تسارع كبير يشهده ملف المصالحة الفلسطينية بين حركتي "فتح" و "حماس" برعاية مصرية، بعد قطيعة دامت أكثر من 10 أعوام، وسط تفاؤل الشارع الفلسطيني بما هو قادم، خاصة مع وصول وفود حكومة التوافق إلى قطاع غزة.
يذكر أن عدداً من الوفود الأمنية والإعلامية وصلت قطاع غزة تمهيداً لوصول وفد حكومة التوافق يوم غدٍ الإثنين، تمهيداً لاستلام مهامها في القطاع، بعد حل حركة "حماس" للجنة الإدارية.
المحلل السياسي محمد دراغمة يرى أن هذا التحرك غير المسبوق في ملف إنهاء الانقسام الفلسطيني والعودة للمصالحة، له أهداف عند ثلاثة أطراف وهي حركتي "حماس" و "فتح" ودولة مصر.
وقال دراغمة في بحث له، إن انهاء الانقسام يبدو مصلحة عليا لحركة فتح والسلطة الفلسطينية والرئيس محمود عباس، لانه يحقق عدد من الأهداف أولها "إنقاذ أهل غزة من الحصار مصلحة عليا للسلطة، فقد أظهرت السنوات العشر السابقة أن السلطة هي الجهة الوحيدة القادرة على فتح قطاع غزة على العالم الخارجي، وتوفير الدعم الدولي والمحلي اللازم للخدمات الأساسية مثل توفير مياه الشرب ومحطات التحلية واقامة محطة لتوليد الطاقة الكهربائية وادارة المعابر مع العالم الخارجي".
وأضاف، "للسلطة مصلحة مركزية في إنهاء الانقسام، بأية صيغة، حتى لو كانت الصيغة اللبنانية، لأن رفع الحصار عن غزة يفتح الطريق أمام الرئيس محمود عباس لتعزيز مكانته السياسية في مواجهة العديد من الجهات المنافسة في القطاع، حيث يعيس مليونا فلسطيني، ومنهم حماس والنائب محمد دحلان وغيرهم، واحتلال مكانة في التاريخ بصفته القائد الذي أنهى انقساماً مدمراً".
وبين دراغمة أن ثاني الأهداف للسلطة من المصالحة هو "الالتفاف على مسار مصالحة بديل يتكون من "حماس" والنائب محمد دحلان، برعاية مصر. ففي حال فشل الجولة، فان المسار الوحيد البديل المتاح هو مسار حماس- دحلان. وفي هذه الحالة فإن من المتوقع أن توفر مصر الرعاية التامة لهذه المسار، وربما تنضم اليها دول خليجية وأوروبية عديدة قلقة من انفجار الوضع الانساني في غزة".
وأكد أنه إذا كانت السلطة ذاهبة الى عملية سياسية، فإن وحدة الضفة والقطاع عنصر مركزي في العملية التفاوضية، لأن المفاوضات ستجري مع قيادة تمثل الفلسطينيين في الضفة وغزة وليس في الضفة لوحدها.
وأوضح أنه "إذا فشلت المفاوضات، فإن من مصلحة السلطة إنهاء الانقسام لأن توحيد الضفة وغزة يشكل عنصراً مهما في إرث الرئيس محمود عباس الذي حدث الانقسام في عهده، والذي لم ينجح برنامجه في إقامة دولة مستقلة من خلال المفاوضات، ولأنه يعزز الموقف الوطني للمرحلة القادمة التي تتسم بنوع من المواجهة".
وتابع، "هذه المصالح العليا للسلطة، لكن هناك مصالح سفلى، تقوم على حسابات مختلفة مثل: انهاء الانقسام سيجعلها تحمل أعباء جديدة، وتتولى فاتورة الخدمات بينما السيطرة على الأرض ستكون في يد حماس، كما أن الشراكة مع حماس ستكون مصدر إزعاج دائم للسلطة التي اعتادت على الحكم بدون شراكة مع أطراف اخرى، وبدون انتخابات وبرلمان وغيرها".
أما على صعيد حركة "حماس" يرى دراغمة أن المصلحة العليا لحماس تكمن في التخلي الكلي والفوري عن الحكم للسلطة، لأنها الجهة الوحيدة القادرة على فتح المعابر مع العالم الخارجي وتوفير الدعم المالي الخارجي والداخلي للخدمات الأساسية التي لن تستطيع "حماس" تقديمها.
وأضاف، "لكن المصالح السلفى لحماس تقوم على حسابات مختلفة من نوع أن استمرار حكم القطاع يتيح للحركة الحفاظ على مصالحها الكبيرة في غزة، فهي تمتلك إمبراطورية عسكرية وأمنية ومالية في القطاع، وفي حال عودة السلطة فإن هذه الامبراطورية ستكون مهددة".
وفي حديثه عن الجانب المصري نوّه رداغمة إلى أن المصالح العليا لمصر تقتضي إنهاء الانقسام، فمصر تحاول العودة إلى لعب دور إقليمي، من البوابة الفلسطينية، بعد تراجع أدوار الأطراف الاقليمية المنافسة، خاصة تركيا وقطر".
ولفت إلى أن مصر تخشى أن تؤدي التفاهمات الأخيرة بين "حماس" والنائب دحلان والتي كان لمصر الدور المركزي فيها، إلى انفصال تدريجي لقطاع غزة عن الضفة، وهي مسؤولية تاريخية لا يمكن لأي نظام حكم في مصر أن يتحملها.
وشدد على أن بعض المصادر الأمريكية تشير إلى نية الرئيس دونالد ترامب التوصل إلى اتفاق سلام اقليمي في المنطقة تلعب فيه مصر دوراً جوهريا. ولا يمكن لمصر أن تلعب دوراً في حل القضية الفلسطينية دون إنهاء خلافاتها مع الرئيس محمود عباس، والمساهمة في إنهاء الانقسام.
وأضاف، "لكن المصالح السفلى لمصر تمكن في مواصلة العمل بموجب التفاهمات المشتركة مع حماس ودحلان في غزة، إرضاء لدولة الامارات العربية وهي داعم كبير لمصر وداعم كبير لهذه التفاهمات، وخصم لدود للرئيس محمود عباس".
واختتم دراغمة، "تغيرت خريطة مصالح حماس والسطة ومصر، وهناك فرصة للتوصل إلى تسويات تحافظ على مصالح مختلف الأطراف، لكن لا نعرف إن تغيرت خريطة النوايا أم لا، فأي طرف من الأطراف الثلاثة يمكنه نسف هذه الجهود في الطريق، والعودة بمليوني فلسطيني في غزة إلى نقطة الصفر".