تعيش الضفة الغربية حالة مقارنة مزدوجة واجبارية مع قطاع غزة من جهة ومع ذاتها قبل الحرب من جهة ثانية. فترى الجمهور يتذكر بتلقائية ما قبل الحرب وتراه في نفس الحال يقارب سيناريو اخطر لما فعله الاحتلال بغزة .
ويعتبر الاعلام العبري والتهديدات التي يطلقها وزراء اليمين ومجلس المستوطنات عاملا سيكولوجيا مؤثرا في المزاج العام في الضفة الغربية ولكنه عامل غير ثابت، وسرعان ما يضمحل ويتراجع امام تظاهرات العالم الذي صار فلسطيني الرواية رغم كل محاولات إسرائيل وامريكا لمنع ذلك.
وعلى عكس الاعلام العبري الذي استهدف الجمهور في الضفة الغربية بالتهديدات اليومية، انحسر التوجيه الإعلامي – السياسي الفلسطيني الى درجة خطيرة. وكنت تشعر في لحظات ان الجمهور يترك لوحده في مواجهة تهديدات المستوطنين! وعدوان المستوطنين على البلدات الفلسطينية بحماية الجيش .
من وجهة نظري ان المقارنة مع غزة لا ترقى لمستوى واقعي ، كما ان العودة الى ما قبل الرب يعد سيناريو غير واقعي أيضا , والواقعي اكثر ان المنطقة كلها دخلت الى حقبة سياسية – اقتصادية – عسكرية – امنية – إعلامية جديدة تتطلب من الجمع الاستعداد لمواجهتها او التعايش معها بكل حذر ودقة .
ان الواقع الجديد يقودنا الى فهم ان معادلة الضفة الغربية باتت مختلفة اختلاف كلي عن معادلة غزة الي تداوي جراحها . وان الضفة سوف تكون في قلب الدعاية الانتخابية القادمة لحزب الليكود ولجميع الأحزاب الإسرائيلية . وبالتالي نحن مقبلون على مزاد علني انتخابي تكثر فيه الشعارات والتهديد بالضم ولاسترضاء المستوطنين الذين صاروا مكون رئيسي من مكونات أي حكومة إسرائيلية .
في امر الضفة لا يراهن ابدا على برنامج انتخابي مختلف من جانب منافسي نتانيهو، لا نفتالي بينيت ولا يائير لابيد ولا جانتس ولا ليبرمان ولا حتى جولان . فجميعهم لن يتطرقوا الى أي حل مستقبلي للضفة .
باعتقادي ان اكثر من 70 بالمائة من اعتداءات المستوطنين ومن إجراءات الاحتلال في قمع سكان الضفة سوف تتراجع تلقائيا بعد وقف الحرب في غزة . لان المسوغ الرئيس للقيام بهذه الاعتداءات كان يعتمد على قانون الطوارئ وتبرير قمع سكان الضفة. وما ان يسحب الاحتلال كتائب الاحتياط التي شكلها من المستوطنين حتى تتراجع جرائم المستوطنين انفسهم .
وهكذا يكون مستقبل الضفة الان في يد الدول العربية وبالذات السعودية. فخطة ترامب تقضي بالعودة الى اتفاقات ابراهام، واتفاقيات ابراهام فاشلة من دون موافقة السعودية . والضفة بما فيها القدس والأماكن الدينية في المدينة ووجود السلطة صارت ملفات عربية واردنية ومصرية وبالذات سعودية على طاولة الأمير محمد بن سلمان .
إسرائيل لا تريد ان تفعل في الضفة الغربية ما فعلته في قطاع غزة ، بل تريد ان تفعل في مدن غزة ما تفعله في مدن الضفة الغربية. أي ان يصبح وجود حماس مثل وجود السلطة ويقتصر على ضبط النظام وبنادق كلاشنكوف دون سيطرة عسكرية او امنية او سياسية او اقتصادية على الحدود وعلى المدن . تماما مثلما جعلت السلطة .