثر فعاليه حسب اعتقاده لكونه يهتم بالمحصول والمال ولا يلقي بالا للمخاطر المترتبة عليه.

إجراءات

وحول الإجراءات التي تُنفذ لتحديد احتياجات السوق قال التاجر نزار أبو حليمة: "نقوم بتحديد كميات المبيدات التي يحتاجها السوق نحن، ولا يوجد أدنى تدخل لوزارة الزراعة أو خلافها في وفقط يكون دورها في أعطاء تصريح لإدخال هذه المبيدات.

واستدرك بأن الرقابة المفروضة من الوزارة تكون على المبيدات المقيدة من قبلها وأهمها النيماكور،مشيراً لوجود تلاعب من خلف الوزارة بشكل واضح في عمليات إدخاله بطرق غير شرعيه، وبالإضافة لمبيد كونفيدور الذي لا يقل خطورة عن غيره لكون سميته 21 يوم في حالة رشه، أما في حالة وضعه في مياه الري فتكون فترة أمانه 60 يوم ودرجة سميته خطيرة.

وقال التاجر هاني خضير"يتم تحديد الكميات المطلوبة من الأدوية من قبل التاجر ولا يوجد ادني تدخل من

وزارة الزراعة أو غيرها من الجهات الحكومية، وبالنسبة للتصاريح فهي غير مكلفة لذلك لا يعطيها التاجر أدنى اهتمام عدا عن ذلك أنه إذا تم الموافقة على المبيد والكمية من الجانب الإسرائيلي فلا يوجد حق لوزارة غزة بالمعارضة".

تلاعب

وفي ظل فقدان الوزارة للمختبرات اللازمة للفحص وعدم فعالية الموجود منها قال أحمد أبو مسامح بأنه يوجد العديد من أساليب التحايل التي يقوم بها التجار لإدخال العديد من المبيدات المحظورة أو المقيدة بأشكال غير شرعية من خلف الجهاز الرقابي التابع للوزارة على معبر كرم أبو سالم.

وكشف التاجر نزار أبو حليمة أنه في الآونة الأخيرة تم ضبط حمولة لمبيد معقم للتربةفكان عبارة عن مياه بحر معبأة في عبوات المبيد يبيعها التاجر للمزارع بكل اريحية فهو يجلب ما يريد من مبيدات ويتلاعب بما يريد لكون الوزارة ليست بسلطة رادعه حسب قوله.

أما التاجر هاني خضير قال: "توجد العديد من الأدوية منتهية الصلاحية في الأسواق، ويتم بيعها بشكل عادي فلا متابعة أو رقابة على مثل هذه الأمور، أيضاً توجد العديد من الأدوية الأكثر سمية من النيماكور و لكن لا أحد يسأل".

وتابع "للأسف وجود المحسوبية تساعدهم في ادخال الأدوية التي يريدون سواء كانت مقيدةأو محظورة، ولا أريد الكشف عن بعض هذه الأسماء،حيث يتم بيع هذه الأدوية بأسعار مرتفعة عن السعر المعتاد والطبيعي، ووزارة الزراعة لا تحب أن تعمل".

وقال خضير "عن نفسي أنا تاجر وما يهمني فقط هو مربحي وإذا طلب مني أحد المزارعين النيماكور أعطيه كما يريد ولا يهمني كيف يستخدمه حتى لو وضعه في مجمع مياه غزة فما يهمني الربح فقط ".

ولا يشتري خضير من ثمار الكوسا والخيار طوال فصل الصيف لمعرفته المسبقة باستخدام المزارعين مبيد الونكفدور التي تفوق فعاليته وسميته النيماكور عند استخدامه للتربة فتبلغ مدته ستين يوما على حد قوله.

ويتساءل خضير: "لماذا نحن نبكي ونشتكي ونطالب برفع قضايا ضد الاحتلال لاستخدامه الفسفور في عدوانه على غزة،ونحن نفرط به ونستخدمه بأشكال هائلة ولا يوجد ادني اهتمام بفترات الأمان.

وأضاف المزارع صدام ضهير: "نحن نعلم بأنه يوجد تلاعب بالأدويةحيث لا تعطي مفعولاً جيدا كما سبق وفى حالة مراجعة البائع أو التاجر يقول "أنا لا اعرف فأنا لست بداخل العبوة! ونتفاجأ بأنه يوجد حاله غش للمبيدات في المناطق الجنوبية بشكل كبير وزادت شكاوى المزارعين في الآونة الأخيرة".

وروى المزارع "مصعب جميل اسم مستعار" مشكلةً واجهته حيث أراد أن يعقم التربة واشترى دواء للتعقيم وكان سعر العبوة 5 لترات 650 شيقلا وبعد استخدامها تفاجئ بتكون رغوة هائلة على سطح التربة، فأخذت ما تبقى من العبوة وعرضها على أحد جيرانه فاكتشفوا بأن هذه المادة عبارة عن صابون جلي وقد أثبت ذلك بعد يومين.

وتابع "يتوافرمبيدلتعقيم التربة خطير جدا ويتم استخدامه بشكل كبير ويبقى أثرة ورائحته داخل الدفيئة لمدة لا تقل عن ثلاثة شهور وهي سامة جدا ولا نستطيع إن نزيل الرائحة أو نتخلص منها وبالمقابل انه يعطي مفعول كبير للخضار فلذلك نستخدمه وبالمقابل لا يوجد اى بديل أخر.

وأشار المزارع سالم عياد لوجود تلاعب من قبل البائعين الذين يقومون بإعطاء المزارع مبيدات مشابه لشكل مبيدات يوجد عليها طلب كثير ومنها مبيد الفيرتمك الذي يصل سعر العبوة 380 شيكل فيتم استبداله مبيد التمارون الذي سعر العبوة 60 شيكل.

تلوث بيئي

الدكتور نزار الوحيدي مدير دائرة الإرشاد الزراعي بوزارة الزراعة وصف التربة بالجسم الحي الذي يكبر وينمو ويشيخ ويمرض ويعالج واعتبر أن دخول أي مادة للتربة يكون تلوث، ويوجد تخوف في كيفية التعامل مع التربة في الحفاظ عبيها سليمة لكونها الأصل في عملية الإنتاج.

وأشار بقوله إن الحفاظ على التربة واجب وطني وواجب على كل المسئولين والمواطنين،وان المبيدات عبارة عن مركبات كيميائية متعددة المصادر والخطر الأكبر على استقرار التربة وان كانت تحتوي على مواد سامة فتبقي لمدة سنوات عديدة وتعمل على إعدام التربة في عملية الإنتاج قد تغير تركيب الحيوي والكيمائي إلى صالح الحموضة والقلوية المخلتان بمهام التربة.

وأضاف إن المبيدات قد حملت التربة أمراض وتلوث عديدة انتقلت إلى الإنسان في نهاية المطاف تصب به جميع الأمراض الناجمة عن التلوث الكيمائي.

وان تلوث التربة وكذلك الخزان الجوفي ليس من السهل معالجته وانه أكبر من قدرتنا العملية ولا اعتقد باننى نمتلك اقل الإمكانيات.

وان بقي الحال على حاله بالانجراف المعماري فانه سوف نقف أمام كارثة كبيرة ولن نستطيع أنتاج حبه طماطم واحدة.

قال الدكتور تامر الصليبي "يتواجد في قطاع غزة أنواع عديدة ومختلفة من المبيدات يتم استخدامها بشكل مفرط ويكون الهدف الوحيد زيادة إنتاج المحاصيل مما يؤثر سلباً على صخة الإنسان".

وأضاف "زيادة استخدامها تسبب في ارتفاع نسبة النترات في الخزان الجوفي الذي يدخل بتركيبتها السليمة، وينجم عنها أمراض مثل مرض ازرقاق الأطفال دون عمر 6 شهور، وكذلك زيادة نسبة دخول المواد الثقيلة في المنتجات المبيدة"،الأمر الذي يترتب عليه مخاوف كبيرة علىالعناصر البيئية والإنسان خاصة لكونه المستقبل الأخير في السلسلة الغذائية.

وأفاد أن تلوث التربة أصعب معالجةً من الخزان الجوفي، وكلاهما مشكله بحد ذاته، وأن المبيدات الحشرية شر لا بد منه ولا غنى عنه لكونه تعالج أمراض النباتات ولكن تصيب التربة والخزان الجوفي وتهدد الإنسان.

وأشار بان المبيدات الحشرية الأكثر ظهورا وخطورة في قطاع غزة و إن المزارعين يستخدمون الأدوية بكميات أكثر ما هو مسموح حسب المعايير المحددة دوليا ومعتمد من قبل الشركات المنتجة للمبيد.

مخاطر صحية

وأشارالنحال إلى وجود العديد من الدراسات التي تؤكد قوة العلاقة بين إصابة الإنسان بمرض السرطانوتعرضه للمبيدات الكيمائية، وكذلك العقم الذي بدأ بالتفشي في فئة الشباب وغيره من أمراض الكبد والكلى.

وذكر بأن سجلت الكثير من حالات التسمم بين المزارعين منهم من نقل للمشفى ومنهم من توفي، وذلك بسبب إساءة استخدام المبيدات وأن المزارع بات ينظر للمبيد من جانب اقتصادي ويهمل درجة سميته.

وأوصى بضرورة إخضاع العمل بالمبيدات إلى قانون صارم يحدد استعمالها،ويتم الموازنة في عمليات استخدام المبيدات والخلط بين المبيدات الكيمائية والمبيدات العضوية للحصول على غذاء آمن يحمي صحة المواطنين، ويعاقب المخالفين فتكمن وظيفة الوزارة بالرقابة والمحاسبة لوضع حد لهذه الكارثة التي تهدد الجميع.

دراسة مخاطر المبيدات الكيماوية كشفت بأنه على مستوى الضفة والقطاع ،طرأت كما ذكر سابقا ،زيادة كبيرة منذ أوائل التسعينات  في كمية المبيدات الكيماوية المستخدمة، وفي نفس الوقت سُجل ارتفاع واضح في عدد المصابين بالأمراض السرطانية بشكل خاص فضلاً عنه الأمراض التناسلية والوراثية والعصبية والتشوهات الخلقية والاجهاضات.

ومن خلال فحوصات مخبريه أجريت على عينات من الأجبان والدم في الضفة الغربية وقطاع غزة تبين وجود مركب ديوكسين وكما يبدو من متبقيات المبيدات الكيماوية وقد تبين كذلك بان 40% من الأطفال في غزة تعرضوا لمواد مسرطنة.

وصنفت المبيدات الفسفورية العضوية حسب دراسة جورج كرزم بعنوان "مخاطر المبيدات الكيماوية" بأنها تدخل في تركيب معظم المبيدات التي تستخدم بالقطاع والضفة الغربيةوأهمها: " دروسبان وروجر النيماكور وديفيبان وفوليمات وتمارون وبرودكسوسوبراسيد، وما أثبت علميا بأنها تعطل أنزيم أسيتيلكولينستيراز المسئول الطبيعي عن الجهاز العصبي لدي الإنسان ويحتمل الوفاة في حاله التعرض كميات كبيرة.

وتعتبر هي المسئولة عن الإصابة بالسرطان وقد تسببت في تشوهات جينية وفى الإخلال بالنشاط الهرموني وكثرة الإصابة بالعقم وتسمم الجنين " في حالة النساء الحوامل " وتعمل على تعطيل جهاز المناعة.

ومن المثير حقا بان المركبات الفسفورية العضوية تعتبر مكونا أساسيا في غازات الأعصاب المستخدمة في الحروب الكيماوية الحديثة، ويتم بيع هذه المواد بشكل حر في قطاع غزة والضفة الغربية.

وحول التأثيرات الجانبية للإفراط في استخدام المبيدات وزيادة نسبة الجرعات المستخدمة في المحاصيل قال احمد أبو مسامح: "يعتبر إهدار مالي ويخل بالجانب الاقتصادي بشكل كبير مما يزيد من التكاليف على المحصول ويوجد احتمالية التعرض للخسارة جراء هذه العملية ".

وزيادة تركيز المبيد يولد نوع من المناعة لدى الحشرات التي يتم مكافحتها مما يزيد من قدرات التحمل ويخلق نوع من المناعة للأجيال القادمة، ويصبح استخدام المبيد بلا جدوى،وبالإضافة إلى بعض الأدوية التي لها تأثير ضارعلى النباتات يحتمل أنها تؤدي إلى حرقأو تلف المحصول وبالتالي خسارته وهذا الأمر حصل كثيرا مع العديد من المزارعين.

وما يزيد الأمور خطورة هي أن المبيدات معظمها تأخذ شكل زيوت ومستحلبات ولا تذوب في المياه مما يساهم في احداث التلوث،ومع تساقط المبيدات على التربة اثناء رشها تؤثر وتعمل على تلوث التربة والخزان الجوفي .

ويوجد قسم رقابة على المبيدات لكنه معطل في الوقت الحالي لعدم وجود كادر مهني قادر على العمل به،وكان سابقا يعمل به مهندسين أصبحوا متقاعدين الآن حيث عملوا بزيارة الحقول وإجراء فحوصات فورية للمحاصيل.

وأرجع أبو مسامح كثرة استخدام المبيدات من قبل المزارعين هي بسبب التضخم السكاني والانجراف المعماري وأنه لا يري أي بديل ويستسهل استخدامها، وبناءً على كون المبيدات تعطي نسبة أكبر من الإنتاج يتم اللجوء إليها الأدوية الزراعية تعالج الآفات وتعمل زيادة الإنتاج.

تبلغ مساحة الأراضي الزراعية في قطاع غزة نحو 150الف دونم منها 75 إلف دونم مزروعة خضروات تنتج سنويا ما يزيد عن 330 إلف طن خضار، ويتم تصدير قرابة 30 إلى 40 طن من بعض أصناف الخضروات حسب قول تحسين السقا مدير دائرة المعابر والتسويق بوزارة الزراعة.

مخططات

قال فتحي أبو شماله نائب مدير دائرة الإرشادالزراعي بوزارة الزراعة: "يوجد أمامنامخطط أساسي للعمل على التقليل قدر الإمكان من استخدام المبيدات للمحافظة على صحةالإنسان من المتبقيات الكيمائية التي تعلق وتؤثر على الثمار،وتأمل الوزارة تنفيذ مشروع "المكافحة المتكاملة" وهدفه التقليل من استخدام المبيدات.

ووصف المبيدات بأنها خطرة جدا وقاتله وأن المزارعين ينظرون بمنظار ضيق للأمور فيقولون بأنهم تناولوا من الخضروات ولم يحدث لهم شيء ولا يدركون خطورتها على المدى القريب والبعيد.

وأضاف انه يوجد العديد من الأجهزة المتوفرة في الوزارة ولكن لم يتم تشغيلها للافتقار إلى الخبرات القادرة على تشغيلها ومتابعتها، ويجب إعداد كادر مهني مؤهل لاستعمالها والتعاطي معها، فبعملها تصبح جهاز رقابي ذو قوة ونفوذ قادر على حماية صحة الإنسان.