نشر مركز واشنطن لدراسات الشرق الأدنى دراسةً جديدة تحت عنوان “جيش الإرهاب التابع لحزب الله: كيفية منع اندلاع حرب ثالثة في لبنان”، تبنّت وجهة النظر "الإسرائيليّة".
فقد رأى ريتشارد دانات، رئيس الأركان السابق للجيش البريطانيّ أنّ “حزب الله” حقق تطورات مهمة في مفاهيمه وقدراته الاستراتيجية منذ حرب لبنان في تموز (يوليو) 2006، ومن الضروري فَهم المخاطر الناجمة لتقييم احتمال وقوع هجوم وطبيعة الردّ الإسرائيليّ الحتمي المضاد.
وفيما يتعلق بالقدرات القتالية البرية، تَطوّر “حزب الله”، فهو الآن أقرب إلى قوّةٍ عسكريّةٍ موحّدةٍ، مع هيكلية وتسلسل واضح للقيادة، وقد ازداد عدد عناصره بشكلٍ هائلٍ، وأصبح يبلغ نحو 25 ألف مقاتل ناشط و20 ألف مقاتل احتياطي، وقد خضع حوالي 5 آلاف جندي ناشط لتدريب متقدم في إيران.
وفي الوقت نفسه، أضاف: توسّعت ترسانة “حزب الله” إلى أكثر من 100 ألف صاروخ وقذيفة، والآلاف منها بعيدة المدى وقد تصل إلى مسافة 250 كيلومتر.
وفي هذا الإطار، يتّم تجهيز القوات البرية الآن ببندقيات كلاشنيكوف من طراز “AK-47″، ونظارات للرؤية الليلية، وأسلحة متقدّمة مضادة للدبابات، ومهارات أعلى في المتفجرات.
وبحسبه، أدرج “حزب الله” في الآونة الأخيرة وحدة دعم جديدة للدروع مع دبابات حديثة. كما أنّه يملك مئات الطائرات بدون طيار، وأنظمة متقدمة للدفاع الجوي، ومنظومات صواريخ جوالة بر- بحر، وقدرات استخبارية كبيرة. وإلى جانب الخبرة القتالية التي اكتسبتها قوات “حزب الله” في سوريّة، فإن هذه التطورات سوف تسمح للحزب بتنفيذ عمليات على مستوى السريات أو الكتائب.
وبالإضافة إلى ذلك، أوضح دانات، لا يزال “حزب الله” الجزء الأهم في استراتيجيّة حرب إيران بالوكالة. وبالتالي، إذا اندلع صراع آخر مع "إسرائيل"، فمن المرجّح أن تدفع طهران وكلاءها الآخرين في جميع أنحاء المنطقة إلى الدفاع عن الحزب.
وفي هذا الصدد، تابع دانات، يتألّف المفهوم الاستراتيجيّ الأساسي لـ”حزب الله” من ثلاثة أجزاء ذات صلة وهي: النشاط المسلح والنشاط العسكريّ التقليديّ والنشاط السياسيّ. ومن بين أمور أخرى، يشير هذا التفاعل إلى أنّ “حزب الله” يقود عمليات من دون أي اعتبار لقوانين الحرب، على الرغم من أنّه أصبح يشبه القوات العسكرية التقليدية.
فعلى سبيل المثال، لم يُظهر أيّ ندمٍ على استخدامه المدنيين كغطاءٍ لعناصره، متعمّدًا تحويل المدنيين غير المقاتلين إلى أهداف. ومع مرور الوقت، حوّل “حزب الله” معظم القرى الشيعية في جنوب لبنان إلى أصول عسكرية توفر البنية التحتية، والتجنيد، والتخزين، وتتيح له الوصول إلى أنفاق تحت الأرض مصمّمة للحرب.
ولذلك، رأى رئيس الأركان البريطانيّ السابق، يتعين على المجتمع الدوليّ أنْ يدرك أنّ “حزب الله” أصبح يشكّل تحديًا كبيرًا، ليس على "إسرائيل" فحسب، بل على الشعب اللبناني أيضًا، لافتًا في الوقت عينه إلى أنّه خلال الحرب القادمة، سيسعى “حزب الله” دون شك إلى إضعاف عزم "إسرائيل" وكسب ميزة تكتيكية من خلال مهاجمة المدنيين والبنية التحتية الحيوية داخل "إسرائيل"، وربما حتى سيسعى أيضًا إلى الاستيلاء على أراضٍ مهمة في محاولة لإثبات مصداقية “المقاومة” أمام العالم العربيّ، وردًّا على ذلك، ستشن "إسرائيل" بالتأكيد هجومًا مضادًا هائلاً من شأنه أنْ يعرّض السكان المدنيين في جنوب لبنان للخطر الشديد، على حدّ تعبيره.
وأخيرًا، في حين يركّز التقرير الأخير لـ”المجموعة العسكرية رفيعة المستوى” على منع نشوب حرب ثالثة، يمكن القول إنّ شرارة الحرب قد اندلعت، إذ يقود كلا الجانبين عملياتٍ متخفيةٍ من مختلف الأشكال ضدّ بعضهما البعض. وفي هذه الحالة، لن يستغرق الأمر الكثير من الوقت للانتقال من حربٍ باردةٍ إلى حربٍ ساخنةٍ، بحسب وصفه.
أمّا كلاوس نومان، رئيس أركان “القوات المسلحة الألمانيّ” السابق فقال إنّه نظرًا إلى القدرات العسكرية المحسّنة لـ”حزب الله”، ورغبته في استهداف المدنيين "الإسرائيليين"، واستراتيجيته في استخدام المدنيين اللبنانيين كدروع بشرية، فإنّ الحرب المقبلة ستكون أسوأ بكثير من الحرب السابقة. وإذا اندلعت، فستترتب عنها عواقب إنسانية وخيمة، وقد تضع المصالح الاستراتيجيّة الغربيّة في خطر.
وتابع قائلاً إنّه تجدر الإشارة إلى أنّ “حزب الله” بصدد التحضير لصراعٍ آخر مع "إسرائيل" لسببين رئيسيين. الأوّل ليس بجديد، فالحزب وراعيه الإيرانيّ يُعارضان الوجود "الإسرائيليّ"، أمّا الثاني فينبع من مشكلة “حزب الله” الأخيرة فيما يتعلّق بشرعيته في لبنان بسبب الخسائر التي تكبّدها في سوريّة.
وفي الوقت الراهن، من المرجّح أنْ تمنع هذه المشكلة الحزب من مهاجمة "إسرائيل"، إذْ لا يريد قادته بدء حرب مكلفة أخرى على الفور، وفي الوقت نفسه، شدّدّ نومان على أنّه من المرجّح أنْ يستغل فرصة شنّ هجوم واحد إذا ما سنحت له الفرصة، لأنّه بذلك سيصقل مصداقيته على المستوى المحليّ.
ومع ذلك، اختتم، يُمكن لمثل هذه الخطوة أنْ تؤدي إلى اندلاع حربٍ شاملةٍ، إذا أدّى أي سوء في التقدير أوْ خلل في سلسلة القيادة على سبيل المثال، إلى هجوم ينتج عنه خسائر مدنية إسرائيليّة فادحة، بحسب أقواله.