هل سيطحن المجلس الوطني الماء؟!

رامي مهداوي.jpg
حجم الخط

مادة حديث الشارع الفلسطيني هذه الأيام هي انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني، البعض يعلق آمالاً أكثر من اللازم، والبعض يتناول الموضوع بحالة من السخرية السياسية دون آمال أو أحلام. وفي الحالتين وقعنا في الفخ، لأن من يعلق الآمال الكثيرة هم من الطبقة المثقفة القريبة من المطبخ السياسي، وحسب وجهة نظري فهم قاموا بتضليل الشارع الفلسطيني بما تحمله الكلمة من معنى. أما المجموعة الساخرة فهم من المثقفين الذين اعتزلوا الملعب السياسي وأصبحوا غير مكترثين بأي فعل كان بسبب حالة الإحباط والتكلس في كافة مناحي الحياة الذي تعيشه القضية، وبالتالي لا فعل نقدياً أو استنهاضياً للواقع!!
ساذج من يعتقد أن الحلول السحرية ستولد مع انعقاد المجلس الوطني، وساذج أيضاً من يعتقد أن المحيط الإقليمي يهتم بقضيتنا طالما بقي وضعنا الداخلي يهرول إلى الخلف وسط تنامي الانقسامات والخلافات السياسية. أقولها بكل إيمان: إن أساس العلّة يكمن في شخصنة القرارات في كافة ألوان المطابخ السياسية التي تهدف تعزيز المصالح الذاتية.
الوضع الفلسطيني لن يستقيم بعد انعقاد المجلس الوطني؛ بل على العكس تماماً من الممكن يؤدي إلى تشرذم حالات الانقسام المتزايدة بين الفصائل أو الفصيل الواحد، والمبكي هو حالة العقم التي تعيشها بعض عقول القيادات التقليدية التي تطالب بتشكيل حكومة وحدة وطنية، فهي لا تعرف الخروج من الأزمة إلا من خلال المحاصصة وتقسيم بقايا الكعكة المبعثرة!
ما هو مطلوب إذن وبشكل فوري حتى لا يطحن المجلس الوطني الماء؟ إنعاش الحياة الديمقراطية بكل أشكالها: من حرية الرأي والتعبير مروراً بحرية حق التنظيم وحرية تكوين الأحزاب والتجمعات السياسية واستقلالها. وصولاً إلى إجراء الانتخابات من مقعد الرئاسة إلى مقعد التشريعي والأهم هو ضخ دماء جديدة في كافة هيئات ومكونات منظمة التحرير الفلسطينية على أسس وأهداف وبرنامج يوافق عليه الكل الفلسطيني.
ذلك لن يتم دون:
أولاً: تحطيم العقلية الرجعية المحافظة في النظام السياسي التي تقول دائماً: إن الواقع الآن استثنائي ويجب عدم إحداث أي فعل تجديدي! على أساس أن هناك فترات معينة كانت أوضاعنا غير استثنائية!
ثانياً: استنهاض الفصائل ذاتها وضخ دماء جديدة في عروقها وإعادة النظر في أدبياتها وقراءة نقدية لذاتها.
لهذا على المجلس الوطني، حتى لا يكون انعقاده القادم الانعقاد الأخير، عدم إغلاق أذنيه لصوت الشارع الفلسطيني، وإلاّ ستكون العواقب وخيمة أكثر من الواقع الحالي، ما سيؤدي إلى دفع الشعب الفلسطيني ثمن فاتورة طحن المجلس الوطني للماء!!