أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب حالة الكارثة الطبيعية في ولاية فلوريدا، في إجراء يتيح لهذه الولاية الجنوبية التي قال انه سيزورها "قريبا جدا" الاستفادة من مساعدات فدرالية إضافية، لمواجهة تداعيات الإعصار الضخم "ايرما"، الذي بدأ باجتياحها تصاحبه رياح عاتية، وأمطار غزيرة، رغم أن قوته تراجعت إلى الدرجة الثانية.
وعصر يوم أمس الأحد، بدأ "ايرما" كإعصار ضخم من الدرجة الثالثة (على سلم تصاعدي من خمس درجات) باجتياح ارخبيل كيز في أقصى جنوب شبه جزيرة فلوريدا، مع رياح عاتية وصلت سرعتها إلى 215 كيلومتر في الساعة، موقعا حصيلة أولية ثلاثة قتلى في حوادث مرورية.
ونقلا عن وكالة "فرانس برس"، في الساعة( 19,35) بتوقيت غرينيتش، دخل "ايرما" مجددا البر الأميركي من سواحل ماركو آيلاند في غرب الولاية، ترافقه رياح سرعتها 185 كلم/ساعة، ولكن ما هي الا ساعة ونصف حتى تراجعت قوته في الساعة 21,00 ت غ من الدرجة الثالثة الى الدرجة الثانية، وتراجعت سرعة الرياح المصاحبة الى 175 كلم/ساعة، بحسب الأرصاد الجوية الأميركية.
وقالت هيئة الأرصاد الجوية في نشرة أصدرتها في الساعة( 21,00) بتوقيت غرينيتش، ان عين الاعصار المدمر تقع على بعد حوالى 10 كلم شمال مدينة "نايبلز" الساحلية، وان "ايرما" يتقدم باتجاه الشمال بسرعة 22 كلم/ساعة، محذرة من أن الرياح المصاحبة للإعصار ما زالت خطرة، وأنها تتوقع ايضا حدوث فيضانات خطرة.
وأوضحت الهيئة، أن الرياح العاتية البالغة سرعتها 175 كلم/ساعة تعصف بمنطقة شاسعة هي عبارة عن دائرة مركزها عين الاعصار، وشعاعها 130 كلم، في حين ان المناطق المحيطة بهذه الدائرة والواقعة ضمن مسافة 350 كلم من مركز الاعصار ستعصف بها رياح عاصفة استوائية.
وأضافت أن الاعصار الضخم يتقدم بسرعة بطيئة في عمق الولايات المتحدة، متجها نحو شمال فلوريدا، وجنوب غرب فلوريدا، التي يتوقع أن يبلغها عصر اليوم الاثنين.
وفي واشنطن، عقد ترامب اجتماعا، ضم مسؤولين في أجهزة الأمن الداخلي، وإدارة الحالات الطارئة، أعلن في اعقابه حالة الكارثة الطبيعية في فلوريدا، مؤكدا انه سيزور الولاية المنكوبة "قريبا جدا".
وقالت الرئاسة الاميركية في بيان، إن إعلان حالة الكارثة الطبيعية في فلوريدا سيتيح للولاية الاستفادة من تمويل فدرالي يتضمن "منحا لتوفير سكن مؤقت، واصلاح المنازل، وقروضا بفوائد متدنية، لتغطية خسائر العقارات غير المؤمنة، وبرامج أخرى لمساعدة الأفراد، ومالكي المؤسسات على النهوض من تداعيات الكارثة".
ومع تقدم الإعصار في عمق اراضي الولاية، تكشفت الأضرار التي خلفها في المناطق الساحلية، التي اجتاحها حيث أدت رياحه العاتية، وأمطاره الفيضانية الى إسقاط رافعات بناء، وتحويل شوارع الى أنهار، وحرمان ملايين السكان من الكهرباء.
ومساء يوم أمس الأحد، وصل الإعصار الى مقربة من "فورت مايرز"، المقصد السياحي الرئيسي في جنوب غرب فلوريدا، تصاحبه رياح تصل سرعتها الى 170 كلم/ساعة.
وبحسب شركة الكهرباء "فلوريدا باور اند لايت"، فإن الإعصار أدى الى قطع التيار الكهرباء عن ثلاثة ملايين شخص في أنحاء فلوريدا، مشيرة الى انها "اغلقت بأمان" أحد المفاعلين النوويين اللذين تشغلهما.
اما في "ارخبيل كيز" الواقع في أقصى جنوب الولاية، والذي غادرته الغالبية العظمى من سكانه، باستثناء حفنة قليلة تحدّت قرار الاخلاء الإجباري، واضطرت للاحتماء في أقبية منازلها، فأدت رياح الإعصار الى قطع الحبال في مرسى المراكب، واقتلاع أشجار النخيل، وتقطيع اسلاك الكهرباء في هذه السلسلة من الجزر الشهيرة، بأنها "مقصد لمحبي هوايتي الصيد والغوص".
وبعدما أوقع 25 قتيلا في جزر الكاريبي، وخلّف أضرارا مادية هائلة، حصد "ايرما" يوم أمس، أولى ضحاياه في فلوريدا، حيث قتل ثلاثة أشخاص في جنوب الولاية، وغربها، في حوادث سيارات، تسببت بها على الأرجح الرياح العاتية، والأمطار الغزيرة.
وقال ارنولد لانييه قائد الشرطة في كونتية هاردي، إن شرطية قتلت الأحد في حادث مروري قرب مدينة ساراسوتا على الشاطئ الغربي لولاية فلوريدا، كما قتل سائق السيارة الثانية التي صدمت سيارة الشرطية.
وأضاف أن الشرطية "عملت طوال الليل في مركز إيواء، وكانت عائدة إلى منزلها".
وقتل سائق سيارة أخرى السبت، عندما اصطدمت سيارته بشجرة قرب "كي ويست" في جزر كيز، وهي المنطقة الأولى في فلوريدا التي ضربها الإعصار.
ووصفت "ماغي هويز" إحدى سكان جزيرة كي هافن ما شاهدته من نافذة بيتها "اقتلعت السفن من الرصيف، وسوّيت أشجار النخيل بالأرض، وتوشك أسلاك الكهرباء أن تُقطع".
وأضافت عاملة الإنقاذ هذه في اتصال هاتفي مع شبكة "سي أن أن" أنه "يستحيل الخروج من المنزل الآن، لا يمكن لأحد أن يقاوم الرياح التي أراها من النافذة".
وقد أصدرت السلطات أوامر للسكان بإخلاء منازلهم، لكن عددا منهم اختار أن يبقى رغم خطر البقاء في هذه المنطقة المنخفضة جدا، والتي يحيط بها البحر من ثلاث جهات.
وسبق أن شهدت هذه الجزر إعصارا مدمرا قبل 57 عاما بالتمام والكمال، في العاشر من ايلول من العام 1960.
وقبل أن يصل الإعصار إلى فلوريدا، دمّر جزرا عدة في الكاريبي موقعا 25 قتيلا، عشرة بينهم في الجهة الفرنسية من جزيرة سان مارتان، التي سيتوجه إليها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الثلاثاء، واثنان في الجهة الهولندية من الجزيرة نفسها، بالإضافة الى أربعة في الجزر الأميركية العذراء، وستة في الجزر البريطانية العذراء، وأرخبيل أنغويلا واثنان في بورتوريكو، وقتيل واحد في باربودا.