هل يصغي بان كي مون للطفلة الفلسطينية نادرة القديري؟!

هاني-حبيب
حجم الخط

31 أيار 2015

قبل حوالي عام ونصف، وتحديداً في 20/11/2013، سلمت الطفلة الفلسطينية نادرة القديري، نائب رئيس المفوض السامي لحقوق الإنسان لدى دولة فلسطين «سول تاكاهاري» رسالة من أطفال فلسطين إلى بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة، وذلك إثر زيارة قامت بها الجمعية الفلسطينية للتطوير والتنمية المجتمعية «عطاء» إلى مقر المفوضية في رام الله، تزامناً مع إحياء الشعب الفلسطيني، وخصوصاً أطفاله، اليوم العالمي للطفل، السيد تاكاهاري وعد بتسليم الرسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، الذي من المتوقع أن يكون قد اطلع على مضمونها المتعلق بعدم احترام الاحتلال الإسرائيلي لحقوق الطفل الفلسطيني، حقوقه بالأمن والحرية واللعب والتعليم والمساواة، جراء عمليات الاعتقالات المتكررة للأطفال وقتلهم واغتيالهم، والحواجز المقامة بين المدن والقرى والمخيمات في الضفة المحتلة، وجدار الفصل العنصري المقام على أراضيها، وحرمان أطفال فلسطين من زيارة الأماكن المقدسة، كالمسجد الأقصى وكنائس العاصمة الفلسطينية، والأهم في هذا السياق، الفصل الإسرائيلي بين الضفة والقطاع.
قبل أيام، تلقى الأمين العام للأمم المتحدة، مسوّدة تقرير رفعته ليلى زروقي، مبعوثته الخاصة لشؤون الأطفال والصراعات المسلحة، تضمن قائمة بالاعتداءات الإسرائيلية على أطفال فلسطين، خاصة في قطاع غزة إثر ثلاث حروب شنتها إسرائيل عليه، الأمر الذي أدى الى تدمير مدارس الأطفال بعد قتل العديد منهم وحرمان الأطفال من أية حقوق، بما في ذلك قيام الجيش الإسرائيلي بتدمير 7 مدارس من التي ترعاها الأمم المتحدة نفسها.. هدف هذا التقرير، تكوين رأي لدى الأمين العام للأمم المتحدة، يدفعه إلى وضع الجيش الإسرائيلي في قائمة الأمم المتحدة الخاصة بانتهاكات حقوق الأطفال التي من المقرر أن تصدر قريباً عن الأمين العام للمنظمة الدولية.
وعلى ضوء توصيات زروقي من خلال تقريرها، كانت هناك توجهات لدى أوساط الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بأن تتضمن «القائمة السوداء» الجيش الإسرائيلي غير أن صحيفة «الغارديان» البريطانية أشارت وللمرة الأولى في السابع عشر من آذار الماضي، إلى أن هناك تردداً لدى هذه الأوساط بضم إسرائيل الى القائمة المشار إليها، وان احتمالات إدانة الجيش الإسرائيلي وتضمينه القائمة، ضعيفة للغاية، وذلك وحسب الصحيفة، نتيجة لضغوط هائلة مارستها إسرائيل والولايات المتحدة، لثني الأمين العام عن تبني تقرير زروقي، وتوصياتها بهذا الشأن.
حجة بعض الأصوات القريبة والمؤثرة على بان كيمون، بعدم إدراج إسرائيل في قائمة انتهاك حقوق الطفل، انه لا يقبل أن تنضم إسرائيل إلى قائمة تضم «طالبان» الأفغانية، و»القاعدة» والدولة الإسلامية «داعش» بل حاولت ـ ولا تزال ـ بعض المؤسسات الدولية المساندة لإسرائيل إدراج «حماس» في القائمة بديلاً عن إسرائيل!!
ورغم أن إسرائيل تنفي قيامها بأي ضغط على الأمين العام للأمم المتحدة كي لا يدرج جيشها في قائمة الدول والجيوش والقوى التي تنتهك حقوق الأطفال، إلاّ ان معظم المصادر الإعلامية، خاصة الإسرائيلية يؤكد وجود نشاط ملموس قامت به إسرائيل عبر قنوات مباشرة وغير مباشرة، لإقناع الأمين العام للأمم المتحدة بعدم الإصغاء إلى ما جاء في تقرير ممثلته زروقي، وهناك ـ حسب المصادر الإعلامية ـ تطمينات جدية بأن بان كي مون سيصغي إلى هذه الضغوط بدلاً من الإصغاء للسيدة زروقي، الأمر الذي لا ينطوي فقط على تجاهل ممارسات إسرائيل التي تنتهك حقوق الإنسان الفلسطيني بشكل عام، وأطفال فلسطين على وجه الخصوص، بل فإن عدم إدراج إسرائيل في هذه القائمة، يشكل حكم براءة من جرائمها التي لا تحصى في هذا السياق!
وإذا ما تحقق لإسرائيل تبرئتها من دم الفلسطينيين، وأطفال فلسطين بشكل خاص، من خلال عدم ضمها إلى القائمة السوداء، فإن ذلك سيساعد الدولة العبرية أمام محكمة الجنايات الدولية، في المواجهة القانونية إزاء الشكاوى الفلسطينية بهذا السياق، ومع أن تحقيقات الجنائية الدولية مستقلة عن باقي المؤسسات الحقوقية الدولية، إلاّ أن مثل هذه التبرئة، قد تثير توجهات لدى المحققين الدوليين لدى المحكمة، الشكوك حول مدى ما قامت به إسرائيل من جرائم، تعتبر جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، على ضوء تبرئة الأمين العام للأمم المتحدة ـ إذا حدث ذلك ـ لإسرائيل وعدم وجود ما يتوجب إدراجها إلى القائمة السوداء.
يقال إن هناك أجواءً ساخنة في أوساط ودواوين الأمم المتحدة، حول إدراج إسرائيل في القائمة من عدمه، رغم التوجهات العامة بتجاهل تقرير زروقي، أوساط عديدة تتداخل وتضغط، باتجاهات متباينة، حتى وسائل الإعلام الإسرائيلية والأميركية باتت تغطي هذه المشاورات الساخنة والتعرف على دهاليز صناعة القرار في الأمم المتحدة، الغائب الوحيد عن «هذه السخونة» هو الجانب الرسمي الفلسطيني، الذي يبدو أنه اطمأن إلى تقرير زروقي ولم يكلف نفسه التدخل والضغط عبر كافة الإمكانات المتاحة، للتأثير على قرار الأمين العام للأمم المتحدة، خاصة بعدما تبين أن هناك تدخلات وضغوطا إسرائيلية بهذا الصدد، وخصوصاً بعدما تبين، أن هذه الضغوط لعبت دوراً كبيراً في إعادة توجيه بوصلة القرار الذي من المقرر أن يتخذه الأمين العام بهذا الصدد.. الوقت متأخر، لكن لم يفت بعد!!