إبقاء السلطة على حكم ذاتي كامل

صحيفة القدس: واشنطن تعد ورقة خارطة طريق لا يتضمن "حل الدولتين"

حل الدولتين.jpg
حجم الخط

أكدت مصادر مطلعة في واشنطن لصحيفة "القدس"، على أنّ الولايات المتحدة الأميركية تعد "ورقة خارطة طريق"، ستطرحها على الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي قريبًا، تتضمن الأفكار والمقترحات الأميركية بشأن عملية التسوية.

وذكرت المصادر، أن المقترحات تشكل "خلاصة" الجولات التي قام بها مستشاري الرئيس الأمريكي دونالد ترامب جاريد كوشنر وجيسون غرينبلات، وحصيلة المحادثات التي أجرياها مع الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي والأطراف العربية في أغسطس الماضي.

وعلمت الصحيفة، أن إدارة ترمب تتجه نحو تبني وجهة نظر رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ومواقفه بالكامل، وهو ما يتضح من الأفكار والمقترحات التي تتضمنها الورقة، حيث أن "أقصى" ما تقترحه الولايات المتحدة على الجانب الفلسطيني في المرحلة الحالية، هو "حكم ذاتي كامل، وليس حلّ الدولتين".

وينص "حل الدولتين" على انسحاب "إسرائيل" إلى حدود العام 1967 مع تبادل الأراضي، واعتبار شرقي القدس عاصمة للدولة الفلسطينية المقترحة، وهي المواقف التي يتبناها المجتمع الدولي منذ عقود.

ولفتت المصادر إلى أن خيار "حل الدولتين" لم يعد مقبولًا لدى الإدارة الأميركية الحالية-الموالية لـ "إسرائيل"-التي لا تريد مواجهة نتنياهو بأي حال من الأحوال وستطلب من الطرف الفلسطيني إظهار الليونة بحجة أن ظروفهم الداخلية والأوضاع الإقليمية لا تسمح لتنازلات.

وأفادت المصادر -المقربة من البيت الأبيض-أن الورقة الأميركية تتوقع من "إسرائيل" تقديم بعض التنازلات من ضمنها تسليم أجزاء من مناطق "ج" و "ب" إلى الجانب الفلسطيني، ومنحهم تسهيلات اقتصادية ملموسة لصرفهم عن السياسة.

بالإضافة إلى اعتبار مناطق محيط القدس، مثل أبو ديس، بديلا عن إنهاء احتلال شرقي القدس بكاملها، بما فيها البلدة القديمة، والأحياء الفلسطينية حولها، التي ستبقى-بحسب الأفكار الأميركية-تحت السيادة الإسرائيلية، كما يصر نتنياهو، رغم أن ذلك يتنافى مع كل المواقف العربية والعالمية وقرارات الشرعية الدولية.

من جهته، قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب في مؤتمره الصحفي المشترك مع أمير الكويت صباح الأحمد الجابر الصباح، في البيت الأبيض، أمس الجمعة، إنه يبذل الجهد البالغ لتحقيق "سلام فلسطيني إسرائيلي" وأنه أوفد "فريقًا موهوبًا" بمن فيهم السفير الأميركي في "تل أبيب" ديفيد فريدمان.

يذكر أن كل من صهر الرئيس جاريد كوشنير، والمبعوث جيسون غرينبلات والسفير الأميركي لدى "إسرائيل"، دافيد فريدمان، معروفون بتأييدهم المطلق لـ "إسرائيل" وللاستيطان، وهم من "يقفون وراء إعداد هذه الورقة".

كما وأوضحت المصادر للصحيفة، أن الإدارة الأميركية تعتقد أنها تستطيع الضغط على الفلسطينيين لقبول مقترحاتها عبر ما يسمى "الحل الإقليمي" الذي تحدث عنه ترمب في مناسبات كثيرة، "مستعينة بحلفائها العرب".

وبدورها، نفت الناطقة باسم الخارجية الأميركية هيذر ناورت الخميس الماضي، أن تكون الولايات المتحدة قد غيّرت من سياستها السابقة.

وقالت ناورت معقبة على وصف السفير الأميركي في "تل أبيب" دافيد فريدمان الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية بـ "المزعوم": "إن موقفنا لم يتغير وأن التصريح لا يمثل تغييرًا في السياسة الأميركية".

وكان فريدمان قد أشار بوصف الوضع في الأراضي الفلسطينية على أنه "احتلال مزعوم"، في خرق واضح لسياسة الولايات المتحدة الخارجية والرأي العام الدولي.

يشار إلى أن الوضع القانوني لاحتلال "إسرائيل" للضفة الغربية والقدس المحتلتين معترف به من قبل الأمم المتحدة ومعظم الدول ومن جانب سلطات الاحتلال نفسها، عبر استخدامها مؤسسات مثل المحاكم العسكرية لمحاكمة الفلسطينيين هناك.

كما تشير إدارة الولايات المتحدة نفسها بشكل لا لبس فيه إلى "الأراضي المحتلة" في تقاريرها الخاصة، بما في ذلك تقرير حقوق الإنسان في وقت سابق من هذا العام.

من جهة أخرى، علمت الصحيفة أن معظم دول الاتحاد الأوروبي، وبالذات ألمانيا وبريطانيا، تعارض هذه الأفكار الأميركية بشدة وتنظر إليها بقلق بالغ، وتعتبرها تراجعًا خطيرًا سيؤدي إلى تفجير الأوضاع المحتقنة، وإسدال الستار على جهود "السلام" وليس إطلاقها.

ويرى صناع القرار في أوروبا أن من الأفضل لواشنطن عدم طرح شيء على أن تطرح مثل هذه المقترحات التي تشكل تراجعًا خطيرًا في المواقف الأميركية.

ولفتت المصادر الأوروبية إلى أن تبني الشق الأمني (وليس السياسي)، سيؤدي من وجهة نظرهم، إلى تدهور خطير في الأوضاع الأمنية، لا تحتمله المنطقة الآن، وربما يشكل ذلك الضربة القاضية للسلطة، التي سينتج عن انهيارها "فراغ سياسي خطير".

كما أفادت بأنه لا توجد أي دولة عربية أو خليجية توافق على السير مع هذا الطرح الأميركي، أو القبول به، خاصة أن الحد الأدنى المقبول عربيًا أو إقليميًا هو "عملية سلام" على أساس مبادرة السلام العربية التي تضمنت الكثير من التنازلات أصلًا.

يذكر أن قيادة السلطة تؤكد مرارًا على أن أي حل للقضية الفلسطينية يجب أن يقوم على أساس إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 بما فيها شرقي القدس المحتلة وإقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة عاصمتها القدس المحتلة.

كما يؤكدون على إمكانية الحديث عن تعديلات طفيفة على الحدود ضمن مبدأ التبادل المتساوي للأراضي وباتفاق الطرفين، وإيجاد حل لقضية اللاجئين الفلسطينيين على أساس قرارات الشرعية الدولية، خاصة القرار 194.

وتنص "مبادرة السلام العربية" على استعداد الدول العربية لتطبيع علاقاتها مع "إسرائيل" إذا ما انسحبت من الأراضي المحتلة منذ عام 1967 مع دعمها لإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها شرقي القدس.