بقلم : محمود سلامة سعد الريفي
جاءت حكومة التوافق الوطني قبل عام ونتاج اتفاق اعتبر في حينه تاريخياً..!
وهذا من شأنه ان بث الامل الحذر لدى المواطن الفلسطيني خاصة في قطاع غزة بانتهاء حقبة من انقسام بغيض وترك المجال الى خياله الواسع وراح يرسم صورة للبلد بعد انتهاء الانقسام وعودة الحياة الى طبيعتها ...
مجلس تشريعي يقر قوانين لصالح الوطن والمواطن يراعى فيها اوضاعها المأساوية وحكومة تتابع امور مواطنيها وتسهر على راحتهم ليلاً ونهاراً وعلى مدار الساعة, ومعابر فتحت ابوابها على مصراعيها وحصار جائر اصبح من الماضي العتيق ودخول لمئات من اصناف المواد الخام والسلع و البضائع التي كانت ممنوعة تعود من جديد لتدخل في الصناعة و الانتاج وبالتالي الاف من العاطلين سيتحسن دخلهم وتعم البلد نهضة صناعية و انتاجية وازدهار في كل مناحي الحياة واعادة اعمار على الطراز الحديث و استبدال البيوت القديمة بجديدة ومشاريع استثمارية وناطحات سحاب !!..
و يكتشف هذا المواطن ذاته ان كل ما تخيله مجرد خيال في لحظة صفاء ذهني شعر حينها بالتفاؤل بمستقبل متغير وفى حقيقة الامر بات المواطن لا يبالي ومصاب بالإحباط وناقم على كل شيء حوله. -غزة تعاني اوضاعا حياتية صعبة صورة الأم وطفلها التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي و هما يبحثان بين القمامة عن بقايا طعام و اشياء اخرى يتم تجميعها لعلهم يستفيدون منها واخريات يتجولن في الشوارع والميادين يتسولون وهي ظاهرة لم تعد تقتصر على بعض الاطفال والصبية وباتت منتشرة بين فئات عمرية مختلفة ولا فرق فيها بين طفل ورجل او صبية وامرأة وهذا المشهد اليومي يؤشر الى واقع صعب تعيشه وان كان من بينهم من يأخذها مهنة تضر عليه مال وما يسبب الضيق وعدم الرضا عجوزٌ على عكازها تتشح بالسواد وتمشي خطوات متثاقلة تتجه نحوك تطلب منك مد يد العون والمساعدة لها وما ان تتأملها تشعر بصدق مطلبها وحاجتها للمال كان الى الاجدر لهذه العجوز ان تجلس في بيتها تستظل من حرارة الشمس اللاهبة ويأتيها من يطرق بابها يعطيها ما يسد حاجتها من الطعام والمال من بيت مال المسلمين .....!
- في غزة بذريعة الانقسام وغياب سيطرة حكومة التوافق على المنفذ البري الوحيد مع مصر هنالك آلاف من المواطنين ممن يرغبون في السفر خارج غزة للعودة الى اعمالهم ,والالتحاق بأُسرهم , واستكمال الدراسة ومنهم مرضى بحاجة الى علاج في الخارج طول الانتظار يتهدد حياتهم حتى قضي بعضهم موتاُ وهو ينتظر خبراً مفرحاً , ومتابعاُ بشغف ما يقوله الساسة والناطقين عن مجمل الوضع الفلسطيني وينصت عَل احدهم بعد 80 يوماً لديه خبر عن المعبر وما ان سمعوا اخبار المعبر حتى اصيبوا بالإحباط واليأس يسري من جديد.. -غزة بعد تعرضها لثلاثة اعتداءات همجية هنالك أُسر وعائلات تعيش بلا مأوى او مسكن ..
عذرا يا سادة يوجد مسكن من الصفيح في الحار يكون بمثابة فرن ملتهب لا يحتمل دخوله لحظات ذروة الحر ولا يمكن العيش به لاحتفاظه بالحرارة لساعات طويلة , وفي فصل الشتاء القارس يتجمد فيه الرضع ويداهمهم الموت , ولا يحتمل برودته كبار السن حيث تنعدم في هذه المساكن "الكرافانات" وسائل الراحة وشعور الطمأنينة هؤلاء المواطنون الصامدون المحتسبون من يسكنونها هم الاكثر معاناة بعدما تركوا بيوتهم قسرا واخرون هدمت على رؤوسهم منذ الاعتداء الاول في ديسمبر 2008م-2009م مرورا بعدوان شهر نوفمبر 2012م وحتى آخر عدوان في صيف العام المنصرم 2014م لازال اصحاب البيوت المدمرة يعانون وتزداد مأساتهم مع انعدام أي افق يؤشر على انتهاء معاناتهم واعادة اعمار ما هدمته آلة الحرب الاسرائيلية وهذا يحتاج الى توافق وطني حقيقي ومسؤول يسهل للحكومة بسط سيطرتها على المعابر الحدودية وادخال مواد البناء وهذا ما بقي معطل بعد مرور شهور طويلة على الحرب ومؤتمر اعادة الاعمار الذي تم في القاهرة منتصف اكتوبر من العام الماضي والحديث عن ثمانية شهور لو توفرت فيها ارادة انهاء الانقسام وتغليب المصلحة العليا للوطن والمواطن على حساب المواقف الحزبية والفصائلية الضيقة كان بالإمكان اعادة اعمار ما تم تدميره و هذا ما لم يحدث.
- في غزة جزء من الشعب الفلسطيني الحي سر بقائه رغم الكم الهائل من الازمات و المشاكل والاعباء والهموم هي ارادة البقاء وحب الحياة وعشق غزة بكل حالاتها وظروفها واوضاعها بعد مرور عام ما الذي حققته حكومة التوافق واين هي كعنوان عريض لوحدة شعبنا هكذا كان المواطن يعتقد ويأمل ليكتشف لاحقا ان الانقسام قائماً وموجود و جاثم على صدره ولا ينفك ان يغادر كأنه اصبح لصيق او رديف لواقع مرير يتوجب الوقوف بقوة ومواجهته وبقاءه اثر على دور حكومة التوافق وساهم في تعطيل اداءها وعملها بحرية وفق ما تم الاتفاق عليه في اتفاق الشاطئ يوم 23/4/2014 م وعدم تحقيقها للأهداف التي تم الاتفاق عليها اهمها ملف الانتخابات وملف الاعمار والمعابر الحدودية وملف الموظفين الذين تم تعينهم من قبل حكومة حماس ابان فترة الانقسام وهذا الملف شائك لازال يمثل بند خلافي يمكن التوافق على وضع آليات وحلول مرضية يُمكنها ان تطوي هذا الملف وتفتح مجال امام توافق وطني حقيقي يضع حلولا لقضايا وازمات اخرى كثيرة ملحة ذات اهمية. -غزة بطبيعتها متمردة ثائرة و تحتمل وقوة احتمالها وصبرها لها حدود تفصلها عن بدايات والتمرد على الوقائع و المعطيات رفضا لمشاهد الاحباط والانكسار اليومية التي لم تعدادها على الدوام تشعر بالعزة ولا ترضي الاهانة ولا تسكت على الظلم غزة تعاني بسبب اغلاق معبر رفح البري المتواصل نافذة غزة نحو العالم الخارجي بعيدة عن معابر الاحتلال المغلقة بطبيعتها ,
وبحسب احصائية تم فتح معبر رفح لمدة 5ايام فقط خلال 5شهور وهذا ما فاقم من الاوضاع الانسانية و الحياتية لسكان قطاع غزة مع وجود اعداد كبيرة تعددت15000 مواطن يرغب بالسفر خارج غزة منهم نسبة يصل الى 25%هي بحاجة الى علاج بالخارج والمشافي المصرية وخاصة المصابون بالسرطانات وآخرون تمنعهم قيود واجراءات الاحتلال من المرور الى الضفة الغربية او الداخل المحتل للعلاج وصورة الحاجة يسري الخطيب التي قضت في المعبر اثناء عودتها حاضرة وتُجسد معاناة اهلنا في ذهابهم و ايابهم من خلال معبر رفح البري والذريعة لإغلاقه عدم وجود قوات الرئاسة لاستئناف العمل على مدار الساعة..! مع عدم وجود المصداقية في عمله 24 ساعة تكفينا منها 6ساعات يومياً.! وهذا الامر مرتبط بعمل الحكومة والا سيبقي المعبر مغلقاً والمواطن يعاني دون ادني مسؤولية لراحته وترحاله. - في غزة المواطن لا يعفي احدا من المسؤولية بعدما صُمت اذان من يسمعون وتغافل من يشاهدون بأم اعينهم , وحبسوا السنتهم عن الكلام وهنا مسؤولية الكل الوطني بكافة احزابه و فصائله ومؤسساته وفعالياته كي تتوحد وتحقق مطلب وطني واحد ضروري وهام وعاجل ومُلح ومقدس ينهي الانقسام ويرفع العقبات من امام الحكومة حتى تضطلع بمهامها وتزيل اثار المعاناة عن كاهل المواطن المنهك المتعب المحاط بالقهر وقلة ما في اليد والعمل بوتيرة متسارعة لحل ازمات غزة المتراكمة وتوفير شبكة ضمان اجتماعي لفئات معدومة حقها فى الحياة اسوة بغيرها , وعودة حرس الرئيس للمعبر الوحيد مع مصر حتى لا تتكرر مشاهد الموت والانتظار و الاغلاق , واعادة بناء ما دمره الاحتلال , واعاده صياغة العلاقات الوطنية في البيت الفلسطيني الواحد تحت مظلة الوحدة الوطنية مجسدة روحا و عملا ومضمونا وتحمل المسؤوليات الوطنية الجسام وتوجيه البوصلة نحو عدو مشترك هو المستفيد الحصري من حالة الانقسام ومتنكر لحقوقنا قى ارضنا لا يمكننا تحجيمه و تضيق الخناق عليه و شد وثاقه دون ان نكون موحدين نحو مصالح شعبنا وقضيتنا الفلسطينية وتحقيق حُلم العودة واقامة الدولة وعاصمتها القدس.. دولة تتسع لكل ما هو فلسطيني يعيش فيها حراً طليقاً عزيزا كريماً دون قيود على المعابر, ولا يشكو الفقر و البطالة , يزرع و يأكل من خير بلاده وينعم بالدفء و السكينة والامن و الامان قد اكون مندفعاً نوعاً ما او احلم .. من حقي انا احلم و انت ايضاً احلامنا باتت كوابيس تقلقنا وتقض مضاجعنا هذا ان كنا ننام نوماً طبيعياً.. هذا هو حال غزة الذي لا يخفي علي احد الى متى ستبقى غزة تعاني واسيرة الانقسام ...!!.
سؤال بسيط وغير معقد بحاجة الى اجابة صادقة يا اهل السياسة واصحاب الريادة والسمو والعمامة يا من يهمكم امر الوطن والمواطن كثيرا..!