إنذار أوباما الأخير: إسرائيل ستفقد تأييدها في العالم

obama
حجم الخط

  06 حزيران 2015

أقول لكم شيئا؟ حين شاهدت المقابلة مع الرئيس اوباما في «عوفدا» امتلأت حسداً. لماذا لا يوجد لنا زعماء كهؤلاء، بلا حيل وألاعيب، زعماء يكشفون معتقداتهم دون أن يبرزوا صورا ورسومات؟ كم كان مريحا الاستماع لزعيم لا يصيبني بالخوف بعد كل جملة تخرج من فمه؛ إذ انه لا يعطيني كل الوقت احساسا بأن نهايتنا قريبة.
كما انه لا يشبه على الاطلاق الرئيس ديغول الذي وصفنا «صديقتنا وحليفتنا» ولكنه بين ليلة وضحاها، عشية حرب «الايام الستة» فرض حظر سلاح على اسرائيل، قطع الصداقة الرائعة التي كنا واثقين جدا بها الى الابد، وبعث بنا مباشرة الى حضن «الشرق». كيف لم نفهم بأن الشرق السياسي لفرنسا كان يميل دوما الى العالم العربي.
عندما سألته ايلانا ديان اذا كان يكن في قلبه على نتنياهو ضغينة ما، ولا سيما على سلوكه الشخصي المخجل حين قرر الظهور في الكونغرس، فقد تردد لبضع ثوان. كان واضحاً انه اذا كان في قلبه غضب، فإنه لن يعبر عنه في هذه المقابلة. واكتفى بمثال، قاله بتردد ما: «تصوري انني كنت آتي الى الكنيست دون دعوة، وأتفاوض مع حزب العمل ورئيسه». وبعد ذلك توقف للحظة، ابتسم وانتقل الى الامام. «أفهم بأنك لست «معانقا»، هرعت ايلانا دايان لنجدته.
لم يكن الرئيس مستعدا ليتراجع عن الكلمات الطيبة التي قالها عن بيبي في بداية ولايته. ولكنه كان مستعداً ليضيف بضعة اقوال، ينبغي لكل اسرائيلي ان يستوعبها: المسألة ليست ما تريده أميركا، بل ما ينبغي لاسرائيل أن تفعله لصالحها؛ المسألة هي من يعمل كي يكون لاسرائيل وطن آمن؛ كنت هناك عندما كان ينبغي الحرص على أمن اسرائيل؛ علي ان اقول الحقيقة كما اراها؛ توجد سياسة ثقة وسياسة تخويف. واضاف شيئا مهماً آخر: أتوجه الى الجمهور الاسرائيلي. وبكلمات اخرى: ليس لبيبي.
اوباما ليس ودودا، وهو لا يوزع الابتسامات، ومن الواضح بين السطور انه ليس عاشقا تماما للسمعة السيئة التي يطلقها عليه بيبي في الولايات المتحدة. فهو لن يتصرف مثل ديغول الذي قال في مهرجان مليء بالحماسة لمليون فرنسي جاؤوا لاستقباله في الجزائر «فهمتُكم»، وعندها قام بعكس ما ارادوا واعاد المستوطنين، عفوا، الفرنسيين، الى فرنسا.
من الزاوية الشخصية، العلاقات بين بيبي واوباما في درك اسفل لم يشهد له مثيل في علاقاتنا مع البيت الابيض. ماذا يحصل لنا في اوروبا؟ المقاطعة على انواعها تزحف ببطء الى داخل أميركا ايضا. بدءاً بأوكار المعارضة في الجامعات وحتى الانعطافة البارزة في موقف الاعلام هناك من اسرائيل، بما في ذلك الصحافة المهنية التي ترفض طباعة اعلانات اسرائيل. في هذا الشأن نحن نحفر لانفسنا حفرة. كلما تعمق الانتقاد، سيكون منعه اصعب. هكذا كان في جنوب افريقيا في عهد الابرتهايد. ويذكر الموقع أعلاه ما قاله موظف كبير في حكومة الابرتهاد في أنه لو كان لجنوب افريقيا خمسة ملايين افريقي في أميركا (كعدد اليهود في حينه) لما كان أحد ليقاطعها. وقد اخطأ، ويخطئ كل من يعتقد ذلك. فالمقاطعة الزاحفة على اسرائيل بيبي من شأنها ان تصل الى نقطة تكون كبيرة حتى على سبان وعلى ادلسون.
لا يمكن العيش على التخويف فقط، انتم دولة قامت على قيم حقوق الانسان، امتدحنا الرئيس. وهو يرى في تعطيل ايران النووية اكبر مهامه. دعوني أمرر الاتفاق مع ايران، لأن هذا اتفاق جيد. ومع أن أنهي، اعود الى موضوع التسوية. هذا ما يقوله لنا الرئيس. انا اعطيكم امنا في كل المستويات، ولكن يا رفاق، انتم تفقدون العالم، انتم تفقدون القيم التي تقف من خلف استقلالكم. ليس صعبا على المرء ان يفهم: هذا انذار نهائي لقفازات من حرير.
عن «هآرتس»