شدد سياسيون ومختصون في الشأن الفلسطيني على أهمية الاتفاق على برنامج سياسي جامع واستراتيجية وطنية موحدة للكل الفلسطيني.
ودعا هؤلاء، خلال المؤتمر السنوي السادس "فلسطين.. رؤى استراتيجية سياساتية" نظمه المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية (مسارات)، حركتي "فتح" و"حماس" لإطلاق حوار وطني شامل لمناقشة كافة القضايا بما فيها بناء منظمة التحرير والمجلس الوطني، والاتفاق على برنامج سياسي جامع، وتوحيد المؤسسات الفلسطينية، وتشكيل حكومة وحدة وطنية.
وشارك بالمؤتمر الذي عقد بين الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة ممثلون عن الفصائل والقوى الوطنية ومحامون ومختصون بالشأن الفلسطيني، وفلسطينيون من الداخل المحتل، ويستمر على مدار يومين.
وقال مدير مركز "مسارات" في غزة صلاح عبد العاطي، إن المؤتمر يأتي بهدف إحداث مراجعة نقدية شاملة لحال الفلسطينيين في الوطن والشتات.
وأوضح عبد العاطي، أن المؤتمر يأتي مع الأجواء الإيجابية التي بدأتها حركة حماس بحل اللجنة الإدارية، وقدوم حكومة التوافق الوطني إلى غزة، وما رافقه من وساطة مصرية لتحقيق الوحدة الفلسطينية.
وأضاف "نريد أن نعزز هذه الوحدة عبر الاتفاق على مشروع وطني جامع وميثاق وطني جديد واستراتيجية نضالية، وشراكة حقيقية تفتح الأفق أمام شعبنا لاستعادة الوحدة الوطنية على أسس ديمقراطية وتقوي جبهة شعبنا وتعزز حقوقه".
وقال مستشار الرئيس محمود عباس للشؤون الخارجية نبيل شعت، إن الشعب الفلسطيني أحوج اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى الوحدة الوطنية، مشددًا في نفس الوقت على أهمية الانطلاق في لقاءات القاهرة بين حماس وفتح وفق استراتيجية جديدة للوصول إلى الوحدة.
وأضاف شعت "ندرك أن هناك قضايا لا نستطيع إنجازها فورا؛ لكن سنحرص على تحقيق الوحدة مع شعبنا في غزة؛ وندرك كم هم بحاجة ماسة للاحتياجات الأساسية، وسنبذل جهودنا لتحقيقها".
وأكد، على أهمية تمكين الحكومة بشكل كامل في غزة للقيام بدورها المسؤول، داعيًا للعمل على استعادة الديمقراطية عبر الانتخابات الشاملة.
من جانبه، قال القيادي في حركة حماس خليل الحية، إنه "مخطئ من يفكر في إفشال المصالحة الفلسطينية"، مؤكدًا أن حركته ذاهبة إلى الحوار مع حركة فتح في القاهرة "بعقل مفتوح".
وأضاف الحية "لا شيء يقف أمام الاتفاق، لكننا بحاجة لقناعة بالشراكة والعمل بشكل موحد مع بعضنا".
ولفت الحية، إلى ضرورة اغتنام الفرصة بشكل كبير خاصة مع وجود مؤشرات لاستعداد الأطراف الفلسطينية الإيمان بالشراكة.
وذكر، أنه "من الخطأ أن نضع أمام بعضنا قبيل الذهاب لحوار القاهرة ألغاما متفجرة كقضية سلاح المقاومة، مؤكدًا "وجود اتفاق بالنص وُقّع سابقًا حول ذلك".
أما عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية جميل مزهر، فشدد على أهمية إطلاق حوار وطني شامل لمناقشة كافة القضايا الوطنية تشمل إعادة بناء منظمة التحرير والمجلس الوطني، والاتفاق على برنامج سياسي جامع، وتوحيد المؤسسات وتشكيل حكومة وحدة وطنية.
وأكد مزهر، على أهمية إعادة النظر بوظائف السلطة في أي اتفاق فلسطيني مقبل، وإعادة بناء النظام السياسي على أسس وطنية تخلصنا من مظاهر الفساد السياسي والإداري.
وحول محددات الوحدة الوطنية، أوضح أنه يجب الاستناد فيها على وثيقة الوفاق الوطني، وكذلك اتفاق القاهرة عام 2011.
وبيّن مزهر، أن نجاح المصالحة الفلسطينية مرهون بتشكيل كتلة ضغط شعبية لمواجهة كل أشكال الانقسام والفساد، ومواجه جماعة المصالح التي تريد تخريب المصالحة الوطنية.
وأضاف "نحن نريد وحدة وطنية رافعة لمشروعنا، ونحن سعداء أن تسير الأمور بطريق إيجابية؛ لكن نحذر من المحاصصة من تقاسم السلطة، ونقول المطلوب هو الانتقال من الحوار الثنائي لحوار شامل يشارك به الكل الفلسطيني".
بدوره، لفت المحلل السياسي إبراهيم المدهون، إلى أهمية أن تستند الوحدة الوطنية إلى مبدأ التعايش بين البرامج السياسية وتقبل الطرف الآخر، مؤكداً أن الوحدة لا تعني انصهار البرامج ببعضها البعض.
وأوضح المدهون، أن منظمة التحرير كانت فرصة واضحة لإظهار كيان فلسطيني موحدة وحققت اختراقات بتعزيز الهوية وإبراز حقنا؛ إلا أنها في المرحلة الأخيرة لم تتطور وبقيت بهياكل جامدة، ولم تواكب التغيرات الفكرية والسياسية والاجتماعية.
كما وبين، أن الاحتلال الإسرائيلي يعتبر أحد الموانع الرئيسية في تحقيق الوحدة الفلسطينية؛ لأنه يعمل وفق استراتيجية تشتيت الشعب وتفتيت الأراضي الفلسطينية.
وتابع "المصالح الخاصة والفئوية والحزبية تشكّل مانعًا آخر أمام تحقيق الوحدة ونجاحها؛ لذا يجب أن نقف كنخب وقيادات أمام كل المصالح الشخصية، وذلك يحتاج لتحرك جمعي".
وأكد المدهون، على أن السعي لامتلاك برنامج سياسي على أرضية القواسم المشتركة المستندة للثوابت الوطنية، بما يشمل إعادة بناء منظمة التحرير، وعدم تفرد فصيل بالقرار الوطني يعتبر المكون الرئيسي لتحقيق الوحدة الوطنية.
ورفض رئيس القائمة المشتركة في الكنيست الإسرائيلي أيمن عودة المساعي العربية للتطبيع مع الاحتلال، مشدداً على ضرورة إنهاء "إسرائيل" احتلالها للأراضي الفلسطينية.
وشدد عودة، على تمسك الشعب الفلسطيني بالداخل المحتل بأرضه وثوابته ومقدساته، موضحًا أن فلسطينيي الداخل يواجهون تحديات كبيرة من الاحتلال أبرزها التهويد المستمر؛ لكنهم ما زالوا متمسكين بأرضهم.
وعلى صعيد منظمة التحرير، أكد على أنها أولويات وطنية للشعب الفلسطيني، مؤكدًا أهمية إعادة بنائها من جديد لتضم الكل الفلسطيني بما فيهم من في الداخل المحتل.
ولفت، إلى أهمية الاتفاق على برنامج سياسي فلسطيني جامع للكل الوطني، قائلاً "نحن شعب مثل كل الشعوب يوجد اختلاف بين الفصائل السياسية في صالح القضية الفلسطينية وليس ضدها".
وعلى صعيد المفاوضات مع الاحتلال، لفت عودة إلى أهمية إعادة ترتيب أولويات الكل الفلسطيني وهو العمل على إنهاء الاحتلال أولاً ثم الوصول إلى حل عادل للقضية الفلسطينية، بعيداً عن الخوض بمفاوضات جديدة دون الوصول إلى أي حل.
يذكر، أنه من المقرر أن يعقد وفدان قياديان من حركتي فتح وحماس الثلاثاء المقبل لقاءً في العاصمة المصرية لبحث تطبيق تفاصيل اتفاقيات المصالحة الفلسطينية.