"أغْرَبُ الغرباء مَن صار غريباً في وطنه.. سِرُّه عَلَنْ وخوفهُ وَطَن "
********
في أيِّ طيفٍ سوف تفردُ خيمةَ الرّعَويِّ
في هذي السّهولِ ،
أو الجبالِ الشاهقاتِ ؟
وأين تغفو وسطَ هذا القيظِ
والثلجِ الكثيفِ ،
وكيف تخفي سيفَكَ الممدودَ ،
حين تُقَبِّلُ امرأةً تُغنَّي وحدَها
حولَ القطيعِ ..
ومَن سيأتي في الليالي ،
والكلابُ بلا نباحٍ ..
لا مسالكَ للضيوفِ !
وهل يفيضُ حليبُكَ الدُرّيُّ
من بين الأصابعِ ،
في الربيعِ ؟
وربّما تنسى مواويلَ الرحيلِ
على المراعي ،
إنْ تذكَّر قلبُكَ المعقوصُ أعشاشَ الطيورِ !
وسوف تبحثُ عن كلامٍ من هواءٍ ..
أو ستحملُ ماءَكَ النّهريَّ ..
في بعض الجِرار .
***
أنتَ المُؤَقَّتُ والمُقَسَّمُ ،
مثل بطّيخِ المواسمِ ،
في براري الحاكمين !!
وسوف ترقبُكَ الذئابُ إذا خرجتَ
من احتِقانِ مُربَّعِ الصيَّادِ ..
فاكتُبْ ما تشاء ..
فلن ترى ، مثلي ، المجرّاتِ البعيدةَ ..
إنّما تتغيّر الأحوالُ ..
والدّنيا يُداوِلُها الزمانُ ..
و ثمةَ الأحلامُ ..لا تغفو !
ستبقى خلفَ أسلاكِ الحرامِ ،
وثَمَّ كَفٌّ تطرقُ البابَ العنيدَ ،
وإنّني من فوقِ هذه الوَحْشةِ الخرساء ،
في كلِّ الذُّرى الجرداء ..
ألمحُ غيمةً تمتدُّ في كلِّ البلادِ ..
فلا عليكَ ولا عليَّ
ولا على هذا المُشرَّدِ .. إنْ تعثَّرَ بالطريقِ ..
فسوف ينكسرُ الجدار .
***
إذا التقى القلبان ؛
ينكسرُ الصّدى في النّبضِ ،
تعلو رفَّةُ العينين ،
تنغلقُ الشفاهُ على حريرِ الصّمتِ ،
يمشى نهرُ موسيقى إلى الجسدين ،
ترتبكُ الحواسُ
ولا فرار .. ولا فرار ..
فأين تَلقى دولةً للزَّوجِ
والأولادِ
و الجيرانِ ..
في هذا المدار ؟
***
أَوَّبْتَ مثل عواصفِ المطرِ العنيفِ ،
زرعتَ بعضَ حقولِكَ الصفراء
بالورقِ الخفيفِ
وبالحبوبِ
وبعضِ أشتالِ الخضار ..
وأَوْقَدوا كَبْشاً ليومِ العيدِ ،
قاموا ،
واستباحوا آخرَ المِخيال ،
صبّوا ألفَ كأسٍ للأهازيجِ الرّهيفةِ ،
زَوَّجوا بنتَ الإلهِ لسيّد الفرسانِ ،
ناموا .. والوسائدُ من نبيذِ المشمشِ الجبليِّ ،
واجتمعَ الرجالُ ،
وغابَ أكثرُهُم .. هناكَ ،
ولم يعودوا !
أغلقوا وجهَ الحدودِ ..
ولم تزل كلُّ العشيرةِ بالجهاتِ الستِّ ،
والبلدُ المُوَزَّعُ لا يزال مبعثراً في الرّيحِ ..
فاجْمَعْ خيمةَ الأجدادِ ،
وارفَعْ فوقَها جُرْحَ النّبيِّ ،
لكي يعودوا للغناءِ وللدّيار .
ولا تَقُلْ : كيفَ السبيل ؟!
فأنتَ مَنْ فتحَ السماءَ
على مصاريعِ النجومِ ،
وأنتَ مَنْ لَبسَ الرّياحَ
على قميصِ المُعجزاتِ ،
.. وأنتَ مَن أخذَ القرار !