كوشنر فشل في فرض إملاءاته فلسطينياً

thumbgen (26).jpg
حجم الخط

 

«لا خبر لا تشفية..لا حامض حلو لا شربات». هذا المثل المغنى ينطبق على جولة الوفد الأمريكي برئاسة كوشنر صهر الرئيس ترامب الذي جاب المنطقة ولم يحقق نتائج لأنه جاء لتهريب الوقت وإقناع الفلسطينيين بما ينفي وجودهم ويكرس الاستيطان، وتفادى في كل أحاديثه نطق عبارة حل الدولتين، فلماذا جاء الوفد! هل جاء لإقناع العرب بأن التطبيع بداية الحل وأن وقف الاستيطان ليس ضرورياً وبأن ائتلاف نتنياهو سيتفكك إذا أوقف الاستيطان؟ أو أن حكومة نتنياهو ستنهار إذا نطق نتنياهو بحل الدولتين؟ والسؤال هو لماذا جاء الوفد أصلا؟ هل جاء لإجبار الجانب الفلسطيني على عقد لقاء رئاسي بين السفير«الإسرائيلي» في «تل أبيب» فريدمان في عمان بدلا من رام الله حيث رفضت الرئاسة الفلسطينية من قبل مقابلة السفير المعروف بتطرفه الاستيطاني وارتباطه بالجماعات الاستيطانية والأحزاب اليمينية. فالسفير «الإسرائيلي» معروف بأنه ما زال يحاول نقل السفارة إلى القدس ويرفض قرار حكومته بعدم النقل وأصر على السكن في القدس وكأنه يريد إقامة سفارة أمريكية هناك رغم أنف رئيسه ترامب. وهل التنازلات الفلسطينية وغض الطرف عن استمرار الاستيطان هي عنوان استئناف المفاوضات؟ فلقاء السفير فهمه الفلسطينيون وكأنه إشارة أمريكية بأنهم خاضعون لولاية «إسرائيلية» دائمة وأن السفير الأمريكي في «تل أبيب» هو الذي يمثل واشنطن وليس القنصل الأمريكي في القدس المحتلة.
لا جدوى من مفاوضات كهذه طالما أن اليمين الأمريكي المتمثل بسفيره فريدمان ومبعوثه كوشنر والمبعوث غرينبلات تتطابق وجهات نظرهم ومواقفهم مع اليمين «الإسرائيلي» الحاكم، فالتفاوض بهذه شروط ومع أناس كلهم يهود من المعسكر الاستيطاني هو عملياً استسلام نهائي ولا يوجد أي فلسطيني مستعد لقبول هكذا وضع. كان نتنياهو يوهم إدارة أوباما أن حكومته ستنهار إن أوقف الاستيطان أو اعترف بحل الدولتين، واتخذ الأمريكيون هذا المبرر لتضييع جولات جون كيري وتفريغها من مضمونها حتى أنه اضطر إلى مشاورة جنرالات «إسرائيليين» في كل طرح للحل مع الجانب الفلسطيني وكأنه ينقل أفكارهم ويتبناها ولهذا فشلت كل جهوده لأنه كان يتحدث بلسان «الإسرائيليين» وليس الأمريكيين.
فاليمين «الإسرائيلي» يرى في اليمين المتنامي في واشنطن نصيراً له مع أنه يعلم أن اليمين المتطرف لا يفرق بين يهودي ومسلم. فاليمين الأمريكي المهيمن في ثنايا البيت الأبيض يعبر عن نفسه بشكل فاقع في موفدي ترامب المؤيدين للاستيطان والذين يتفادون نطق كلمة حل الدولتين، لكن تجليات اليمين الجديد تتماهى مع اليمين النازي الذي يتبنى فكرة تفوق العرق الأبيض وهي الفكرة نفسها التي يعتنقها اليمين «الإسرائيلي» الذي يؤمن بتفوق العرق اليهودي ويرفض فكرة إقامة دولة فلسطينية ويرفض حتى الدولة ثنائية القومية لأن الغلبة فيها ستكون للعرب لاحقا فهو يريد دولة تحافظ على ما يسميه نقاء الشعب اليهودي.
جولة الوفد الأمريكي كان مقرراً لها أن تفشل لأنها تحمل إملاءات، فالرئيس الفلسطيني كرر رفضه وقف مخصصات أسر الشهداء والأسرى الفلسطينيين مع أنه يعلم أن الكونغرس يعد قانوناً لسحب الاعتراف بمنظمة التحرير ووقف المساعدات عن الفلسطينيين وأبلغهم أنه لن يقدم على الخطوة أبدا لأنها تخص الآلاف من الأسر، ولأن الإرهابيين اليهود ما زالوا يتقاضون رواتبهم من الحكومة «الإسرائيلية» أيضا. وبالطبع كرر رفضه استئناف المفاوضات دون الاعتراف بحل الدولتين ودون جدول زمني لهذه المفاوضات ودون وقف الاستيطان. فالمناخ الذي خلقته حكومة اليمين «الإسرائيلي» بات طارداً للسلام والتفاوض. فعلى ماذا سيتفاوض الفلسطينيون إذا لم يكن أساس المفاوضات حق قيام الدولة وحدودها وقضايا الحل النهائي؟!
عن الخليج الاماراتية