04 حزيران 2015
في الثمانينيات كان ايهود منور يكتب لملحق نهاية الاسبوع في صحيفة «دافار». في كل اربعاء، في منتصف النهار تقريبا، كان يأتي الى أسرة التحرير ومقاله في يده. في احدى المرات جاء ووضع على طاولتي صفحة واحدة مع سطور قصيرة. «هذه قصيدة»، قال: «اذا رأيتِ انها غير ملائمة للصحيفة فلا تنشريها». وفي نهاية ذاك الاسبوع نشرت قصيدة «ليس لديّ بلاد اخرى» في رأس الملحق.
لماذا أكتب عن ذلك؟ ثمة ايام قاسية وايام سيئة كانت ولا تزال لنا كثير مثلها. ولكن هل كانت لنا ايام بائسة وكريهة كهذه الايام، حين تبدو الحكومة والكنيست كدائرة المساحة يفحصان «الحقيبة» الاكبر، وحين «يرون النهاية» من دار الحكومة في القدس (وشكرا لافرايم سيدون، موتي كرشنباوم وب. ميخائيل، كُتّاب النقد بهذا الاسم) نهاية احتمال العيش الطبيعي؟ انتم تعرفون الحقائق والادلة. وهي تنشر كل يوم وكل ساعة. تملأ عواميد الاخبار، النشرات والملاحق، وتعرض تسلسلا زمنيا للبؤس والملل.
وفي هذه الاثناء، في اليسار وفي الوسط، يتباحثون: كيف حصل هذا؟ اين اختفى التحول؟ ويواسون أنفسهم بالاستنتاج بان المشاكل الاساس للمجتمع الاسرائيلي تعزز حكم نتنياهو، واعطته ولاية رابعة وربما ستعطيه خامسة ايضا. «في نظر معظم الجمهور»، يكتب زئيف شترنهل («هآرتس»، 29/5)، «يفضل نظام استعماري على المواجهة مع المستوطنات، والطبقات الفقيرة تضحي طوعا بمصالحها الاقتصادية على مذبح التفوق القومي». وعليه، «فاذا لم تجتز طبقة القيادة الحالية للوسط – اليسار ثورة ثقافية وفكرية عميقة، فلن تكون أهمية حقيقية لمسألة من يحكم هنا».
خطأ. مسألة من يحكم في اسرائيل دراماتيكية وحرجة. اذا ما وعندما ستكون لاسرائيل قيادة تضع في رأس سلم الاولويات انهاء الاحتلال، رغم كل المصاعب، فان اسرائيل والفلسطينيين سيتوصلون الى تسوية. بمعنى، ان التحول اللازم هو تحول في القيادة. تغيير قيادة الوسط – اليسار.
ولنقل أقوالا واضحة: الوسط – اليسار لن يعود الى الحكم بلا قيادة قابلة للانتخاب، يمكن لزعمائها أن ينتخبوا (المصداقية، القوة، التجربة، الاستقامة الشخصية والثقافة) ويشكل الكتلة الكبرى في الكنيست؛ قيادة تعرض خططا مفصلة لتغيير سلم الاولويات الوطني، وخطة سياسية واضحة؛ وليس أقل أهمية، التخطيط منذ الان لمعارضة مشتركة لكتل الوسط – اليسار، تكون اساسا للائتلاف الذي ستتشكل منه حكومة اسرائيل القادمة.
ولماذا ينبغي عمل ذلك الان؟ كي ينظموا أنفسهم. من اجل وقف الشقاق ووقف النزاع فيما بينهم. كي تتمكن القيادة من أن تعرض على الجمهور مواقفها، وكي يعترف الجمهور بقدراتها، وليس في خمس دقائق تناسب نتنياهو. وفضلا عن ذلك، هل يعرف أحد ما متى ستجرى الانتخابات القادمة؟
هل مثل هذه الخطوة ممكنة؟ هرتسوغ ولبيد وعدا بعد الانتخابات بان «سأكون رئيس الوزراء القادم». لبيد من جهته روى بانه بدأ باعداد البنية التحتية للحكومة القادمة، «لهذا فانا ساسافر الى الولايات المتحدة، الاسبوع القادم، لعقد لقاءات سياسية. علينا ان نحقق المصالح السياسة للدولة، لان الحكومة لا تفعل ذلك». وان لم يكن هذا باعثا على الشفقة فانه باعث على الضحك.
كلاهما لم يتعلما شيئا من الاخطاء والترهات التي ارتكباها وقالاها. ولكننا نحن، المقترعين، لا ينبغي أن نكون رهائن في ايدي الزعماء الذين يرون في فشلهم انجازا كبيرا.
في الصيف الماضي ناشدت هنا رون خولدائي ويوفال ديسكن ان «يسخنا نفسيهما على الخطوط». حان الوقت ليجتازاها. ان لم يكن الآن، فلن يكون.
عن «هآرتس»