البلالان ودوامة العنف

thumbgen (34).jpg
حجم الخط

 

مضى إسبوع على دوامة العنف والإشتباكات المسلحة في مخيم عين الحلوة بين جماعتي بلال بدر وبلال العرقوب التكفيريتين من جهة وبين القوات المشتركة التابعة لمنظمة التحرير من جهة أخرى، وأدت إلى سقوط ستة ضحايا وإصابة ما يزيد على الثلاثين جريحا، ونزوح المئات من العائلات من محاور الإشتباكات في حي الطيرة وحي الصحون ومحور السوق والشارع الفوقاني، وحرق وتدمير من العديد المنازل والسيارات والمحال التجارية. فضلا عن تبديد حالة السلم الأهلي في المخيم بشكل منهجي ومقصود. فما ان يتم الإتفاق على وقف إطلاق النار، حتى تعود الإشتباكات مجددا ثانية، حيث تم التوصل حتى الآن لإكثر من أربع مرات لوقف إطلاق النار.

وتأت الإشتباكات في المخيم الفلسطيني الأكبر مع تحقيق الجيش اللبناني، حسب وصف مصادر أمنية لبنانية إنجازات مهمة في جرود عرسال ضد تنظيم الدولة في العراق والشام "داعش" وغيره من الجماعات التكفيرية على الحدود اللبنانية السورية المشتركة. وربط بعض المراقبين ما يجري في المخيم مع إنجازات الجيش اللبناني (وحزب الله) بهدف التشويش على تلك الإنجازات. وإذا كان المرء لا يفصل بين اهداف الجماعات التكفيرية في مختلف الدول العربية وفي المخيمات الفلسطينية في لبنان او في قطاع غزة، لإن اهدافها واحدة وتعمل على تمزيق او زيادة تشرذم وحدة دول وشعوب الأمة العربية لخدمة الأهداف الإسرائيلية والأميركية ومن لف لفهم من الدول العربية والإسلامية المنخرطة في تنفيذ مخطط الشرق الأوسط الكبير او الجديد. والذي تقع في مركزه تصفية وتبديد القضية الفلسطينية وتمدد السيطرة الإسرائيلية على دول الإقليم من باكستان وأفغانستان حتى أقصى الشمال الأفريقي.

وبالعودة لما يجري في المخيم، فإن الملفت للنظر جملة من الملاحظات او المؤشرات الخطيرة، يمكن إثارتها على شاكلة أسئلة لجهات الإختصاص الوطنية، منها: لماذا لم تتمكن القوات المشتركة من تحرير حي الطيرة، وتصفية بؤرتي البلالين (بدر والعرقوب)، مع انها سيطرت على الجزء الأكبر من منطقتي نفوذهما، وباتت على مقربة من منزلي البدرين؟ وكيف إستطاعت جماعات المذكوران آنفا من التصدي للقوات المشتركة؟ ومن اين وصلت الأسلحة لتلك الجماعات التكفيرية والمخيم تقف على مداخله حواجز ودبابات الجيش اللبناني؟ ولماذا رفضت حركة حماس تصفية بؤر الجماعتين؟ ومن هي القوى والجماعات، التي سيطرت على بعض مواقع الشارع التحتاني من المخيم ومنعت قوات حركة فتح من المرور لإسناد القوى المشتبكة مع جماعتي البلالين؟ وإلى متى ستبقى مهزلة الجماعات التكفيرية تقض مضاجع أهل المخيم؟ وهل بوقف إطلاق نار جديد، على فرض انه ثبت، يمكن الرهان على خروج المخيم من إنفجار الإشتباكات مجددا بعد اسبوع او شهر؟ وما هو الحل الجذري لإزمة المخيم (المخيمات الفلسطينية)؟

الأسئلة عديدة، وبعضها يتكرر مع كل إشتباك جديد، والإجابات قد تكون، هي ذاتها، والنتيجة ان المعنيين لم يستخلصوا الدروس والعبر. لم يتعلموا مما جرى. وفي كل مرة يحاولوا تجريب سلوك توجه ما، او إستخدام شخص جديد على رأس القوة المشتركة، لا يملك الأهلية، او يفتقد للقدرة على مواجهة التحديات، او قد يكون متورط تحت اي عنوان مع القوى المضادة لمنظمة التحرير. هناك لغز ما يفترض ان يحل. وعلى القوات المشتركة التابعة للمنظمة وضع حد نهائي لما يجري داخل المخيم، والتخلص من كل البؤر التكفيرية، وفضح وتعرية حركة حماس ومن لف لفها في المخيم، والتشهير بهم، لإنهم يعملوا بشكل منهجي على تصفية الوجود الفلسطيني من المخيمات، ودفعهم للهجرة إلى دول لجوء جديدة، وهذا يتقاطع مع الإعلان مؤخراعن مخطط ، تعمل وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين على تنفيذه على صلة عميقة بعملية الترانسفير القديمة الجديدة. وبالتالي يفترض حماية الوجود الفلسطيني من خلال تطهير المخيمات جميعا وفي مقدمتها مخيم عين الحلوة من تلك الجماعات التكفيرية، وقطع الطريق على تصفية القضية الفلسطينية، لاسما وان هناك تكامل بين ما يجري في لبنان وغزة والضفة عموما والقدس خصوصا.