بإمكانك أن تقول إنها فتاوى «أكل عيش» بامتياز.. تلك الفتاوى التى يكون موضوعها الجنس. آخرها فتوى الدكتور صبرى عبدالرؤوف الأستاذ بجامعة الأزهر التى أجاز فيها مضاجعة الزوجة الميتة للتو، وحديث الدكتورة سعاد صالح عن بعض الفقهاء الذين أجازوا معاشرة البهائم. من المعلوم أن الدكتور «عبدالرؤوف» والدكتورة «سعاد» ينتميان إلى جامعة الأزهر. والأرجح أن كلامهما له أصل فى كتب الفقه، وقد تكون تلك الفتاوى أو الأحكام مما يدرس لطلاب العلوم الدينية بالجامعة العريقة، وهو مكمن من مكامن الخطورة فى مناهج الأزهر يصح أن يكون موضع اهتمام ومراجعة من القائمين على أمره. دع هذه المسألة جانباً، وتعال نحاول أن نفهم أسباب وتداعيات مثل هذا اللغو على من يسمعه.
يوجد لدينا نوع من الدعاة يصح أن نطلق عليه «دعاة الفضائيات»، تمثل كاميرا التليفزيون، وأحياناً ميكروفونات الإذاعة، عشقهم الأول والأخير، وتمثل مصدراً أساسياً من مصادر «أكل عيشهم». بعض هؤلاء الدعاة حقق ثروات «مهولة» مكنته فى مراحل لاحقة من إطلاق قنوات فضائية «ملاكى» خاصة به وحده، ولعلك تعرضت ذات مرة لواحدة منها. الدكتور صبرى عبدالرؤوف، وكذا الدكتورة سعاد صالح، من الوجوه المعروفة لدى مشاهدى الفضائيات. فمنذ سنوات طويلة وهما ضيفان دائمان على البرامج التليفزيونية، ربما تكون الأضواء قد انحسرت عنهما بعض الشىء خلال السنوات الأخيرة، فاندفعا إلى هذا اللغو والكلام السفيه الذى يصعب أن يتردد على لسان إنسان طبيعى، فما بالنا إذا كان أستاذاً متخصصاً، ربما كان الهدف الدخول إلى دائرة الأضواء من جديد، وخلق المزيد من الطلب عليهما. لعلك تعلم أن فتاوى مضاجعة الزوجة الميتة للتو والزوجة المستحاضة والدمى وغير ذلك تروج إلى حد ما على ألسنة بعض الدعاة السلفيين. أحد النواب السلفيين أيام برلمان الإخوان (2012) تقدم بمشروع قانون لمجلس الشعب يجيز للزوج مضاجعة الزوجة الميتة تواً لمدة ست ساعات، ثم دفنها، وآخر خرج يبيح مضاجعة المستحاضة، وأخشى أن أقول إن هذه الآراء والفتاوى العجيبة تؤشر إلى وجود علاقة أساسية بين فكر الجماعات. وكله كما تعلم «أكل عيش».
نحن شعب تحكمه ذهنية التحريم، الأمر الذى يجعل تداعيات هذا اللغو عنيفة عليه. فالحلال والحرام هاجس أساسى من الهواجس التى تحكم عقل المصريين. الدكتور صبرى عبدالرؤوف يتحدث بصورة شبه يومية على إذاعة القرآن الكريم، وهى خدمة تحظى بانتشارية كبيرة بين المصريين، كما أن الفضائيات أصبحت تصل إلى كل بيت فى مصر، والناس تتأثر بما تسمع وتشاهد. والسؤال ما معنى أن يكون الجنس موضوعاً للفتاوى الدينية بهذه الطريقة الشاذة؟. لو أنك استرجعت فيلم الأرض للمخرج الراحل يوسف شاهين فستجد أنه عالج فى أحد مشاهده موضوع «مضاجعة البهائم»، عندما هم «دياب» بالحمارة فصفعه أخوه محمد أفندى، وزجره. هكذا عالجت الدراما السينمائية هذا الشذوذ، فى وقت تخرج فيه أستاذة أزهرية لتتحدث عن إجازة مضاجعة البهائم. أما الدكتور صبرى عبدالرؤوف الذى لم يجد مشكلة فى الحديث عن مضاجعة الميتة فقد نسى أن الله تعالى حرم أكل الميتة. هل يحرم الله أكلها فى البهائم، ويحل مضاجعتها فى جسد ميت؟
ما هذا العبث؟!
عن الوطن المصرية