مؤتمر جودة مواد البناء وحقوق المستهلك

صلاح هنية.jpg
حجم الخط

تفرط فلسطين بمكوناتها كافة بالتعاطي مع الشأن السياسي والمستقبل وتقييم الرؤى للفصائل والقوى والمجتمع المدني، إلا أننا في ائتلاف جمعيات حماية المستهلك الفلسطيني اثرنا أن نخرج كمؤسسة من هذه الدوامة باتجاه آخر هو التركيز على حقوق المستهلك في شؤون حياته كافة سواء الكهرباء، المياه المواصلات، تسجيل وطابو الأراضي، البنوك، التأمين والمطاعم، ففي الأسبوع الماضي ذهبنا باتجاه جودة مواد البناء بشراكة استراتيجية مع عديد المؤسسات العامة والخاصة لشمولية الرؤية ونظاميتها.
رسمنا محاور النقاش بناء على استشارة واستنارة من قبل الشركاء كافة. وفي العادة يشدك كل مستشار صوب هدفه إلا أننا هذه المرة استطعنا أن نوازن بين رؤى الشركاء لأنها متقاطعة، فركزنا على جودة مواد البناء والبنية التحتية لتشمل الباطون الجاهز والإسمنت وحديد البناء والحجر والرخام والأنابيب وشبكات الصرف الصحي، ومن ثم ذهبنا صوب أنظمة المباني لتشمل التمديدات الكهربائية والصرف الصحي والمياه وإنذار الحريق المبكر والإطفاء، وكان لا بد من الإطلال على الصناعة الفلسطينية في الدهانات ومواد البناء والأنابيب للمياه والصرف الصحي واستيراد الإسمنت وتكنولوجيا البناء.
دعونا نقول إن النقاش اشتعل في أعمال المؤتمر باتجاه طرح الحقائق باتجاه الإجماع أن الجميع له دور يجب أن يقوم به ووعي يجب أن يتشكل خصوصا ان إلزامية شهادة الجودة لمصانع الباطون الجاهز لم تقع رغم ان عددها محدود مقارنة بالضبط والربط الذي يقع لأكثر من ألفي محطة بنزين في الوطن، ومقارنة بضبط منافذ بيع السجائر في الوطن. وهناك عشرات الأصناف من الكوابل والأسلاك للتمديدات الكهربائية المستوردة والتي لا تنطبق عليها المواصفة ولا تفحص، وكذا الحال بالأدوات الصحية، ولا يختلف الأمر عند الحديث عن إشهار الأسعار وتفاوت الحساب في محلات مواد البناء بين زبون وآخر وبين محل وآخر بصورة تنعكس ارتفاعا وليس انخفاضا دون رقابة وعقوبة ضد عدم إشهار الأسعار، ومشاكل وجود إسمنت غير مطابق ولم يعالج ألا حين تقديم شكوى من مستورد او تاجر، وحتى استيراد الإسمنت هناك 36 مستوردا، وهناك تعبئة لإسمنت السيلو السائب «ممنوع ملامسته لليد» على انه إسمنت اصلي.
جميع هذه المشاكل وضعت على بساط البحث وفي نهاية الأمر اكتشفنا انه لا يوجد من يراقب ويتابع ويضبط ويعاقب رغم ان قانون الصناعة يلزم وزارة الاقتصاد الوطني بالمراقبة والضبط، وقانون المواصفات والمقاييس يلزم بمتابعة الجودة في السوق ومنع أي صنف غير مطابق من التداول، ووجدنا ان إلزامية الفحص غير قائمة، وعدم التشدد في موضوع بروتوكول إلزامية المهندس المشرف في المباني وهذا يقود صوب جودة المباني بالأساس وغياب المهندس المشرف بمجرد إشهار اسمه على لوحة المشروع بحيث تتساءل مصانع الباطون من يستلم منا الباطون في المشروع إما المقاول في افضل الأحوال وفي غالبيتها عامل غير مختص.
إذاً، غياب الرقابة والعقوبات الرادعة ترك الأمور على غاربها بصورة تنذر بخطر مع استمرار الحال على ما هو عليه، وهذا ليس رأيا قابلا للصواب والخطأ بل هو تحذير علمي من اتحاد البلديات ونقابة المهندسين ومؤسسة المواصفات المقاييس ومصانع الباطون الجاهز وخبراء مواد البناء والباحثين.
الصوت كان مرتفعا بضرورة إطلاق مجلس تنظيم قطاع الإنشاءات والبناء، العودة للتشدد ببروتوكول الإشراف الإلزامي، إنفاذ قانون الصناعة، إنفاذ قانون المواصفات والمقاييس، إلزامية شهادة الجودة لمصانع الباطون الجاهز واعتبارها ميزة لمن يحصل عليها في المشاركة في العطاءات الحكومية والمشاريع العامة ومن لا يحصل لا يتمتع بذات الامتيازات والسائد هو العكس، إشهار الأسعار في مواد البناء، إلزامية فحص التربة، اعتبار أعمال الحفر وإزالة الطمم وعدم الإزعاج وأذونات الصب جزءا من الجودة، مطابقة المخطط الإنشائي مع العناصر الإنشائية وهذا ما ذهبت صوبه بعض البلديات رغم انه ليس اختصاصها.
هذا ملف لن ننفك حتى نصنع فرقا به وسيصار الى رفع توصياته التي هي ملزمة بالقانون وليست اقتراحات لتنفيذها وإلزامية تنفيذها ولن يكون الأمر عملا تطوعيا بعد المؤتمر، يجب أن يطبق قانون الصناعة وقانون المواصفات ودور المختبرات الإنشائية ولماذا يغيب مختبر حكومي إنشائي يقوم بالمتابعة إضافة للمختبرات الخاصة ومختبرات مصانع الباطون الجاهز ذاتها، والتأهيل المهني للعمال حتى نضمن الجودة.