يضغط الرئيس الفلسطيني محمود عباس "ابو مازن"، بكل قوته من اجل اتمام عقد جلسة للمجلس الوطني الفلسطيني في شهر أيلول القادم ، قبل زيارته السنوية للامم المتحدة وقبل موعد الخطاب السنوي في نيويورك . ويصبو أبو مازن الى التسلح بورقة داخلية قوية تساهم في التغطية على الانقسام السياسي المستمر مع حركة حماس ، والانقسام الجغرافي مع قطاع غزة . بعد أن حاصر الاحتلال القدس بجدار اسمنتي وطرد القيادات الفلسطينية منها .
لم يعد خافيا أن الادارة الامريكية غارقة في مشاكلها الداخلية، وان ترامب فقد ثقة الجمهور في احدث استطلاعات الرأي وأن طواقمه التي عبثت باصول العمل السياسي تتورط في التحقيق وتتهافت على الاستقالات كما لم يحدث من قبل، وبالتالي فان اسرائيل التي تغرق في تحقيقات الفساد ستحاول قدر الامكان تحميل ملفاتها على شاشة الفلسطينيين ، ما يعني موت سريري للعملية السياسية وان الاشهر القادمة صعبة وتقطع الأنفاس .
زيارة الملك الاردني عبدالله الثاني الى رام الله ولقاء الرئيس عباس ، هو لقاء الجرحى . الجريح الملك يلتقي مع الجريح الرئيس ، وهما اللذان تعرضا لغدر الاحزاب الصهيونية وواجها مؤامرة نتانياهو لسرقة المسجد الاقصى . ويدرسان الان كيفية التوصل لخط دفاع مشترك ( بعد انشغال مصر والسعودية وقطر وتركيا وايران والامارات بملفات اخرى ) ، خط دفاع يمنع انهيار الاوضاع من جهة ويمنع حكومة المستوطنين من ابتلاع ما تبقى من القدس . وهي مهمة صعبة وتكاد تكون شبه مستحيلة من دون خطة استراتيجية محكمة ، لان حكومة نتانياهو تقوم بتنفيذ مخطط الاستيطان والضم والتهويد جيوسياسيا وبطريقة هسترية . اي ان لقاء رام الله لن يكفي لوقف المخطط الصهويني ، وعلى الملك والرئيس أن يفكرا بخطوات استباقية جريئة جدا وغير مسبوقة ، قرارات تعمل على تغيير الواقعين السياسي والجغرافي في الضفتين .
الملك عبد الله بن الحسين بات الان على قناعة ، ان المخطط الصهيوني الواضح . هو تحميل الاردن مسؤولية 3 مليون فلسطيني في الضفة الغربية من دون أي استحقاقات سياسية . وأن اطماع الاحزاب الصهيونية في الضفة الشرقية لا تقل عن أطماعها في الضفة الغربية . وتحميل مصر مسؤولية قطاع غزة من دون أي اثمان. حتى تنفرد هي بالقدس وتبتلعها . وما التصريحات الحادة والوقحة التي خرجت عن رموز حزب الليكود ضد الملك سوى نزر يسير مما يخطط له الصهاينة .
اما الرئيس الفلسطيني فقد اقتنع اخيرا ان الاحزاب الصهيونية لا تريد أي حل سياسي ، ولا تريد ان تفاوض حول أي ملف نهائي ، وانما تريد أن تسرق المزيد من الوقت لابتلاع القدس وتحويل السلطة الى شركة حراسة للمستوطنات اليهودية التي تتفشى كالسرطان . وبالتالي يحاول الرئيس عباس ان ينقذ ما يمكن انقاذه من المشروع الوطني عن طريق تهديد اسرائيل بـ ( خيار شمشون ) والانتقام من نتانياهو بطريقة لم تتوقعها تل ابيب، عن طريق اعادة الصراع الى المربع الاول وسحب الاعتراف باسرائيل وعودة المطالبة بيافا وحيفا وعسقلان وتحميل الملف الى كمبيوترات الاجيال القادمة لعشرات السنين . وهو أمر يشكل خطرا وجوديا على اسرائيل .
لقاء الجريحين ، لن يكون لتضميد الجراح فقط . وانما سيكون لاعادة التفكير بكل ما جرى في الثلاثين سنة الماضية .. وربما لن يخرج عنه أي تصريح صحفي خاص . ولكنه سيحمل في طياته دلالات خطيرة ، وتستحق التفكير .