يصادف يوم غد الجمعة، الذكرى السادسة والثلاثين لصدور الأمر العسكري رقم( 947) الصادر عن وزارة الحرب الإسرائيلية، والذي بموجبه تم إنشاء ما تسمى بـ"الإدارة المدنية"، لتمارس صلاحيات واسعة وقمعية بحق المواطنين في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967.
فقد صدر أمر إنشاء الإدارة المذكورة يوم 22 أيلول/سبتمبر /1981، والإدارة المدنية هي هيئة حكم إسرائيلية تعمل في الضفة الغربية، وتعد تعد جزءاً من كيان أكبر يعرف بمكتب تنسيق الحكومة في المناطق، وهي وحدة تتبع أيضا وزارة الجيش الإسرائيلية.
وبموجب إعلان المبادئ الموقع بين منظمة التحرير الفلسطينية وحكومة الاحتلال (اتفاق أوسلو) مطلوب من إسرائيل وقف نشاطات "الإدارة الأمنية" في الأراضي الفلسطينية، واقتصر دورها في البداية عن متابعات تخص المواطنين في المنطقة المصنفة ( ج ) من الضفة الغربية وبالتنسيق مع الحكومة الفلسطينية، ضمن المرحلة الانتقالية التي كان يفترض أن تنتهي عام 1999م.
وسرعان ما انقلبت إسرائيل على "أوسلو" بتنفيذ ما أسمته "عملية السور الواقي" عام 2002م، والذي بموجبه أعادت سلطات الاحتلال احتلال المدن في الضفة الغربية، لتعود "الإدارة المدنية" بشكل مضطرد إلى أنشطتها العدوانية والعنصرية، لتعيد إلى الذاكرة ما كان عليه الحال قبل إقامة السلطة الوطنية الفلسطينية.
وعلى مدار السنوات الأخيرة ارتبط اسم "الإدارة المدنية" بهدم شبكات الري والبنية التحتية وتدمير أجهزة انتاج الطاقة الشمسية ومصادرة معدات زراعية وجرارات في الأغوار، وفي أجزاء من محافظة أريحا، وفي المناطق الواقعة ضمن مخطط (إي 1) الاستيطاني، وبمطاردة البدو كما حصل مع عرب الجهالين وغيرهم.
كما قد ارتبط اسم هذه الإدارة بتمرير المخططات الاستيطانية الضخمة للاحتلال، و"تشريعها" فوق الأراضي الفلسطينية المحتلة إما من خلال إصدار أوامر عسكرية، أو تشجيع سن قوانين عنصرية.
وأثارت ممارسات هذه الإدارة الحكومة الفلسطينية أكثر من مرة، والتي ناقشت الأمر بشكل مفصل في اجتماعها الأسبوعي يوم الخامس عشر من آب 2017 في مدينة رام الله، برئاسة رامي الحمد الله.
وقالت الحكومة في بيان رسمي صدر بختام اجتماعها في حينه: إن "إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، مستمرة وبشكل منهجي وواسع النطاق في العمل على تعزيز احتلالها الاستعماري في أرض دولة فلسطين".
وأوضح مجلس الوزراء، أن اسرائيل تعمل على تقويض عمل السلطة الوطنية الفلسطينية من خلال مجموعة من الممارسات والإجراءات والسياسات غير الشرعية، لا سيما الخطة التي تم إعدادها مؤخرا لمضاعفة عدد العاملين "المدنيين في الإدارة المدنية" لسلطة الاحتلال التي كان من المفترض حلها منذ سنوات حسب الاتفاقيات الموقعة، وإظهارها كجهاز مدني، وتوسيع نشاط وصلاحيات هذه الإدارة الاحتلالية، ومحاولاتها المرفوضة لفتح قنوات اتصال مباشرة مع المواطنين الفلسطينيين ورجال الأعمال.
وأكد المجلس أن "الإدارة المدنية" ما هي إلا الذراع الرئيسي للاحتلال الإسرائيلي، الذي يعمل على تعزيز سلطته وسيطرته على الضفة الغربية المحتلة، والتحكم في كل مناحي الحياة، ويعمل على تضييق سبل العيش لشعبنا الفلسطيني في أنحاء الضفة الغربية كافة، وترسيخ النظام الاستعماري من خلال منظومة الاستيطان غير الشرعي.
وأشار المجلس إلى أن هذه الخطوات هي إلغاء إسرائيلي واضح لاتفاق أوسلو، وتخليها وتراجعها من طرف واحد عن الاتفاقيات الموقعة، وهذا يرتب مسؤوليات على الدول الراعية لهذه الاتفاقيات.
وطالب المجلس المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته تجاه ما تقوم به إسرائيل، من إفشال للجهود الدولية لتحقيق السلام في المنطقة من خلال إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، لا ترسيخه من خلال إدارات مدنية وعسكرية، بالإضافة الى ضرورة العمل على إرغام إسرائيل على الالتزام بقرارات الشرعية الدولية، والإقرار بحقوق الشعب الفلسطينية غير القابلة للتصرف، وتمكين شعبنا من تجسيد سيادته واستقلاله، في دولته الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وأكد مجلس الوزراء، أن الحكومة بالتنسيق مع القيادة الفلسطينية ستدرس كافة الخيارات في التعامل مع هذه التطورات المرفوضة، داعيا إسرائيل، إلى حل "الإدارة المدنية"، والبدء بإجراءات جدية من أجل الوصول إلى اتفاق سلام قائم على حل الدولتين تعيشان جنبا إلى جنب بأمن وسلام، استنادا إلى قرارات الأمم المتحدة، ومرجعيات عملية السلام.