02 حزيران 2015
أمامنا حالة في أعقابها لا يستطيع أحد الادعاء بجدية أي من الادعاءات التالية: أ. أن إسرائيل دولة قانون. ب. أن الحكم في مناطق الاحتلال لا يشكل استبدادا عسكريا. ج. أنه لا يوجد في إسرائيل اعتقالات سياسية. د. أنه توجد لمنظومة المحاكم العسكرية في «المناطق» علاقة، ولو ضعيفة جداً، بالقانون والقضاء. على ضوء ما قيل آنفا، فإن إسرائيل هي ديمقراطية. هل هذا مبالغ فيه. أحيانا تكفي حالة واحدة من أجل الإثبات.
عضو البرلمان الفلسطيني، خالدة جرار، توجد منذ شهرين في المعتقل – هذا ليس شائعة. في البداية قامت إسرائيل بنفيها مدة سنة الى أريحا، ورفضت جرار الاعتراف بسلطات النافي. تراجع الجيش الإسرائيلي. وعندها تم إرسالها إلى الاعتقال الإداري انتقاما لرفضها النفي، حيث دُهش الجيش الإسرائيلي من موجة الاحتجاج الدولية على اعتقال مُشرع بدون محاكمة. تم تكرار تقديمها للمحاكمة. لائحة الاتهام التي تحتوي ليس أقل من 12 بندا يتوجب تعليمها في كليات الحقوق. هكذا يلقون التهم جزافا ويفبركون لوائح اتهام، هكذا تُدار المنظومة التي تتجرأ على تسمية نفسها منظومة القضاء، بـ»قضاة» و»نواب عامين» و»أحكام» و»نقاشات». كلهم يشاركون في هذا الحفل التنكري المضحك. يأخذون بجدية وظائفهم المسلوبة، والنتيجة أمامكم.
جرار ناشطة سياسية قديمة، ماضيها نظيف حتى في نظر سلطات الاحتلال، وقد انتخبت في انتخابات ديمقراطية، وهي تناضل من اجل حقوق النساء وتحرير الأسرى. اتهمت بعدة اتهامات، هذه مسرحية ساخرة، محاكاة هزلية تحترمها أكثر. على ماذا يتهمونها؟ على أنها عارضت الاحتلال، أنها زارت أسيرا محررا، أنها دعت الى تحرير زعيم «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين»، أنها شاركت في معرض كتب وحتى «تمنت سلامة النشطاء ونجاح المعرض»، أنها أجرت مقابلة، أنها ألقت خطابا أو محاضرة، أنها شاركت في مسيرة، وربما مرة واحدة، من المشكوك فيه حتى حسب لائحة الاتهام أنها حرضت على خطف جنود من اجل تحرير أسرى. 12 بندا من العار لمن كتبوا لائحة الاتهام – لائحة الاتهام هذه من أكثر الوثائق القانونية تعرضا للاستهزاء، التي كتبت هنا، حتى على أيدي الجهاز القضائي العسكري. ليس لأن لائحة الاتهام لا تفرق بين «الجبهة الشعبية» وبين الجبهة الشعبية – القيادة العامة، التي يؤدي فيها القاضي التحية لنائب عام أعلى منه في الرتبة العسكرية، وكلاهما من لابسي القبعات المنسوجة، وربما أيضا مستوطنان – بالصدفة كما هو مفهوم، هي لا تؤثر على وجهة نظرهم مطلقا، كما أنها لا تؤثر مطلقا على أدائهم. جهاز القضاء لا يهتم بترجمة أقوال القاضي للمتهمة، ويؤخر فيه القاضي تنفيذ قراره بإطلاق سراحها بـ 72 ساعة، ثم ويحولونها بطريقة ما الى أسبوع آخر من الاعتقال.
أيضا نهاية هذا الأسبوع قضتها جرار في المعتقل. بعد أن اعترف القاضي العسكري بتفاهة لائحة الاتهام وأمر بإطلاق سراحها بالكفالة استأنف المدعي العام. وافقت المحكمة على الاستئناف وأمرت بإبقائها في المعتقل الى حين انتهاء الإجراءات. عرفت المحكمة لماذا تعالج قرار القاضي، الرائد حاييم بلالتي: الجيش الإسرائيلي أعلن أنه اذا أمرت المحكمة بإطلاق سراحها فإنها سترسل الى الاعتقال الإداري. سلطة القانون.
برلمانية نسائية، مُشرعة وطنية، حازمة وشجاعة، توجد في المعتقل عبثا – وكأنه لم يحدث شيء. حفنة من أعضاء الكنيست من اليسار الحقيقي زاروها أو تحدثوا بشأنها، وغيرهم صمت. رئيس الكنيست لم يهز العالم، ومثله المنظمات النسوية وأغلبية وسائل الإعلام.
سيأتي يوم و(ربما) يتم سؤالهم: أين كنتم عندما تعفنت جرار في السجن؟ ماذا فعلتم في حينه؟ هل فهمتم أنه بصمتكم المخزي ساعدتم على تحويل إسرائيل الى دولة اعتقال سياسي – اليوم جرار وغداً أنتم؟
عن «هآرتس»