اكثر من 350 طفلا لا زالوا خلف قضبان سجون الاحتلال خلت منهم الحارات والشوارع والازقة والمحلات وحركة الفجر الذي يستيقظ على شقاوة الاولاد.
ان حملات الاعتقال الجماعية والواسعة في صفوف القاصرين اصبحت سياسة ومنهجا وجزء من استراتيجية اسرائيل وعدوانها على الطفولة الفلسطينية والمجتمع الفلسطيني، بهدف تدمير الحياة والمستقبل والعائلة والاحلام الحاضرة والقادمة في الواقع الفلسطيني المشتبك يوميا مع اطول احتلال في التاريخ المعاصر.
ولعلّ الحكايات الكثيرة المزدحمة بالرعب والفزع والصدمات والشهادات التي تفيض الما من قبل الاطفال وما يتعرضون له منذ لحظة اعتقالهم واقتيادهم الى مراكز التحقيق والمعسكرات تجعل الامين العام للأمم المتحدة الذي وصل فلسطين ان يقف طويلا طويلا امام دولة اسرائيل التي تحارب الاطفال وتعتدي عليهم قتلا واعداما واعتقالا.
ربما يشعر الامين العام للأمم المتحدة بالعار الانساني والدولي وبالفضحية المجلجلة بسبب انتهاك اسرائيل كسلطة احتلال وعضو في الامم المتحدة لكل الشرائع الانسانية والدولية ولقرارات الامم المتحدة نفسها، ربما يتغير برنامج زيارته ويطلب اللقاء مع الاطفال الاسرى في سجني عوفر ومجدو، وربما يستطيع ان يخفف ما تعرضت له ارواحهم من تعذيب وتنكيل ومعاملة مهينة ، وربما يعود سريعا لطلب اجتماع عاجل للأمم المتحدة لمناقشة استباحة اسرائيل كسلطة محتلة لحقوق اطفال فلسطين.
أجا العيد .. تعالي روحيني، هي كلمات اصغر اسير إداري يقبع في سجون الاحتلال، الطفل نور كايد فايق عيسى، سكان بلدة عناتا قضاء القدس 16 سنة، والذي جدد له الاعتقال الاداري للمرة الثانية ، يقولها لوالدته عندما قامت بزيارته ، غير مستوعب ان عيد الاضحى قد جاء بدون ان يكون في البيت، دون ان يجري ويلعب ويشتري الملابس الجديدة والالعاب.
أجا العيد .. تعالي روحيني، مطلب بسيط عميق من طفل محشور خلف جدران السجون، صوت اطفال حرموا من طفولتهم ومن اشراقة وجوههم وبسماتهم الجميلة في ايام العيد، فكيف يكون العيد دون اطفال يحلقون باجنحتهم في المكان ؟ يطيرون رغم السياج والحصار والجدران والحواجز ، يخلقون لأنفسهم سماء أخرى ويرفرفون.
الاسير الطفل نور عيسى يعتقد انه في العيد يجب ان يعود الى امه المتحسرة الباكية، ويعتقد ان ملابس العيد والحلويات الكثيرة وشراء الالعاب والبلالين تنتظره في البيت، لينطلق ويركض في براري طفولته الجميلة ككل اطفال العالم، كأنه لا يرى سجانين وقيود واقفال وزنازين وكلابا بوليسية ، هو لا يراهم ، يرى حياته حرّة مفتوحة على المدى وكتاب المدرسة
أجا العيد .. تعالي روحيني، صوت طفل فلسطيني ينشد الانعتاق والخلاص من عذاب السجن، لا صوت الرصاص والقنابل وزعيق الجنود المقنعين الذي يقتحمون البيوت ويغتالون نعاس ونوم الاطفال، صوت طفل بريء يحلم ان يجلس تحت شجرة، ان يرى بحرا وشمسا ويغازل قمرا ويلاحق نجمة شاردة.
أجا العيد .. تعالي روحيني، صوت طفل في سجون الاحتلال، اعتقل دون تهمة او محاكمة عادلة، لا يعرف متى يفرح بالعيد او متى يعود الى احضان امه لينام على وسادتها بأمان ودون خوف، صوت اعلى من صوت الفاشية والعنصرية الاسرائيلية وهذا التطرف الذي يرى في كل طفل شيطان وقنبلة موقوتة.
أجا العيد .. تعالي روحيني، صوت طفل فلسطيني ، لا صوت المدرسة الدينية الاسرائيلية التي تربي الاطفال ليكونوا جنودا في المعسكرات يقدسون الحرب ويكرهون الآخرين ، مستعدون دائما للقتال ، ليصبحوا إما محاربين او سجانين مجردين من انسانيتهم مشبعين بالنزعة العسكرتارية.
أجا العيد .. تعالي روحيني، صوت طفل فلسطيني يريد ان يغني وان يطلق نشيد مدرسته الصباحي، ان يكون على مقعد المدرسة، لا صوت وزارة المعارف الاسرائيلية التي تسمى وزارة الخنق، لأنها تغلق العقول وتنتهج سياسة غير إنسانية تجاه تربية اولاد اليهود.
أجا العيد .. تعالي روحيني، صوت طفل فلسطيني يحذر من استمرار الاعتقالات في صفوف الاطفال، اعتقالات تعسفية غير قانوينة، يفتح الابواب المغلقة على اطفال جرحى اصيبوا بالرصاص الحي، وعلى اطفال تعرضوا للضرب والجلد والصعقات الكهربائية والشبح والعزل والاهانات خلال اعتقالهم واستجوابهم ، وعلى اطفال اعتقلوا بسبب تغريداتهم الصغيرة على مواقع التواصل الاجتماعي، اطفال اعتقلوا في الليل المظلم ، ودعسوا على اجسادهم ببساطيرهم وأحذيتهم ذات النعل الحديدية.
أجا العيد .. تعالي روحيني، صوت طفل كفيل ان يجعل الضمير الانساني يرتجف امام مشاهد اعتقال القاصرين والاعتداء عليهم بطرق وحشية وزجهم في سجون لا تصلح للحياة الآدمية، وتعرضهم لمحاكمات جائرة لا صلة لها بالعدالة الكونية.
أجا العيد .. تعالي روحيني، نداء مدوي من الاطفال المعتقلين يقول ان الاسرى غائبون عن العقل السياسي الاسرائيلي ، لا يظهرون الا اشباحا مهانين مجردين من آدميتهم ، يعيشون خلف الف مؤبد وعتمة، يتعرضون لشتى انواع الانتهاكات التي تعبر عن السقوط الاخلاقي الكبير لدولة اسرائيل المحتلة.
أجا العيد .. تعالي روحيني
صوت يشعل الحناجر
يخرج من البرد والظلمة القارسة
يرفع يديه في وجه السجانين
صرخة على الساحة الدامسة
اجا العيد ،كل عام وانتم بخير
دقت الساعة الخامسة