معادلة.. هذه ليست سنة الله ورسوله

التقاط.JPG
حجم الخط

 

انفردت صحيفة "هآرتس" الاسرائيلية قبل ثلاثة ايام بنشر قصة الطفلة من إحدى قرى محافظة الخليل التي باعها أبوها لعربي من بئر السبع بمبلغ عشرة آلاف شيكل ، هكذا تنظر الدوائر الاسرائيلية ، بل تفحص إن كان يمكن اعتبار القضية من ضمن قضايا الاتجار بالبشر ، في حين ننظر اليها ، انها زواج على سنة الله ورسوله ، اسرائيل قامت باعتقال الشاري "الزوج" ، وحولت البضاعة "الزوجة" الى دائرة الاتجار بالبشر .

هذا البيع "الزواج" منتشر ومشتهر بين عرب من الداخل ، وخاصة لدى عكاكيز يحملون الهوية الاسرائيلية ، وبين بنات في مطلع شبابهن وغالبيتهن ما زلن في مراحل الطفولة ، كالطفلة الاخيرة من قرية "الفريديس" التي تبلغ من العمر اربع عشرة سنة ، غالبا ما تتم بشكل سري ومتكتم ، بناء على طلب الشاري لأن القانون الاسرائيلي يمنع الزواج باثنتين ويحدد سن الزواج للمرأة بثماني عشرة سنة .

على مدار ثلاثة اشهر ، منذ لحظة بيعها في بئر السبع ، ظلت هذه الطفلة الزوجة تخطط للهرب من بيت الشاري ، و نجحت في اجتياز المسافة بين المدينتين – الدولتين ، وتجاوزت الحدود ونقاط التفتيش ، ووصلت الى بيت ابيها البائع ، معتقدة انه سيأويها ويغيثها وينتصر لطفولتها الممزقة ، لكنه بدلا من ذلك ، عاقبها بضربها ضربا مبرحا ، وقرر استدعاء الشاري لكي يسترد بضاعته ، فما كان منها الا ان تهرب من البيت الذي نشأت وترعرعت فيه ، لم تكن تعرف انه سيتنكر لها وسيلفظها من جنباته كأنها شيء ما غريب عنه ، وتوجهت هذه المرة الى نقطة حرس حدود ، وبالصدفة فقط ، لم يطلقوا عليها رصاص حقدهم المعتاد ، تحت نفس الذريعة ، "محاولة طعن" .

لم تحظ هذه الطفلة بتغطية صحفية في وسائل اعلامنا على كثرتها وتنوعها ، ربما لأنها كانت منشغلة ومنهمكة بأمور المصالحة الوطنية بين فتح وحماس برعاية المخابرات المصرية ووصول الوفود الى غزة عبر المعبرين ايرز ورفح ، ولكن اين منظمات المرأة وحقوقها ومنظمات الطفولة والأن جي اوز المنتشرة في كل مدينة لتبدد عتمة نهارات هذه الطفلة الحالكة .

شجاعتها في الهرب والاصرار على مواصلته يجب ان يشكل مثارا لاعجاب كل الفتيات اللواتي يتعرضن للضرب من الذكر الذي يتخلص منها ببيعها الى ذكر آخر يقوم باستكمال المهمة . أين الاوسمة التي تغدق على العشرات بدون حساب ؟ ألا تستحق طفلة تتعرض لكل هذا الكم النوعي من الانتهاك الجسدي والجنسي والروحي ، فتتمرد عليه وتنتصر ، ان تحظى بوسام من ذهب ، او حتى من خشب ؟