قال القيادى فى حركة "حماس"، د. أحمد يوسف، إن التفاهمات بين حركته ومصر بدأ تطبيقها ووصلت إلى مرحلة "تطبيقات على الأرض"، مشيراً إلى أنه يجري بحث إمكانية تحويل "الاقتصاد الفلسطينى" بمليارات الدولارات لمصر بدلاً من ارتهانه لإسرائيل.
وبيّن يوسف، أن أحداث "الأقصى" الأخيرة وحدّت الفصائل الفلسطينية، وأن القاهرة لها اليد المؤثرة فى موضوع التفاهمات داخل قطاع غزة، بين فصائل العمل الوطنى والإسلامى.
وأكد على أن التفاهمات مع الجانب المصرى أصبحت تطبيقات على الأرض، لافتاً إلى أن العمل جار بشكل غير مسبوق فى موضوع المنطقة العازلة، كما أن الجرافات تعمل بشكل جيد، فضلاً عن التجهيزات الأمنية لضمان أن هذه المنطقة أصبحت آمنة ومستقرة.
ولفت يوسف إلى أن وفداً مصرياً قد يأتى إلى قطاع غزة لمتابعة التطورات على الأرض، خاصة فيما يتعلق بالإجراءات الأمنية فى المنطقة العازلة، مضيفاً أن "هناك ارتياح لدى الجماهير وذلك لأنه لم يعد هناك ما يستدعى أن تكون هناك ذرائع باتهام الجانب الفلسطينى بأى تواطؤ أو غض الطرف فى سيناء".
وتابع: "يجري بحث إجراءات لإمكانية تحويل الاقتصاد الفلسطينى إلى مصر بدلاً من ارتهانه بإسرائيل، وأن تتحول كل مليارات الدولارات التى تمثل مشتريات الجانب الفلسطينى من الإسرائيليين إلى مصر، وهذه كلها رؤية استراتيجية لعلاقات استراتيجية وطيدة مع مصر التى يكن لها شعبنا كل تقدير واحترام، فما بيننا أكثر من موضوع الجوار، وهى علاقات تاريخية ممتدة زمنياً بشكل يعود لبدايات الفتح الإسلامى، والعلاقات التاريخية مع مصر موجودة، إضافة إلى الخطاب السياسى المصرى تجاه موضوع الصراع العربى الإسرائيلى ومحاولة إيجاد حلول تليق بكرامة الفلسطينيين والحفاظ على حقوقهم التاريخية فى أرض فلسطين".
وشدد على "أن حماس تعاملت مع التيار المتشدد بغزة فى البداية بالحكمة والموعظة الحسنة، وأملت أن تكون هناك مراجعات، وأطلقت العنان للكثير من الدعاة والعلماء لانتقاد كوادر كبيرة من هذا التيار، لكن هذه الأمور للأسف لم تجد نفعاً، وهنا جاءت المعاملة الأمنية والمحاكمات، فالقضاء دخل على خط هذه المراجعات ومن تثبت إدانته ونواياه بأعمال ممكن تضر الأمن الفلسطينى أو تسىء للعلاقة مع مصر وتسىء للأمن القومى المصرى لا يمكن التسامح معه، وهناك ملاحقات أمنية مستمرة ومعتقلون كثيرون موجودون تحت أعين الأجهزة الأمنية، وهناك أناس يتم استدعاؤهم من حين لآخر للتحقيق بالتزامهم بالأمن والنظام وألا ينخرطوا فى أى أعمال من الممكن أن تسىء للحالة الأمنية فى مناطق الحدود".
وحول مشاركة القيادى محمد دحلان فى المجلس التشريعى الفلسطينى بغزة لأول مرة منذ 10 سنوات، أوضح يوسف أن مشاركة "دحلان" تؤكد أن هذا التحول فى الموقف الفلسطينى هو توجه حقيقى ونقلة نوعية، ومحاولة لطى صفحات الخلاف التى كانت قائمة بعد أحداث 2007 وما سبقها، وهذا التحول جذرى واستراتيجى فى اتجاه بناء علاقات قائمة على التفاهم والشراكة الوطنية، على الرغم من أن المعظم فى المجلس كانوا خصوماً فى السابق للنائب محمد دحلان، إلا أنه كان هناك حديث مفعم بالأمل والتمنيات فيما يتعلق بدور المجلس التشريعى فى صياغة الخريطة السياسية للمرحلة المقبلة.
وأردف: "سيكون هذا التيار جزءاً حقيقياً فى إدارة الوضع الفلسطينى الداخلى، وفى اتجاه بناء شراكة وطنية تكون فيها فتح وحماس، ركائز أساسية فى هذا المشروع لتخفيف الضغوطات المفروضة على قطاع غزة وخطوة فى اتجاه استكمال مشروع المصالحة مع الطرف الآخر، وهو الرئيس الفلسطينى محمود عباس أبومازن".
وأشار إلى أن "دحلان" يُعد منافساً قوياً لبعض السياسيين في الضفة، فيما يخص مستقبل قيادة السلطة الوطنية الفلسطينية وحركة فتح بشكل عام، موضحاً أنه بانعقاد المجلس التشريعى، والخطاب المسؤول الذى تبناه الجميع أصبح "دحلان" شريكاً وطنياً فى الساحة الفلسطينية.
وأكمل يوسف حديثه بالقول: "أى لغة غير وطنية وغير لغة الشراكة الحقيقية التى نحاول أن نؤسس لها ونبنى من خلالها مجتمعنا الفلسطينى فى قطاع غزة لغة مرفوضة، لم يعد هناك كلام فى قطاع غزة عن كون محمد دحلان قيادياً مفصولاً من عدمه، فهناك من يتخوفون من بروز كاريزما محمد دحلان وما يتعلق بخلافة الرئيس أبومازن، أما بالنسبة لنا فى غزة أؤكد أن دحلان شريك وطنى ويؤدى إلى تخفيف الأوضاع الكارثية والمأساوية فى القطاع، وأعتقد أنه بشكل أو بآخر مثله مثل الآخرين يمر بحالة من المراجعات، فأصبح مخضرماً لم يعد ذلك الشاب الثائر والسلبى تجاه الآخرين، وأيضاً أصبح يتطلع للآخرين كشركاء فى هذا الوطن، والمطلوب أن نضع أيدينا مع بعضنا البعض وأن نبنى ساحتنا الفلسطينية معاً".
وأوضح أن تصريحات "دحلان" الأخيرة تجاه حركة حماس ودفاعه عنها، بعد اتهامها بما خرجت به محكمة العدل الأوروبية، يعبر عن مستوى إنسان مسؤول ينظر لحركة "حماس" على أنها حركة وطنية وليست إرهابية، وهذا كلام يؤدى إلى تحسين الصورة ودرجة القبول لشخصيته فى مستقبل الساحة الوطنية الفلسطينية.
وقال يوسف: "إن إعادة بناء وتشكيل الهيئة الوطنية للتكافل الاجتماعى بمشاركة معظم فصائل العمل الوطنى والإسلامى تمت فعلياً، ووضع النقاط على الحروف أصبح بمثابة منهجية الآن فى هذه اللجنة، وأيضاً هناك اللجنة الإدارية التى ستواصل عملية الإشراف وإعادة الهيكلة فى إدارة شئون قطاع غزة، والتى ربما سيتم التوقيع عليها مع قدوم القيادى الفلسطينى فى حركة فتح سمير المشهراوى خلال الأيام والأسابيع المقبلة، وأيضاً لجنة التكافل التى سيكون لها مجهود فى جمع التبرعات الإنسانية لقطاع غزة، وأيضاً الهيئة الإدارية المختصة بمشروعات كبيرة جداً فى قطاع غزة سيتم التوقيع عليها أيضاً مع قدوم «المشهراوى»، فهناك مشاريع تتعلق بموضوع محطة الكهرباء، وإدارة شئون المعبر من الجانب الفلسطينى بالتنسيق مع مصر، وموضوع خلق مشاريع تنموية لاستثمار الطاقات الموجودة والمعطلة فى غزة، أعتقد أن التفاهمات موجودة وتطبيقها على الأرض قائم".
وأكد يوسف على أن فصائل العمل الوطنى والإسلامى تعمل على تنفيذ التفاهمات التي تم الاتفاق عليها، وأن تتحول إلى تطبيقات على الأرض، وذلك بهدف تسهيل أى إجراءات مستقبلية فيما يتعلق بأن تلتقى كل فصائل العمل الوطنى والإسلامى فى مصر لاستكمال جهود المصالحة والخروج بتفاهمات جديدة فى ترتيب الوضع.
وشدد على أن القاهرة لها "اليد المؤثرة" فى موضوع التفاهمات داخل قطاع غزة وبين فصائل العمل الوطنى والإسلامى، مضيفاً: "أن المسألة الآن أصبحت فى ظل هذا الانفراج فى العلاقة مع التيار الإصلاحى وحضوره الكبير فى غزة، أصبحت المسألة ربما أسهل أن ترعاها مصر وأن تصل إلى تفاهمات حقيقية واتفاق فعلى بين فصائل العمل الوطنى والإسلامى، وبغض النظر عن سواء شارك التيار المحسوب على أبومازن أم لم يشارك".
ونوه يوسف، إلى أن الفصائل "الجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية وحركة الجهاد" جاهزون لأى مصالحة يمكن أن ترعاها القاهرة برعاية مصرية للتوصل إلى شراكة حقيقية، من أجل ترتيب كافة الأوضاع المستقبلية.
المصدر: "الوطن" المصرية