عن القطاع المصرفي والأمـن الاقـتـصـادي

صلاح هنية.jpg
حجم الخط

بالصدفة المحضة كان حديث الجمع حول المستهلك والبنوك والتشدد الذي يقع لضمان حق البنك أولاً ومن ثم سلامة المعاملات لصالح المستهلك، تنوعت التجارب مع البنوك "ذهبت لصرف شيك بأربعمائة شيكل، فبقيت جالساً 4 ساعات لأنني لم أذهب للفرع الذي سجل فيه حساب مصدر البنك، بل للفرع الفاره بجانب سكني وليس فرع مصدر الشيك"، خبير مالي خرج غاضباً لأنه بقي خمس ساعات في البنك بانتظار فك وديعة وخرج ليلحق موعد مغادرة ابنته من المدرسة دون ان يفك الوديعة، مواطن تقدم بطلب قرض بعشرة آلاف شيكل لم يبق لديه ما يقدمه من ضمانات الا قدمه ليحصل على قرضه، " اريد سحب ثلاثين ألف دولار من حسابي، ممنوع كل يومين خمسة آلاف دولار " ترى كيف سأسدد التزاماتي لأنجز معاملة تصدير فيها التزام للجهات المنتجة في البلد.
عند النقاش مع البنوك والخبراء يستعرضون سلسلة إجراءات جميعها تتعلق بحصانة القطاع المصرفي، وتفسير كل قضية تطرح حجم الارباح يجب ان يقاس على عوائد الاستثمار وليس الرقم مجرداً، عندما تبتاع الأرز والسكر هل يوجد من يرشدك ويوعيك ام انك تأخذ قراراً بنفسك، طب احنا تجار خذ ما يناسبك بنفسك، اقترض بعملة دخلك وليس بغيرها، الشيك مال ويجب ان ندقق به، الضمانات حق للبنك، رفض بعض التسهيلات المصرفية قرار سيادي للبنك.
صباح اليوم الذي تلاه واذا بالعنوان الرئيسي في الصحف " اكبر عملية نصب على بنك في فلسطين "، وليس المهم الخبر، الأهم ما وراء الخبر، الخبير ونصف الخبير والهاوي صنعوا حكايا من اصل الخبر، واشتعلت التعليقات والتحليلات " السؤال حول الأمن الاقتصادي " "السؤال حول سلامة الإجراءات" "حكينا المعاملة تتم على حسب وزن الزبون"  "قلنا يا بنوك لا تصنفونا هذا زبون ذهبي وذاك فضي وذاك برونزي" "قرض شخصي بتعملوا تحري حولنا أيام وليالي".. دفتر شيكات حكاية وقصة " ... واخبط اكبر عملية نصب والمتشدد ضدهم يريدون ان يطمئنوا وهم أصلا لا يوجد لديهم شيء في البنك عندما يصرف الراتب ينظفوا حسابهم ويغادروا مما تبقى لهم من مال، ولكن الأمر حكاية كل مواطن في البلد، ما الذي حدث؟ كيف حدث ذلك؟ سواء من باب الفضول او الحرص على القطاع المصرفي والأمن الاقتصادي او من باب الحسرة على حالنا: هل بقي مال في البلد ام لا؟؟!!!.
طبعا سيتفنن الخبراء والأكاديمون بالتحليل وتقديم المعطيات والمبررات بعيدا عن صلب الواقعة بالنصب وإمكانية تكرارها او وقوع مثيلتها سابقا، وسيكون هناك حديث ألم تسمعوا عن عمليات نصب اكبر واوسع في بقية العالم نحن لسنا أفضل حالاً، لكن أحداً لن يقول إن تلك هي أموالنا خصوصاً متوسطي الدخل ومحدودي الدخل قبل الاثرياء وذوي الدخل المرتفع.
سيقت علينا الحكاية أن الرواتب العالية جداً جداً جداً لتشكل ضمانة لحصافة الإجراءات والمتابعة المهنية العالية، وعندما قيل التعامل مع شرائح ضريبة الدخل ورفعها على ذوي الرواتب والدخول العليا قامت الدنيا ولم تقعد، نحن لا ننام ليلا ولا نهارا وعيوننا مفتوحة في قطاع أعمالنا، وتعبنا وأفنينا زهرة شبابنا للوصول الى ما وصلنا اليه .
انقض الجميع على جمعية حماية المستهلك الفلسطيني عندما احتجت على تحديد الحد الأدنى لرسوم تأمين المركبات والعمال، وكان الشعار الحفاظ على سلامة قطاع التأمين من الانهيار، سبحان الله ان كان هناك شركة او شركتا تأمين لا تستطيع مسايرة المعايير ويتخذ بحقها إجراءات، ولا تحولوا القضية ضد كل المؤمنين لتحموا ذوي الرواتب الخيالية غير القادرين على صيانة وحصانة شركاتهم في قطاع التأمين.
يجب ان يُعاد فحص مفاهيم "الامن الاقتصادي" وفحص "تصنيف البشر في المعاملات البنكية، بحيث لا يظل ذوو الرواتب المنخفضة اقل شأناً" وفحص "آلية التعامل داخل البنوك ومن يذهب الى أقسام ذوي الرواتب الغلابا" وفحص "(التعاطي مع شكاوى محطات الوقود وعدم قبول الشيكل" وفحص "قضايا رسوم المعاملات البنكية التي يتكبدها المستهلك بحيث تصبح الورقة بأغورتين تساوي عشرين شيكلاً".
 ركزوا على حقوق ذوي الرواتب، شددوا الرقابة، وضعوا موقع صندوق الشكاوى في البنوك، حتى نضمن أن يصل صوتنا ويحدث فرق في التعاطي معنا في اليوم التالي، ليس على حساب سلامة الإجراءات المالية.